صراع العقل والعاطفة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


معظم المشاعر ليست فطرية ولكنها مشروطة بالتلمذة المهنية وتجربة حياتنا، فإذا كنا قد تعلمنا أن نصبح عصابيين، فيمكننا أيضًا أن نتخلص من تعلم كيفية القيام بذلك ونحول أنفسنا إلى أشخاص أكثر استقرارًا وهادئة وصحة نفسية، وأفضل وسيلة لتحقيق ذلك هو العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني لألبرت إليس الذي يتمثل في فرضيته كما نعتقد نشعر، كما نشعر أننا نعيش من خلال صراع العقل والعاطفة، فعندما نفهم كيف يؤثر الدماغ على الجسم فإننا نزيد من الخيارات لاستخدام التفكير العقلاني الذي يقودنا إلى الرفاهية النفسية.

صراع العقل والعاطفة في علم النفس

عند المقارنة بين العقل والعاطفة فإننا نجد أن كل منهما لديه جهاز ووظائف متعددة في كل شخص منا، حيث تتمثل الاستجابة العاطفية بأنها ناتجة عن الجهاز الحوفي أي أنه فاقد للوعي وتلقائي ولا يمكن السيطرة عليه، حيث لا يمكننا إخبار غدتنا الكظرية بأن تكون ثابتة، ومع ذلك يمكن تنظيمها، وطريقة تنظيمها هي من خلال العقل، فالعقل يجعلنا متحضرين، في حين يجعلنا الجهاز الحوفي نشعر بالغضب والجهاز المعرفي يتحكم في التعبير عن هذا الغضب حتى لا نتصرف مثل قساة القلب.

يعطينا العقل حججًا حتى لا نقع في إغراء شراء أنفسنا لمجرد نزوة، وتحاول العاطفة إقناعنا بأننا نستحقها، يخبرنا المنطق أن علاقة معينة لا تناسبنا، والعاطفة تجعلنا نواصل، نصنع آلاف الأشياء بطريقة غير منطقية تمامًا دون تفكير، مثل تغطية رؤوسنا إذا سمعنا ضوضاء ليلية في المنزل كما لو كانت الأغطية مصفحة ويمكن أن تضمن سلامتنا.

من ناحية أخرى قد نقوم بتغيير الرصيف إذا واجهنا قطة سوداء كما لو كانت تلتهمنا أو تغير حظنا، وقد نشتري رقم يانصيب جميل كما لو كان من المرجح أن يتم منحه، بالتالي عندما نخفض مستوى الحراسة المعرفية أي عندما نتصرف بدون تفكير، فإن العاطفة أو التعبير الواعي عنها هي التي توجه سلوكنا، ولهذا يقال أن العقل يقود ولكن العواطف هي التي تقرر، هذا هو السبب في أن الأجداد ينصحوننا دائمًا بالعد حتى عشرة، ومنها أكد ألبرت إليس أن الظروف ليست هي التي تخلق المشاعر بل معتقداتنا عنها، لذلك إذا استخدمنا التفكير العقلاني، فيمكننا اختيار الشعور الذي نشعر به وإدارة الاستجابة العاطفية.

هناك معركة يومية وصراع بين العقل والعاطفة، علاوة على ذلك عندما يكون الخلل بينهما شديدًا جدًا نقول إننا عصابيين، حيث أن العصاب أو القدرة على الانزعاج الذاتي ليس أكثر من تغيير مبالغ فيه للمزاج بأفكار سلبية تؤثر على الجسم كله، إنه صراع بين العقل والعاطفة، حيث تعتبر العواطف ضرورية في الحياة لأنها تساعدنا على اتخاذ القرار، وبالنظر إلى معضلة بفضل الإدراك يمكننا أن نتخيل كيف سنشعر إذا أخذنا بديلاً أو آخر، فإننا نطور الحالة العاطفية.

من الصحيح أيضًا أننا في بعض الأحيان مخطئون حتى كوننا عقلانيين جدًا، ومن ثم نتساءل عما إذا كان ينبغي أن نفعل ما نريد بدلاً من ما نصحنا به التفكير، وعلى أية حال علينا أن نقبل قابليتنا للخطأ لأننا كبشر غير كاملين، ومنها يعتبر العقل أقوى بلا حدود من العاطفة إذا استخدمناه بشكل سليم وواعي، حيث يسمح لنا بتنظيم الاستجابة العاطفية، ويقودنا إلى موازنة الصراع، ويمنحنا القدرة على الشعور بمشاعرنا بشكل صحيح وتعديلها استجابةً لمحفز مرهق.

المحفزات في صراع العقل والعاطفة في علم النفس

يمكن أن يكون هناك العديد من المحفزات في صراع العقل والعاطفة في علم النفس، وتتمثل هذه المحفزات في أن تكون خارجية أو داخلية، فالعوامل الخارجية واضحة تتمثل في المناقشة والتهديد الحقيقي والخوف، والمحفزات الداخلية هي نتيجة قدرتنا على تخيل مخاطر غير حقيقية، وتوقعها حتى نشعر بالضبط كيف سنشعر إذا كانت موجودة لأن الأوامر التي يعطيها الجهاز الحوفي للجسم هي نفسها.

يعتبر القلق خير مثال على ذلك فالشخص المصاب بالقلق يعاني من خطر وهمي وعواطفه جامحة، والإدراك يجعل القلق متقلبًا، حيث يسمح لنا بتنظيم الاستجابة العاطفية، ويقودنا إلى موازنة صراع العقل والعاطفة في علم النفس، يمنحنا القدرة على الشعور بمشاعرنا بشكل صحيح وتعديلها استجابةً لمحفز مرهق.

أسباب وخلفية صراع العقل والعاطفة في علم النفس

في إطار العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني ذكر ألبيرت إليس أن اللاعقلانية هي السبب وراء استجابة الناس لصراع العقل والعاطفة في علم النفس، من حيث للاهتمامات اليومية بطريقة مبالغ فيها، والشعور بالعواطف غير الصحية والتصرف بشكل سيء، والتفكير العقلاني هو المفتاح للحصول على المشاعر الصحية والسلوكيات الفعالة.

حيث أننا كبشر لسنا على علم بالعمليات الفيزيائية التي تجري في الدماغ والتي تؤثر على الجسم وتسبب اضطرابًا عاطفيًا، لذلك من المهم معرفة ما يحدث بالفعل في الجوانب الفسيولوجية والعقلية لفهم الاختلافات بين العاطفة والشعور.

من المنظور التطوري قدرتنا على التفكير هي عمر الطفل، لقد تطور دماغ الإنسان على مدى ملايين السنين بطريقة مشابهة لكيفية نمو جذع الشجرة، أي أنه أضاف طبقات واحدة فوق الأخرى مما زاد من سمكها، هذا يعني أن هياكل الدماغ البدائي لا تزال موجودة، ويُعرف هذا الدماغ البدائي باسم دماغ الزواحف لأننا شاركناه مع الزواحف، إنه جزء من الدماغ غريزي ولا يتعامل إلا مع تنظيم التوازن العضوي وهدفها هو البقاء.

منذ حوالي 400 مليون سنة كان لديها هذه الوظيفة وهي تعمل بفعالية، حيث أنه عندما نصاب بالجفاف فإنه يحذرنا بجعلنا نشعر بالعطش، وإذا انخفضت درجة حرارة أجسامنا بشكل كبير، فهذا يحذرنا وبجعلنا نشعر بالبرد، أي إنه جزء الدماغ الذي ينظم كل ما هو غير واعي ويحافظ على علاماتنا الحيوية، وبفضل هذا الدماغ نحن على قيد الحياة.

بعد بضعة ملايين من السنين كان الدماغ الحوفي قد ظهر ومعه بدأنا نشعر بالعواطف، حيث كانت وظيفتها الأساسية هي تعزيز أفعال دماغ الزواحف، وبفضل العواطف بالإضافة إلى الرغبة في البقاء، نحن متحمسين للقيام بذلك، فعندما يهدد تهديد حياتنا يرسل الدماغ معلومات إلى أعضاء مختلفة من الجسم لتوفير الطاقة، ونحن بحاجة إلى الطاقة للعمل إما الفرار أو الدفاع من التهديد، وبفضل الفصل بين الهرمونات مثل الأدرينالين وغيرها يتسارع التنفس ويزيد معدل ضربات القلب وتتوسع حدقة العين، وهناك قدر كبير من التغييرات في جميع أنحاء الجسم التي تعدنا للعمل.

تساعدنا المشاعر في إعلامنا بأن شيئًا مهمًا يحدث، سواء كان ممتعًا أو غير سار، لهذا السبب نتذكر دائمًا كل ما كان له تأثير عاطفي هائل علينا كونها صارمة، في حين أن العواطف ليست أكثر من استجابة فسيولوجية في الجسم لأوامر معينة من الدماغ، يتم إفراز الأدرينالين لأن الغدد الكظرية تتلقى الترتيب المناسب، ونلاحظ أن الاستجابة الجسدية في النبض، وضربات القلب، والتنفس المتسارع، والتعرق، وما إلى ذلك، وأن مجموعة الأحاسيس الجسدية لها اسم المشاعر.


شارك المقالة: