لقد عُرِف التدريس عند الجميع وعند المعلمين بأشكال متعددة ومتنوعة، وجميع مفاهيمها تدور حول فكرة أساسية، وهي عبارة عن عملية نقل المعلومات والأفكار من الكبار إلى الصغار، وفي ظل هذه الفكرة فإنَّ المدرس هو الشخص الذي يُوكل إليه عملية تلقين المعارف والمعلومات إلى الطلاب.
ما هي أهم أوجه النقد الموجهة إلى النظرة التقليدية للتدريس؟
ترتبط النظرة التقليدية للتدريس بالمنظور التقليدي القديم في التربية، والذي كان يرى أنَّ الأولوية يجب أن توجه إلى عقل وذهن الطالب لتزويده بالمعارف والعلومات والتي يرى ويعرف الكبار أهميتها، وحتى يتمكن من استكمال هذه المهمة، وكان من الضروري والمهم الاهتمام بالتلقين والحفظ والتذكر كعمليات متكاملة تحقق وتنجز من خلالها ذلك الغرض.
وعند الحديث والبحث عن نظرة تقدمية أو حديثة لمفهوم التدريس، فإنَّه يجدر بنا أن نبدأ ذلك بالإطلاع والفهم لأهم نقاط النقد الموجهة إلى تلك النظرة التقليدية لمفهوم التدريس، والتي يمكن تحديدها فيما يلي :
- إنَّ المتعلم أو الطالب هو كائن حي له دوافعه ورغباته وميوله وحاجاته ومتطلباته التي لايمكن إهمالها أو إعطائها أي أهمية عند تقديمه وعرضه لمواقف التعلم، ومن ثمَّ فإنَّ اكتفاء عملية التدريس على عملية نقل المعلومات والمعارف يُحدث خللاً للتكوين الفطري للكائن الحي البشري، ويهمل تنمية وتطوير الجوانب الأخرى من شخصية الطالب.
2. إنَّ تراكم المعارف والمعلومات العلمية يكون من الصعب عميلة نقل التراث المعرفي من جيل إلى جيل باستخدام الطرق التقليدية، كما يشكك ويظن في أهمية عملية النقل نفسها من حيث جدواها وفائدتها للطلاب.
3. إنَّ الفصل الدراسي في عملية التدريس يشتمل على عنصر واحد فعال، وهو المعلم الذي يقوم بعملية ودور الملقن للمعلومات والمعارف، بينما يبقى وما يزال الطلاب والذين من المفترض أنَّهم الأشخاص المعنيون والمستفيدون الحقيقيون في البيئة التعليمية في موقف غير إيجابي يستمعون ويتلقون إلى ما يلقيه عليهم المدرس من معارف ومعلومات.
4. إنَّ عملية التدريس حسب هذه النظرة لا يساعد أو ليس له دور في إعداد وتجهيز الطالب للحياة الواقعية في المجتمع، فهو يلقنه مجموعة من المعلومات والمعارف من غير تدريب على كيفية الاستفادة أو توظيف هذه المعارف والمعلومات في مواقف حياتيه الواقعية، ومن خلال هذه الفكرة فإنَّ المعلم هو الشخص الذي يُعهد ويوكل إليه عملية تلقين المعارف والمعلومات إلى الطلاب.