يمكن تقسيم تطوير نظرية الإثبات في علم النفس بشكل طبيعي إلى عصور ما قبل التاريخ لمفهوم البرهان في المنطق القديم، واكتشاف أن البراهين يمكن ويجب تمثيلها في نظام منطقي، وإنشاء نوعين رئيسيين من الأنظمة المنطقية لنظرية الإثبات المعاصرة، في الاستنتاج الطبيعي وحساب الأفضل منها من حيث التكامل، وتطبيقات وتمديدات الاستنتاج الطبيعي، حتى التفسير الحسابي للخصم الطبيعي.
تطوير نظرية الإثبات في علم النفس
يتمثل تطوير نظرية الإثبات في علم النفس من خلال ما يلي:
1- عصور ما قبل التاريخ لمفهوم الإثبات
يمكن وصف نظرية الإثبات بأنها دراسة الهيكل العام للبراهين والفرضيات، والحِجَج ذات القوة التوضيحية كما هو مصادف في المنطق الاستدلالي، حيث إن فكرة مثل هذه الحِجَج التوضيحية أي تلك التي يتبع استنتاجها بالضرورة من الافتراضات الموضوعية.
هي فكرة مركزية للعالم أرسطو، من حيث تنظيم العلم الاستنتاجي حول عدد من المفاهيم الأساسية التي يُفترض أنها مفهومة دون مزيد من الشرح، وعدد من الحقائق الأساسية أو المسلمات التي يُنظر إليها على أنها صحيحة على الفور.
يتم اختزال المفاهيم والنظريات المعرفية من خلال الإثبات، حيث يتناسب وصف أرسطو للإثبات كحِجَة توضيحية بشكل جيد جدًا مع بنية الهندسة القديمة، بدلاً من ذلك يبدو أن نظرية القياس المنطقي لا علاقة لها تقريبًا بالبراهين الخاصة فيها حيث ظلت هذه البراهين بديهية لأكثر من ألفي عام في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس.
في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس لا يبدو أن أحدًا قد أكد أنه يمكن أن تكون هناك مجموعة كاملة من مبادئ الإثبات، حيث يتم التعبير عن كل ما هو ضروري للاستدلال الصحيح بالكامل، ولكن ما هو غير ضروري لا يُشار إليه بشكل عام، فقد يجادل المرء في أن تطوير نظرية الإثبات في علم النفس هو استثناء فيما يتعلق بالمنطق الافتراضي الكلاسيكي.
كانت خطوة تطوير نظرية الإثبات في علم النفس إلى الأمام حاسمة في تطوير المنطق والدراسة التأسيسية، ففي التناقض مع القدماء قدم أرسطو نمطًا للجمع بين الحِجَج الخاصة بنظرية الإثبات، لكن فكرة مجموعة محدودة من القواعد كانت من الناحية الوجودية تتجاوز أحلام أي شخص، فإن مبادئ نظرية الإثبات كاملة للمنطق الأصلي الكلاسيكي.
في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس أعطى بعض علماء النفس صياغة رسمية للاستدلال المنطقي، بهدف تمثيل البراهين رسميًا في الحساب لنظرية الإثبات، حيث تم تضمين الاستدلال الرسمي وانتشار الرأي القائل بأن هذا لم يقم إلا بإضفاء الطابع الرسمي على لغة المنطق والحساب، وليس مبادئ الإثبات بشكل شخصي.
2- تطوير نظرية الإثبات البديهية القديمة
في عام 1899 تم تمهيد الطريق للمشاكل التأسيسية المركزية لنظرية الإثبات في العقود الأولى من القرن العشرين، من هذه المشاكل كيفية صياغة النظرية وهذا يشمل اختيار الأشياء والعلاقات الأساسية واختيار البديهيات، وعدم وجود دليل على اتساق البديهيات، بالإضافة لمسألة الاستقلال المتبادل واكتمال البديهيات.
في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس تم إضفاء الطابع الرسمي على منطق الاقتراح، ووجد أنه متسق وكامل وقابل للتقرير، حيث تعود النتائج حول المنطق الأصلي إلى عام 1915 عندما تم تقديم نظرية المنطق الأصلي للقيام بحل حالات خاصة لمشكلة القرار، كان هذا التطور مستقلاً عن التقليد القديم، واستند بدلاً من ذلك إلى النهج الجبري للمنطق الكلاسيكي.
تم وضع طريقة لدراسة مشاكل الاتساق في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس تسمى طريقة الاستبدال؛ للتعامل مع المحددات الكمية، حيث أن الاستدلالات غير المباشرة مع المحددات الكمية في الحالات التي تحتوي على عدد لا نهائي من الكائنات كانت النقطة الحاسمة لإثبات الاتساق وتحتاج إلى تبرير معرفي.
فإذا كان الافتراض بأن جميع الأعداد الطبيعية لها خاصية الاعتقاد الذي يؤدي إلى استحالة الإثبات، فإن وجود رقم له خاصية معاكسة ولا يمكن استنتاجه، وهكذا كانت المشكلة المركزية هي تبرير استخدام المنطق الكلاسيكي في البراهين الخاصة بنظرية الإثبات، والبراهين الحسابية كانت في المقام الأول.
3- عدم قابلية الاتساق
بعد أن أعلن العديد من علماء النفس عن عدم اكتمال الحساب في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس، فقد وجد غيرهم أن اتساق الحساب سيكون من بين افتراضات غير القابلية للإثبات، فقد توقع العديد من علماء النفس عدم إمكانية اتساق الحساب ككل بمعنى المطلق الاستنتاجي، خاصة من الحساب الكلاسيكي أو الحساب في الحدس.
إن إثبات الاتساق بوسائل محدودة في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس لم ينجح حتى الآن، لذا لم يتحقق هذا الهدف الأصلي، ومنها إذا اعترف المرء بالموقف الحدسي كأساس آمن في حد ذاته أي باعتباره ثابتًا، فإن اتساق الحساب الكلاسيكي مضمون من خلال نتائج تطوير نظرية الإثبات في علم النفس، إذا رغب المرء في تلبية متطلبات إدراكية فستظل مهمة إظهار اتساق الحساب الحدسي.
ومع ذلك فإن هذا غير ممكن حتى من قبل الجهاز الرسمي للحساب الكلاسيكي، ومع ذلك هناك الاعتقاد بأن إثبات الاتساق في الحساب الحدسي من موقع أكثر وضوحًا هو أمر ممكن ومرغوب فيه أيضًا في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس.
4- الخصم الطبيعي وحساب الأفضلية والتكامل
في إطار متابعة برنامج تطوير نظرية الإثبات في علم النفس تم وضع مهمة أساسية في تحليل الاستنتاج المنطقي البحت، ليتم توسيعه لاحقًا ليشمل الحساب والتحليل خاصة في الأفضلية ووجود الكمالية، بحيث تم طرح فرضية في تحديد مهمة تحليل البراهين الحسابية كما تحدث في الممارسة الأدائية، حيث أن الملاحظة المهمة هي أن البراهين الفعلية لا تستند إلى البديهيات المعبر عنها بلغة منطقية، كما هو الحال في نظرية الإثبات البديهية.
الميزة الأكثر شيوعًا في الخصم الطبيعية للحسابات في تطوير نظرية الإثبات في علم النفس هي أن النظريات تقدم ادعاءاتها في ظل بعض الافتراضات، حيث يتم تحليل الافتراضات إلى أجزاء ويتم أيضًا تحليل الاستنتاج إلى أجزاء حتى تتقابل هذه الفرضيات التحليلية ويمكن تصنيع الدليل الذي يبرر النتائج المهمة لنظرية الإثبات.
بدلاً من ذلك يتم تحليل الافتراضات في مكوناتها من خلال قواعد الإلغاء التي تعطي إلى حد كبير، عواقب فورية للافتراضات، ودراسة نظام الاستنتاج الطبيعي إلى حساب الأفضلية والتكامل للخصم الطبيعي بشكل منفصل، بالنظر إلى قواعد الارتباط والتضمين يلاحظ المرء أن الافتراضات هي صيغ فرعية للاستنتاج القواعد الخاصة بنظرية الإثبات.
أهداف تطوير نظرية الإثبات في علم النفس
إلى أي مدى حققت نظرية الإثبات أهدافها الأصلية؟ بالنسبة لبعض علماء النفس كانت الأهداف عبارة عن توضيح كامل للمشكلات التأسيسية من خلال البراهين الخاصة بالتناسق، والأهداف التي فشلت فيها نظرية الإثبات، حيث لم يكن تطوير نظرية الإثبات في علم النفس مهتمًا بدراسة البراهين الرياضية في حد ذاتها، بل كان مهتمًا فقط بتصفية المشكلات الأساسية التي تعطي ملاحظة للمشكلات المفتوحة.
كانت الأهداف لتطوير نظرية الإثبات في علم النفس جنبًا إلى جنب تتمثل في فهم بنية البراهين الرياضية أيضًا في الحسابات المتباينة، كان هذا البرنامج ناجحًا تمامًا فيما يتعلق بالمنطق البحت والحساب، حيث تسمح طرق حساب الأفضلية والتكامل بتحليل البراهين ذات النتائج العميقة.
في النهاية نجد أن:
1- تطوير نظرية الإثبات في علم النفس تعتبر من الأهداف المهمة التي يعبر عنها علماء النفس بالعديد من الطرق والاستراتيجيات المنطقية والاستدلالية والحسابية.
2- يعتبر تطوير نظرية الإثبات في علم النفس ذو أهداف كثيرة ومنها وضع توضيح كامل للمشكلات التأسيسية من خلال البراهين الخاصة بالتناسق.