الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من وجود العديد من النصوص الممتازة التي تتناول مفهوم الهوية الشخصية، إلا أن علم النفس الشخصي والأخلاق هو أول ما يُعالَج بمثل هذه الطريقة الممتدة مسألة العلاقة بين الهوية الشخصية والاهتمامات العملية، حيث تعتبر هذه العلاقة بين الهوية الشخصية والأخلاق من أكثر العلاقات التي تعتبر مرحب بها للغاية في علم النفس الفلسفي.

الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس

قسم علماء النفس نقاشهم حول العلاقة بين الهوية الشخصية والأخلاق واهتماماتنا العملية إلى قسمين عريضين، حيث يركز النصف الأول منها على اهتماماتنا العملية المتعلقة بالذات مثل أهم نظريات الهوية الشخصية التي تجعل من المنطقي بالنسبة لنا توقع الحياة اليومية التي نتشاركها مع غيرنا، بشكل عام الوقت الذي يكون من المنطقي أن يتوقع شخص ما أو يكون لديه قلق بشأن نفسه وتوقع تجربته المستقبلية.

بينما يركز النصف الثاني من نقاش علماء النفس حول الهوية الشخصية والأخلاق على الاهتمامات العملية الأخرى أي ضوء يمكن أن تلقيه نظريات الهوية الشخصية على القضايا الأخلاقية في بداية الحياة، مثل السلوك الإنساني والتجارب الحسية وعمليات الإدراك وغيرها، حيث يتم فيها إلقاء الضوء على القضايا الأخلاقية في نهاية الحياة، مثل شرعية التوجيهات المسبقة.

تعتبر الهوية الشخصية والأخلاق من القضايا التي تهتم بالرفاهية النفسية ويلجأ لها العديد من المعالجين والمرشدين النفسيين ويستخدمونها في العلاجات المتعددة وخاصة في حالات تعدد الشخصيات، حيث أن الهوية الشخصية والأخلاق تلعب الدور الذي يجب أن تلعبه نماذج الهوية الشخصية في تقييمنا للمسؤولية الأخلاقية، حيث تجعل بعض نماذج الهوية الشخصية بعض النماذج الأخلاقية أكثر منطقية.

معايير ونماذج الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس

يركز علماء النفس على مسألة ما إذا كان يمكن للفرد أن يميز نفسه من خلال التفكير بما يعرف بالوضوح الذاتي أي أن يكون بقدر كافي من المعرفة الصحيحة بنفسه وبقيمة وقدراته وما يَصلح منها للتفاعل مع مجموعة معينة ومشابهة، أي أن الهوية الشخصية والأخلاق تهتم بجميع الحوارات التي تبني المقاييس الأساسية والنماذج الخاصة بنظريات الذات والمسؤولية الأخلاقية.

يقدم علماء النفس مجموعة من المعايير والنماذج الخاصة بالهوية الشخصية مثل معيار الروح، ومعيار الجسم، ومعيار الذاكرة، ومعيار الذاكرة المعتمدة على الدماغ، على الرغم من أن بعض علماء النفس يجادلون بأن هذه المعايير والنماذج تعاني من مشاكل خطيرة تمنعها من أن تكون حسابات معقولة لهويتنا بمرور الوقت.

إلا أنهم يقدمون نوعًا مختلفًا من الحِجَة ضد معيار الروح بأن هناك أسباب عملية جيدة للإصرار على وجود علاقة وثيقة بين طبيعة الهوية الشخصية واهتماماتنا العملية، وبالتالي نرفض أي نظرية للهوية الشخصية مثل معيار الروح التي تنكر هذا الارتباط.

من أهم المعايير والنماذج التي تتعامل في المقام الأول مع مشكلة متى يمكننا عقلانيًا أن نحظى باهتمام ذاتي فيما يتعلق بتجربة مستقبلية، فنجد أكثر نموذجين تعقيدًا للهوية الشخصية وهما المعيار النفسي والمعيار البيولوجي، وغالبًا ما يُطلق عليهما المذهب الحيواني؛ أي أنهما يدلان على الفطرة.

على عكس النماذج والمعايير الخاصة بالهوية الشخصية والأخلاق التي تم ذكرها فهناك معيار ثاني يُعرف بمعيار الهوية السردية، يهدف معيار الهوية السردية إلى شرح ما يجعل الفرد من هو عليه بدلاً من تقديم نموذج عن هويته الرقمية بمرور الوقت، وفقًا لوجهة النظر هذه لا يمكن أن تُنسب التجربة أو السلوك الإنساني بشكل صحيح إلى الفرد إلا إذا تم دمجها بشكل صحيح في قصة حياته التي تروى بنفسها.

يبدو أن هذا المعيار السردي للهوية الشخصية مصمم خصيصًا لمراعاة توقعنا العقلاني واهتمامنا بأنفسنا، حيث يتطلب التوقع العقلاني نوع الشخصية والوحدة النفسية التي توفرها الهوية السردية فقط، ومع ذلك يقترح علماء النفس أن معيار الهوية السردية فشل في تفسير المخاوف العملية الأخرى، مثل قدرتنا على إعادة تحديد الأفراد الآخرين، وأحيانًا يواجه مشكلة حتى في المحاسبة بشكل مناسب للتوقع العقلاني والاهتمام الذاتي.

الاستمرارية النفسية في الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس

نظرًا لأن الاستمرارية النفسية تأتي في درجات فإن رأي ومعتقدات الهوية الشخصية والأخلاق تعني أن طموحاتنا العملية نفسها قد تكون مسائل متعلقة بالدرجة، على سبيل المثال من المحتمل أن يكون لدى فرد مراهق استمرارية نفسية أكبر بكثير مع نفسه في منتصف العمر مقارنة بنفسه في سن التقاعد، لذلك وفقًا لوجهة نظر الهوية الشخصية والأخلاق يجب أن يهتم هذا الشخص أكثر بنفسه في منتصف العمر.

يتم تحفيز وجهة نظر الهوية الشخصية والأخلاق في الاستمرارية النفسية إلى حد كبير من خلال النظر في حالات الانشطار والتقسيم التي يمكن للفرد الاهتمام بها لتقسيم احتياجاته وأهدافه التي لا نواجهها أبدًا في الحياة الواقعية، وبالتالي على الرغم من أنه قد تكون هناك مواقف محتملة لا تهم فيها الهوية الشخصية، بالنظر إلى الموقف الفعلي الذي نجد أنفسنا فيه يبدو أنه من المعقول بالنسبة لنا أن نؤسس مخاوفنا العملية على حقائق حول الهوية الرقمية.

في الاستمرارية النفسية يريد الفرد أن يكون هناك شخص ما مستمر نفسيًا معه يتذكر تجاربه ويهتم بخططه الحالية وينفذها وما إلى ذلك، وسواء أكان متطابقًا مع هذا الشخص أم لا، فإن ذلك أقل أهمية من كونه يحمل العلاقات النفسية الصحيحة معه، ولكن إذا كان ما يهم لامتلاك مستقبل ثمين هو الاستمرارية النفسية، فلا يمكن أن يكون للأفراد ذوي الاستمرارية المنخفضة مستقبل ثمين مثل غيرهم؛ لأنهم يفتقرون إلى القدرات النفسية الأساسية.

نقد الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس

يتعلق نقد بعض علماء النفس في الهوية الشخصية والأخلاق بمخاوف أخرى مثل الهدف إلى البقاء محايدًا في جميع أنحاء المواقف، حول أي من النماذج والمعايير المتضاربة الخاصة بالهوية الشخصية والأخلاق مثل المعيار النفسي والمعيار البيولوجي والمعيار السردي التي يجب أن نتبناها، حيث يبدو أن مناقشة هذه المعايير في بعض الأحيان تخون التعاطف لعرض الهوية الشخصية والأخلاق.

تتعلق نتائج دراسة الهوية الشخصية والأخلاق في علم النفس بنهج استراتيجي عام يوصي به بحذر للتعامل مع القضايا الأخلاقية، حيث أننا قد نحصل على مزيد من الزخم في تطبيق المعرفة مثلاً على الأخلاق إذا كنا ربما ركزنا بدرجة أقل على الهوية في حد ذاتها وأكثر على العلاقات النفسية والجسدية المباشرة التي يمكن للهوية فيها أن تتكون، حيث يبدو أن هذه الاستراتيجية تفضل بشكل مباشر عرض الهوية الشخصية والأخلاق.

تقتصر نماذج ومعايير الهوية الشخصية والأخلاق أحيانًا على تفسير الخطأ في القيام بمجموعة من البحوث مع الابتعاد عن ذكر أهم الأسباب النفسية لها، فأحياناً يتم رفض دراسات الإجهاض واتهامها بأنها عمليات تُنهي حياة الفرد وعد النظر لمستقبله القادم، ومنها يقترح علماء النفس أنه يمكننا أن نفهم بشكل أفضل قيمة مستقبل الفرد من حيث الحقائق حول استمراريته النفسية مع نفسه في المستقبل خاصة في التطلع إلى المستقبل.


شارك المقالة: