العلاج الدوائي للاكتئاب النفسي

اقرأ في هذا المقال


تعمل مضادات الاكتئاب على التقليل من الأعراض التي تصاحب المرض، ذلك من خلال التحكّم بواحد أو أكثر من النواقل العصبية الهامة في الدماغ، يجب التأكيد على ضرورة عدم استعمال هذه الأدوية إلا بوصفة من الطبيب المختص، حيث يجب إخباره بالتاريخ المرضي وأنواع الأدوية أو الأعشاب التي يتناولها المصاب؛ ذلك من أجل الابتعاد عن حدوث التداخلات الدوائية.

مضادات الاكتئاب

يجب التنويه إلى أنّه لا يمكن التنبؤ بشكل قاطع بنوع الدواء الأفضل لعلاج المصاب، حيث يعتمد الأطباء النفسيين غالباً على تجريب الأدوية المعروفة بأنّها الأكثر فاعلية وأمان، لكن بطبيعة الحال يوجد تفاوت محتمل بين الأجسام في الاستجابة للدواء والتأثر بالأعراض الجانبية، لذلك من الممكن أن يجرب الطبيب دواءين أو أكثر خلال الخطة العلاجية؛ حتى يصل بالمصاب لمرحلة الشفاء. من الأمثلة على مضادات الاكتئاب، مضادات الاكتئاب ذات الحلقات الثلاثية، المثبطات التي تعيد امتصاص السيروتونين، مضادات الاكتئاب غير النمطية.

إنّ أدوية علاج الاكتئاب لا تقوم بالإدمان، لكن لا يجب التوقف عن استعمالها إلّا بعد مراجعة الطبيب النفسي؛ ذلك بسبب ارتباط توقف استخدامها بشكل مفاجئ بحدوث آثار سلبية تنتج عن انسحاب الدواء من الجسم، حيث يُنصح المريض بعدم استعجال نتائج العلاج؛ ذلك لأنّ مضادات الاكتئاب تحتاج من أربعة إلى ستّة أسابيع حتى يبدأ مزاج المصاب بالتحسُّن.

أهمية العلاج الدوائي للاكتئاب النفسي

العلاج الدوائي يعد جزءًا أساسيًا في التعامل مع الاكتئاب النفسي، خاصة في الحالات المتوسطة إلى الشديدة. العديد من المرضى يجدون أن الأدوية المضادة للاكتئاب تساعدهم على تنظيم كيمياء الدماغ، مما يسهم في تحسين الحالة المزاجية وتقليل أعراض الاكتئاب مثل اليأس وفقدان الطاقة. يتم وصف الأدوية عادةً من قبل الأطباء النفسيين بعد تقييم شامل لحالة المريض.

أنواع الأدوية المستخدمة في علاج الاكتئاب النفسي

هناك عدة أنواع من الأدوية التي تستخدم في علاج الاكتئاب النفسي، وتختلف فيما بينها من حيث الآلية التي تعمل بها على الدماغ. من أبرز هذه الأنواع:

1. مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)

هذه الفئة من الأدوية تعتبر الأكثر شيوعًا واستخدامًا لعلاج الاكتئاب. تعمل SSRIs على زيادة مستوى السيروتونين في الدماغ، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا في تحسين المزاج. من الأدوية الشهيرة في هذه الفئة:

  • فلوكستين (Fluoxetine).
  • سيرترالين (Sertraline).
  • باروكستين (Paroxetine).

تعتبر SSRIs فعالة ولها آثار جانبية أقل مقارنة بغيرها من الأدوية، مما يجعلها الخيار الأول للكثير من الأطباء.

2. مثبطات استرداد السيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs)

تعمل SNRIs على زيادة كل من السيروتونين والنورأدرينالين في الدماغ، مما يساعد في تحسين المزاج والطاقة. تشمل هذه الفئة الأدوية التالية:

  • فينلافاكسين (Venlafaxine).
  • دولوكستين (Duloxetine).

تستخدم SNRIs في علاج الاكتئاب، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات الأخرى مثل اضطرابات القلق والألم المزمن.

3. مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs)

تعتبر TCAs من أقدم الأدوية المستخدمة في علاج الاكتئاب. ورغم أنها فعالة، إلا أنها نادرًا ما تُستخدم كخيار أول بسبب الآثار الجانبية العديدة التي قد تتسبب بها، مثل الدوخة وجفاف الفم وزيادة الوزن. من الأدوية الشائعة في هذه الفئة:

  • إيميبرامين (Imipramine).
  • أميتريبتيلين (Amitriptyline).

4. مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (MAOIs)

تستخدم MAOIs عادةً كخيار أخير في حال فشل الأدوية الأخرى. تعمل هذه الأدوية عن طريق تثبيط إنزيم أكسيداز أحادي الأمين، الذي يقوم بتكسير السيروتونين والنورأدرينالين. من أمثلة هذه الأدوية:

  • فينيلزين (Phenelzine).
  • ترانيلسيبرومين (Tranylcypromine).

يتطلب استخدام MAOIs نظامًا غذائيًا خاصًا لتجنب بعض الأطعمة التي قد تتفاعل مع الدواء وتسبب آثارًا جانبية خطيرة.

5. الأدوية المساعدة (Adjunctive Medications)

في بعض الحالات، قد يتم استخدام أدوية مساعدة جنبًا إلى جنب مع الأدوية المضادة للاكتئاب لزيادة فعاليتها. من هذه الأدوية:

  • مضادات الذهان: تستخدم في حالات الاكتئاب الشديد المرتبطة بالهوس أو الأعراض الذهانية.
  • الأدوية المثبتة للمزاج: مثل الليثيوم، وتستخدم في حالات الاكتئاب المرتبطة بالاضطراب ثنائي القطب.

الآثار الجانبية للعلاج الدوائي للاكتئاب

رغم فعالية الأدوية المضادة للاكتئاب، إلا أنها قد تتسبب في بعض الآثار الجانبية التي تختلف من شخص لآخر. من بين هذه الآثار:

  • زيادة الوزن: يعاني بعض المرضى من زيادة في الوزن بعد استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، خاصة مع الأدوية القديمة مثل TCAs.

  • مشكلات جنسية: قد تؤدي SSRIs وSNRIs إلى مشكلات في الرغبة الجنسية أو القدرة على الوصول إلى النشوة.

  • الأرق أو النعاس: بعض الأدوية قد تؤثر على النوم، حيث يشعر بعض المرضى بالنعاس المفرط، في حين يعاني آخرون من الأرق.

  • جفاف الفم: وهو عرض جانبي شائع، خاصة مع الأدوية مثل TCAs وMAOIs.

  • الغثيان والدوخة: قد يشعر بعض المرضى بالغثيان أو الدوخة في الأيام الأولى من استخدام الدواء.

فعالية العلاج الدوائي ومتى يبدأ تأثيره

الأدوية المضادة للاكتئاب لا تعطي نتائج فورية. يحتاج المريض عادة إلى تناول الدواء لمدة تتراوح بين 2 إلى 6 أسابيع قبل أن يشعر بتحسن ملموس في الأعراض. قد تتطلب بعض الحالات تعديل الجرعات أو تجربة أنواع مختلفة من الأدوية للوصول إلى العلاج الأنسب.

التوقف عن العلاج الدوائي للاكتئاب

من المهم أن يتم التوقف عن تناول الأدوية المضادة للاكتئاب تدريجيًا وتحت إشراف طبيب مختص. التوقف المفاجئ قد يؤدي إلى أعراض انسحابية مثل الصداع، الدوخة، والقلق. يوصي الأطباء بتقليل الجرعة تدريجيًا لضمان توقف آمن.

العلاج الدوائي للاكتئاب النفسي يلعب دورًا حيويًا في تحسين الحالة المزاجية وتقليل الأعراض المرتبطة بهذا الاضطراب. يعتمد نوع الدواء وفعاليته على حالة كل فرد، ويتطلب المتابعة الدقيقة من الطبيب لتحديد الخيار الأفضل. ورغم أن الأدوية قد تتسبب في بعض الآثار الجانبية، إلا أن الفوائد التي تعود على المريض غالبًا ما تفوق هذه الأعراض عند استخدامها بشكل صحيح.


شارك المقالة: