شكل العقاب للأطفال من ذوي عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


تتضمن إجراءات العقاب الحرمان من اهتمام الراشدين أو من الامتيازات أو الأشياء المرغوبة، وغير أنه في حالة استخدام إجراءات العقاب وحدها، فغالباً ما لا تكون فعالة في تحسين السلوك، حيث إنها لا تعلم الوسائل المرغوبة للسلوك والذي تقوم به طرق التعزيز الإيجابية، وبالنسبة لبعض الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لن تؤدي وسائل التعزيز الإيجابية إلى تناقص كاف في السلوك غير المناسب، وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن تتضمن خطة إدارة السلوك كلا من التعزيز الإيجابي والعقاب.

شكل العقاب للأطفال من ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

1- صرف اهتمام الراشد

يقوم الوالدان في بعض الأحيان بتعزيز سلوك غير مناسب عن غير قصد، وتتمثل إحدى الطرق المستخدمة لتقليل حدوث هذه السلوكيات في وقف تقديم تعزيز إيجابي للسلوك غير المرغوب، وينبغي على العياديين الذين يرشدون الآخرين إلى استخدام الإقصاء لتقليل سلوكيات غير ملائمة، وأن يدركوا وجود مشكلات معينة في توظيف هذه الاستراتيجية، ويسبب تعرض الطفل لحالات عدة تم فيها تعزيز سلوك غير مناسب.

فمن المرجح أن استخدام إجراءات الإقصاء سوف يجعل السلوك المشكل أسوأ في بداية العملية، مثلاً إذا ما أدرك الطفل أن افتعاله نوبة غضب سيجعل والديه يسمحان له بالخروج من المنزل دون أن يكون قد أنهى واجباته المنزلية، بالتالي ففي المرة الأولى التي يرفض الوالدان السماح له بالخروج حتى ينهي واجباته المنزلية، فيرجح حدوث نوبة غضب حادة وطويلة، وقد يستغرق الأمر عدة محاولات إلى أن يدرك الطفل أن نوبات الغضب لم تعد فعالة.

وبعد ذلك تبدأ نوبات الغضب بالانخفاض من حيث العدد والحدة، ومن هنا يظهر لنا أن الإقصاء يزيد السلوكيات المشكلة سوءا في مستهل الأمر، وهذا يحدث في أغلب الأحيان لهذا السبب، فإن أفضل استخدام لهذه الطريقة هو في توظيفها للسلوكيات المشكلة المزعجة، ولكن ليس للسلوكيات المشكلة الخطرة أو التدميرية، إذ أنه في حالات السلوكيات الخطرة أو التدميرية فقد يلجأ إلى طرق عقابية أكثر تقييداً.

2- سحب الامتيازات

بالإمكان أن يصبح فقدان الامتيازات أو حجب المعززات نتيجة فعالة جداً للسلوك غير المناسب، خصوصاً في حالة كون الامتياز المسحوب مرتبطاً منطقياً السلوك غير المناسب، أما في حالات أخرى فقد لا تتوافر هناك نتائج منطقية، وغالباً ما يكون ذلك في حالة ضيق الوقت لإتمام نشاط ما أو في حالة جعل الطفل يذهب للنوم، وكذلك الحال بالنسبة لطفل يستغرق وقتاً طويلاً للاستعداد للذهاب للمدرسة، إذ أنه ليس منطقياً أن يتم منعه من الذهاب للمدرسة إلى أن يكون مستعداً.

في مثل هذه لحالات يستطيع العياديون تطوير نظام قسائم أو رموز، حيث يتمكن الطفل من الحصول على نقاط لقاء انخراطه في سلوكيات مرغوبة، ومن خسارة نقاط لقاء قيامه بسلوكيات غير مناسبة، ويمكن بعد ذلك استبدال هذه القسائم بمعززات تتوفر بعد المدرسة أو في إجازة نهاية الأسبوع وفي حالة استخدام إجراءات حجب المعززات، وينبغي أن يحدد العياديون المدة الزمنية الموصى بها لحجب المعززات.

وأما المشكلة الأخرى في استخدام إجراء عقابي لمدة طويلة من الوقت فتتمثل في أنها قد تحبط الطفل، أو تفاقم مستوى عصيانه أو تفضي إلى وتيرة متصاعدة من العقاب الذي لا يمكن تنفيذه، بالتالي قد يشعر الوالدان أنه لم يتبق أمامهما من خيار سوى تهديد المراهق بفترات عقابية أطول، ولكن دون هدف أو معنى فعلي.

3- الحرمان المؤقت

لقد تم بحث فعالية اهتمام الراشد في تعزيز سلوك مناسب، وأما الآن فسنتحدث عن الحرمان المؤقت، وهو الحرمان المنظم لطفل من فرصة الحصول على اهتمام الراشد، وبالإمكان أن تصبح هذه الطريقة عقاباً مؤثراً
على سلوك غير مناسب، وحتى يكون الحرمان المؤقت فعالاً يجب توخي اتباع الإجراءات بعناية ويانسجام، وتكمن الخطوة الأولى في تقرير فيما إذا كان من المناسب أن يتم تعليم الأسرة إجراء الحرمان المؤقت.

فعالية الحرمان المؤقت تعتمد على شعور الطفل بتضاؤل اهتمام الراشد والمعززات الأخرى، في حالة تطبيق الحرمان المؤقت عليه، وأما إذا كان الطفل يتلقى أصلاً اهتماماً قليلاً من الراشد أثناء اليوم، فلا يرجح أن يكون الحرمان المؤقت فعالاً، وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن يركز العيادي على زيادة الاهتمام الإيجابي الذي يقدمه الراشد للطفل قبل تعليم استراتيجية الحرمان المؤقت.

ومن الأفضل أن يتم فقط البدء بسلوك أو سلوكين مشكلين يتطلبان الحرمان المؤقت، وذلك من أجل ضمان عدم الإفراط في استخدام هذا الإجراء، فالإفراط في استخدام الحرمان المؤقت قد يكون ضاراً وقد يؤدي إلى زيادة العدائية لدى الطفل، وإضافة إلى ذلك يرجح أن يزيد تحديد استخدام الحرمان المؤقت من اتباع الراشدين إلى النهاية، وإذ قد يكون تنفيذ الحرمان المؤقت عسيراً، مما قد يفضي إلى نوبات غضب مطولة ولدى تطبيق هذا الإجراء، ولا ينبغي أن يقدم الوالدان أكثر من تحذير قصير واحد قبل وضع الطفل قيد الحرمان المؤقت.

4- العقاب البدني

قد يمثل استخدام العقاب البدني استراتيجية الرعاية الأبوية الوحيدة التي ولدت أكبر مقدار من الجدل، ويمكننا القول باختصار أن الدراسات تشير إلى أن صفع المراهقين غير فعال، وكذلك فهو مرتبط مع ظهور العدوانية في فترات الحياة اللاحقة، وعلاوة على ذلك ليست هناك علاقة بين استبعاد العقاب البدني في المدرسة والزيادة في مشكلات السلوك في ذلك المكان.

ويضاف إلى ذلك أن العقاب البدني في المدارس قد ارتبط مع حدوث تأثيرات سلبية على مفهوم الذات، وعلى ظهور أعراض قصيرة وبعيدة المدى لتلك الضغوط، وعلى الإصابات الجسمية في أحيان معينة، ولذلك لا يعتبر الصفع مناسباً في المدارس أو عند التعامل مع مراهقين أو أطفال صغار جداً، ويكمن أعظم جدل قائم الآن في مدى ملاءمة صفع الوالدين لأطفال ما قبل المدرسة أو لأطفال المرحلة الابتدائية، إذ أن الصفع يعتبر واسع الاستخدام  أو حسب المناسبات على أقل تقدير من قبل والدي الأطفال ممن هم في هذه الفئات العمرية وفي الوقت ذاته.

وفي الختام يعتبر الوالدان على وجه العموم هذا الشكل من العقاب أقل أشكال العقاب قبولاً بالنسبة إليهم، ويفضل معظم الوالدين عدم اللجوء إلى صفع أطفالهم فيما لو توافرت بدائل فعالة، وعلاوة على ذلك قد دلت بعض الدراسات على الأقل على أن استخدام العقاب البدني مرتبط مع تزايد العدوانية بين الأطفال، فإذا ما أخذنا هذه النتائج بعين الاعتبار وكذلك فعالية الطرق البديلة في تأديب الأطفال، سيتمكن العياديون من مد يد العون لكل الأسر تقريباً عن طريق تزويدهم ببدائل للعقاب البدني.


شارك المقالة: