تأثير الصور الذاتية على طريقة التفكير

اقرأ في هذا المقال


نحن نملك سلسلة من الصور الذاتية المصغّرة، التي تَنظّم إلى بعضها البعض، لتكوين صورة ذاتية كليّة، أي أنَّ لدينا صورة ذاتية خاصة، بكلّ جانب من جوانب حياتنا، تعتبر ذات أهمية بالغة، وبالتالي تحدّد لنا هذه الصورة الذاتية الصغيرة، الطريقة التي نفكّر ونشعر بها، وتؤدي بنا إلى هذا الجانب تحديداً.

كيف نغير من صورنا الذاتية بالحقيقة

فنحن نملك صورة ذاتية حول مدى صحتنا ولياقتنا، وحول نوع وكمية الطعام الذي نحتاجه ونحبّه، والتمرينات الرياضية التي نمارسها، وحول مدى إعجاب الآخرين بشخصياتنا، ومدى قبولنا لدى الجنس الآخر، كما أننا نملك صورة ذاتية حول أي نوع من الآباء نحن، وحول قيمتنا كأصدقاء، وحول مدى ذكائنا، ومدى كفاءتنا العلمية، فنحن نملك صورة ذاتية حول قدراتنا في العمل، ومدى كفاءتنا في كلّ جانب من جوانب الحياة.

تشكّلت هذه الصور الذهنية بناء على ما مَرّ بنا من تجارب، فنحن لا نستطيع مُطلقاً كسب مال أكثر أو أقل من مستوى دخلنا الموجود في أذهاننا، فإذا أردنا أن نجني المزيد من المال، أو أردنا أن نصبح أكثر نجاحاً في مجال عمل ما، أو أكثر نجاحاً كآباء، فعلينا أن نغيّر من مفاهيمنا ومعتقداتنا حول ذاتنا، فيما يتعلّق بالأمور التي نفكّر في تغييرها، كون هذا الأمر يتطلّب منّا أن نقوم بتعديله في أذهاننا بناء على سلوكنا.

هل تؤثر الصورة الذاتية على طريقة التفكير

الصورة الذاتية، أو الطريقة التي نرى بها أنفسنا، هي جزء لا يتجزأ من هويتنا الشخصية. إنها تشمل معتقداتنا، وقيمنا، ونظرتنا إلى أنفسنا من حيث القدرات والمظهر والقيمة الذاتية. تؤثر الصورة الذاتية بشكل كبير على طريقة تفكيرنا، واتخاذ قراراتنا، وسلوكياتنا اليومية. فيما يلي سنستكشف كيف تؤثر الصورة الذاتية على طريقة التفكير، وكيف يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل حياتنا.

ما هي الصورة الذاتية

الصورة الذاتية هي التقييم الشخصي الذي يقوم به الفرد لنفسه، والذي يتشكل بناءً على مجموعة من العوامل، بما في ذلك التجارب الشخصية، والتفاعل الاجتماعي، والثقافة. تتأثر الصورة الذاتية بكيفية إدراك الشخص لمظهره الجسدي، وقدراته، وقيمته الذاتية، وكفاءته في مختلف المجالات. هذه الصورة قد تكون إيجابية أو سلبية، وهي تؤثر بشكل مباشر على طريقة التفكير والشعور والتصرف.

الصورة الذاتية والتفكير: العلاقة الوثيقة

تؤثر الصورة الذاتية على طريقة التفكير بطرق متعددة، منها:

  • التفكير الإيجابي مقابل التفكير السلبي: الأشخاص الذين يحملون صورة ذاتية إيجابية يميلون إلى التفكير بطريقة إيجابية. فهم يرون أنفسهم كفؤين وقادرين، مما يعزز من قدرتهم على التعامل مع التحديات والمواقف الصعبة بتفاؤل وثقة. في المقابل، الأشخاص الذين يعانون من صورة ذاتية سلبية قد يكونون أكثر عرضة للتفكير السلبي والتشاؤم، حيث يركزون على نقاط الضعف والأخطاء بدلاً من الفرص والنجاحات.

  • التفكير التحفيزي مقابل التفكير المُثبِّط: الصورة الذاتية الإيجابية تحفز الأفراد على السعي نحو أهدافهم، حيث يرون أنفسهم قادرين على تحقيق هذه الأهداف. هذا النوع من التفكير التحفيزي يدفعهم إلى اتخاذ خطوات جريئة والعمل بجد لتحقيق ما يصبون إليه. على النقيض، الصورة الذاتية السلبية قد تؤدي إلى التفكير المثبط، حيث يشك الأفراد في قدراتهم ويتجنبون المخاطرة أو التحديات خوفًا من الفشل.

  • التركيز على الحلول مقابل التركيز على المشاكل: الأشخاص الذين يتمتعون بصورة ذاتية إيجابية يميلون إلى التركيز على الحلول بدلاً من المشاكل. فهم يرون أنفسهم قادرين على التعامل مع التحديات وإيجاد الحلول المناسبة. بينما قد يجد الأشخاص الذين لديهم صورة ذاتية سلبية أنفسهم عالقين في دوامة من الأفكار السلبية التي تركز على المشاكل والعقبات بدلاً من البحث عن طرق للتغلب عليها.

كيف تتشكل الصورة الذاتية

الصورة الذاتية تتشكل من خلال عدة عوامل، منها:

  • التجارب الشخصية: النجاحات والإخفاقات التي يمر بها الفرد تساهم في تشكيل رؤيته لنفسه. النجاح المتكرر يعزز من الثقة بالنفس ويؤدي إلى صورة ذاتية إيجابية، بينما الفشل المستمر يمكن أن يؤدي إلى تطوير صورة ذاتية سلبية.

  • التفاعل مع الآخرين: الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع الأفراد، سواء كانت نقدية أو داعمة، تؤثر بشكل كبير على الصورة الذاتية. الدعم والتشجيع من الآخرين يعزز من الصورة الذاتية الإيجابية، بينما النقد المستمر يمكن أن يسبب تدهورًا في تقدير الذات.

  • المعايير الثقافية والمجتمعية: الثقافة والمجتمع يلعبان دورًا في تحديد معايير الجمال والنجاح والقيمة. الأشخاص الذين لا يتماشون مع هذه المعايير قد يشعرون بالنقص أو عدم الكفاءة، مما يؤثر على صورتهم الذاتية.

تأثير الصورة الذاتية على اتخاذ القرارات

تؤثر الصورة الذاتية بشكل مباشر على كيفية اتخاذنا للقرارات. الأشخاص الذين يتمتعون بصورة ذاتية إيجابية يميلون إلى اتخاذ قرارات جريئة والتخطيط للمستقبل بثقة، حيث يرون أنفسهم قادرين على النجاح. في المقابل، الأشخاص الذين يعانون من صورة ذاتية سلبية قد يتجنبون اتخاذ القرارات أو يختارون الطريق الأقل تحديًا، خوفًا من الفشل أو الخيبة.

تأثير الصورة الذاتية على الصحة النفسية والعاطفية

الصورة الذاتية الإيجابية تعزز من الصحة النفسية والعاطفية. الأشخاص الذين يحملون صورة ذاتية إيجابية يتمتعون بمستويات أقل من التوتر والقلق والاكتئاب، ويكونون أكثر قدرة على التعامل مع ضغوط الحياة بشكل صحي. في المقابل، الصورة الذاتية السلبية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل نفسية وعاطفية مثل الاكتئاب والقلق وانعدام الثقة بالنفس.

كيف يمكن تحسين الصورة الذاتية

تحسين الصورة الذاتية يتطلب الوعي والعمل المستمر. إليك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في ذلك:

  • ممارسة التفكير الإيجابي: تحدي الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار إيجابية ومشجعة.
  • تحديد الأهداف الواقعية والعمل على تحقيقها: تحديد أهداف صغيرة وقابلة للتحقيق يمكن أن يعزز من الشعور بالنجاح والكفاءة.
  • إقامة علاقات إيجابية: البحث عن الأشخاص الذين يقدمون الدعم والتشجيع بدلاً من النقد والتثبيط.
  • التعلم من الأخطاء: النظر إلى الأخطاء كفرص للتعلم والنمو بدلاً من الفشل.

الصورة الذاتية لها تأثير كبير على طريقة التفكير والسلوك. الصورة الذاتية الإيجابية تعزز من التفكير الإيجابي والتحفيزي، بينما الصورة الذاتية السلبية قد تقود إلى التفكير السلبي والتثبيط. من خلال العمل على تحسين الصورة الذاتية، يمكن للأفراد تحقيق تحسن كبير في نوعية حياتهم، وتعزيز صحتهم النفسية، وزيادة فرصهم في تحقيق النجاح في مختلف جوانب الحياة.


شارك المقالة: