المصالحة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


من بين الأشياء التي توصف عادة بأنها مصالحة هي الأفكار والروايات والأشخاص والجماعات والمعرفة، حيث أن التوفيق بين النظريات مع بعضها البعض هو جعلها متسقة بشكل متبادل؛ لكي تتصالح مع حقيقة أن الفرد يقع في موقف أو ضمن سلوكيات خاصة به بشكل مؤكد ومبرر.

المصالحة في علم النفس

يرتبط التوفيق بين العلاقة المعرفية والإنسانية في التقليد المعرفي والسلوكي بفكرة الخلاص، حيث يركز مفهوم المصالحة في علم النفس على الاستخدامات التي تم من خلالها وضع هذا المفهوم به من خلال معالجة القضايا الأخلاقية والسياسية التي تنشأ في أعقاب المخالفات والصراع بين الأشخاص والجماعات.

يستخدم مصطلح المصالحة في علم النفس للإشارة إما إلى عملية أو إلى نتيجة أو هدف، حيث تعتبر المصالحة كنتيجة هي تحسين العلاقات بين الأفراد التي كانت في السابق على خلاف مع بعضها البعض، ومنها فإن طبيعة ودرجة التحسين المطلوب للتأهل للمصالحة لأي سياق معين هي مسألة خلاف بين المنظرين من علماء النفس.

قد تلعب أسباب تحسن العلاقات دورًا في تحديد ما إذا كانت المصالحة قد حدثت بالفعل، وهذا يعني في بعض الروايات والفرضيات النفسية أن الطرفين سيحسبان على أنهما متصالحان فقط إذا كانت علاقاتهما المستقبلية الأفضل ناتجة عن تعاملهما بشكل مرضٍ مع الإرث العاطفي أو المعرفي أو المادي للماضي، وبينما تتجه نتيجة المصالحة نحو مستقبل يتسم بعلاقات سلمية وعادلة.

نما الاهتمام النفسي بالمصالحة كقيمة أخلاقية وسياسية في التسعينيات استجابةً لاستدعائها خلال انتقال أهم القضايا الصعبة التي خلفتها الصراعات، وفترات من المشاكل بما في ذلك التحولات الاجتماعية المختلفة إلى تحديد موضوع العدالة الانتقالية، حيث تعتبر مسألة العدالة الانتقالية هي كيف يمكن لمجتمعات ما بعد الصراع أن تجعل الانتقال عادلاً ومستقرة وديمقراطية يُنص عليها عادةً في ضوء حقيقة الأخطاء والأضرار السابقة.

من الأهمية بمكان تهيئة الظروف التي تضمن حدوث مثل هذه الانتهاكات التي لن تتكرر أبدًا، بدت المصالحة ذات أهمية حاسمة لعملية الانتقال الاجتماعي العادل، على نحو متزايد يطبق المنظرين والفلاسفة من علماء النفس لغة ونظريات المصالحة، التي تم تطويرها في الأصل للتعامل مع السياقات الانتقالية، على المواقف المستقرة وغير الانتقالية.

أهمية المصالحة في علم النفس الأخلاقي

برزت المصالحة كموضوع بين المنظرين الأخلاقيين من علماء النفس الذين يناقشون القضايا الأخلاقية التي تنشأ في أعقاب الأشكال اليومية من المخالفات، مثل التجاوزات داخل الصداقات أو العلاقات الأسرية، حيث يتم إجراء الكثير من هذه المناقشة في الأدبيات الخاصة بالتسامح والمغفرة كمفاهيم ذات علاقة بمفهوم المصالحة.

هنا يتساءل المنظرين من علماء النفس الأخلاقي عما إذا كان يمكن للمرء أن يتصالح مع المخطئ دون أن يغفر له أيضًا، أو أن يغفر لشخص ما دون مصالحة، ومنها تظهر مثل هذه الأسئلة أيضًا في الأدبيات حول المصالحة في السياقات الثقافية والقانونية في علم النفس الشرعي.

حيث غالبًا ما تكون هناك اعتراضات قوية على مسامحة الأشخاص السيئين الذين قد يظلون بعد كل شيء غير نادمين على ارتكاب سلوكيات معادية للمجتمع أو الضغط على أشخاص آخرين لمسامحتهم، فبالنسبة للبعض فإن مفهوم المصالحة الذي لا يتطلب التسامح يوفر طريقة إيجابية للمضي قدمًا في هذه الحالات الصعبة.

غالبًا ما يكون للمناقشة حول قيمة المصالحة خاصة في السياقات الأخلاقية توجه متشكك، حيث تعزز مثل هذه النداءات الشكوك حول قيمة المصالحة وخاصة في السياقات الانتقالية، حيث يُزعم أن المصالحة تضع مطالب غير مبررة على ضحايا المخالفات الأخلاقية وأن تضحي بالعدالة من أجل السلام الأخلاقي.

في السياقات غير الانتقالية نادرًا ما يكون التغيير الأساسي مطروحًا على الجميع، لذلك قد تبدو سياسات المصالحة ببساطة وكأنها مطالبة بأن يتصالح الأفراد الأصليون مع الوضع الراهن، حيث يقول نقاد آخرين إن لغة المصالحة تفسح المجال لسوء الاستخدام لأنها فارغة في الأساس.

بالنظر إلى أن المفهوم ليس له محتوى معترف به على نطاق واسع أو محدد أو معايير معيارية واضحة، يمكن لأي شخص تقريبًا أن يدعي أنه يسعى إلى المصالحة، حيث يعتقد المدافعين عن مفهوم المصالحة أنه قابل لمزيد من التفصيل، ومع ذلك في حين أن مفهوم المصالحة ليس فارغًا فإنه يتحدى التحليل السهل أو النهائي.

أنواع التحسين في المصالحة في علم النفس

على المستوى الأكثر تجريدًا يمكن وصف المصالحة على أنها تحسن في العلاقة بين طرفين أو أكثر كانوا في صراع سابقًا، حيث تتكون العلاقة مع طرف آخر من أنماط التفاعل، والمواقف التي يميل المرء إلى اتخاذها تجاه هذا الطرف، وتوقعات ومعتقدات الطرف الآخر التي يتخذها المرء.

تظهر بعض الفئات التقريبية لتحسين العلاقات من الأدبيات النفسية لتوضيح المصالحة في علم النفس ومنها التغييرات في الهياكل المؤسسية متمثلة في بناء سيادة القانون والتغلب على العزلة عن النظام المؤسسي القائم، وتجديد المشاركة في المؤسسات أو الممارسات المشتركة مثل السلوك الجمعي.

التغييرات في السلوكيات الخارجية وتشمل وقف السلوكيات العدوانية أو المهينة، وزيادة القدرة على العمل بالقرب من الطرف الآخر، وزيادة القدرة على التعاون مع الطرف الآخر، والتغييرات في المعتقد على سبيل المثال فقدان الاعتقاد بأن الطرف الآخر سيء بطبيعته أو ذو قيمة أخلاقية أقل مقارنة بالآخرين، وحل المشاعر والمواقف السلبية التي تشمل مجرد قبول ما لا يمكن تغييره والتغلب على الاستياء أو الخوف أو الكراهية.

تبني أو استئناف المشاعر والمواقف الإيجابية مثل الاحترام المتبادل والتعاطف والشعور المشترك بالهوية أو التضامن وإعادة الالتزام المتبادل بمجموعة مشتركة من المعايير الأخلاقية أو المجتمعية أو الثقة المتبادلة، حيث تتميز أنواع العلاقات المختلفة بمجموعات متميزة من التفاعلات والمواقف والتوقعات.

يمكن أيضًا التمييز بين أنواع العلاقات المختلفة من خلال المعايير التي يجب أن يلتزموا بها، ومنها تختلف التوقعات المشروعة التي لدينا من أصدقائنا عن تلك التي لدينا من موظفينا، أو الغرباء الذين هم مع ذلك مواطنون، أو أولئك الذين يتصرفون بصفتهم الرسمية للدولة.

تحديد المعايير المعيارية في المصالحة في علم النفس

المصالحة هدفها تحسين العلاقات وغالبًا ما تشير المصالحة إلى الاستعادة مما يشير إلى العودة إلى الوضع السابق أي الوضع قبل الخطأ أو الصراع المعني، حيث أدى هذا الدلالة إلى حث بعض علماء النفس على استخدام المصالحة في السياقات التي لم تعيش فيها المجموعات أو الأفراد وفقًا لعلاقات جيدة وعادلة.

ولكن نظرًا لأهمية التجارب المتعلقة بالمصالحة فقد اختار علماء النفس تحمُّل عدم الدقة اللغوية في تعريف مصطلح المصالحة بحيث يشمل السعي وراء العلاقات الجيدة لأول مرة، وليس مجرد إعادة العلاقات الجيدة السابقة، هنا تتمثل المهمة في صياغة حساب للعلاقات المحسنة التي تفي بمعيار معياري للعلاقة المعنية، وهو معيار ربما لم يتحقق سابقًا في الممارسة.

في النهاية نجد أن:

1- المصالحة في علم النفس تتضمن التوفيق بين العلاقة المعرفية والإنسانية في التقليد المعرفي والسلوكي المتعلقة بفكرة الخلاص، حيث تتمثل المصالحة بربط العلاقات الجيدة سواء القديمة أو الحديثة.

2- تعتبر المصالحة موضوع مهم بين المنظرين الأخلاقيين من علماء النفس الذين يناقشون القضايا الأخلاقية التي تنشأ في أعقاب الأشكال اليومية من المخالفات، مثل التجاوزات داخل الصداقات أو العلاقات الأسرية.

3- تشتمل المصالحة التغييرات في السلوكيات الخارجية وتشمل وقف السلوكيات العدوانية أو المهينة، وزيادة القدرة على العمل بالقرب من الطرف الآخر، وزيادة القدرة على التعاون مع الطرف الآخر، والتغييرات في المعتقد.


شارك المقالة: