كيف تساعد مدارس والدورف الأطفال في تنمية التفكير والشعور والرغبة بالتعلم

اقرأ في هذا المقال


يتكون أسلوب تعليم والدورف من التركيز على ثلاثة أهداف رئيسية، التعلم عن طريق التفكير والشعور والرغبة بالعمل، ويركز المنهج وطريقة التدريس والتعلم على الأنشطة العملية ودمج الفنون في كل مادة، والهدف النهائي هو خلق متعلمين متعاطفين مدى الحياة لديهم حب حقيقي للتعلم واستكشاف العالم.

مقدمة حول مدارس والدورف للأطفال

وُلد مفهوم مدرسة والدورف من جهود رودولف شتاينر، وهو معلم وعالم وفنان ومؤسس علم الإنسان، ففي عام 1919 اتصل إميل مولت، صاحب شركة والدورف، وهو مصنع في شتوتغارت بألمانيا، بشتاينر بشأن تطوير مدرسة لأطفال الموظفين.

وكان هذا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، عندما كانت ألمانيا تواجه مشهدًا اقتصاديًا واجتماعيًا صخريًا، إذ أكد شتاينر أن الوقت قد حان للتجديد، ووافق على إنشاء المدرسة وشكل مدرسة والدورف المستقلة في سبتمبر من عام 1919، وحتى هذا اليوم، تُعرف المدارس التي تتبع المبادئ التي وضعها شتاينر باسم مدارس والدورف.

كيف تساعد مدارس والدورف الأطفال في تنمية التفكير والشعور والرغبة بالتعلم

يتجلى نهج التعليم الذي طوره رودولف شتاينر في عام 1919 في حركة مدرسة والدورف العالمية ومناهجها الدراسية، والتي تقوم على أساس متين لتنمية الطفل وكتشاف تدريجي لصفات الروح في التفكير والشعور والرغبة بالتعلم، ويعتقد المعلمون في مدارس والدورف أنه يجب رعاية خيال الطفل وتشجيعه على التطور بطريقة صحية، باستخدام الأساليب التربوية التي تتجنب وسائل الإعلام وتقنيات المعلومات، وخاصة التقنيات القائمة على الشاشة، خاصة في السنوات الأولى.

وأحد الأهداف الرئيسية لطريقة والدورف التعليمية هو مساعدة الطفل على تطوير التفكير والشعور والرغبة بالتعلم عن طريق تنمية الخيال الحر، لذلك على سبيل المثال يتم رواية القصص بشكل عام دون تقديم صور مطبوعة، حيث توفر الكلمات المواد الخام، ويجب على الطفل أن يكسو القصة بصوره الخاصة.

والمفاهيم الرئيسية لطريقة والدورف التعليمية لمساعدة الطفل على تطوير التفكير والشعور والرغبة بالتعلم:

1- يدمج كل من الطلاب الفنون والخبرات في كل مادة، سواء كانت علومًا أو رياضيات.

2- تشجيع الطلاب على تحمل مسؤولية تعلمهم.

3- تنمي المدارس الطفل كله وتنمي مكوناته الفكرية والجسدية والعاطفية والفنية والروحية.

وتم تحديد بعض المفاهيم الأساسية للطريقة التي يتعلم بها الطلاب في مدرسة والدورف التفكير والشعور والرغبة بالتعلم:

الخيال يغذي التعلم

تسعى مدارس والدورف جاهدة من أجل منهج صارم، لكن الأمر لا يتعلق بحفظ الحقائق والأرقام ومعلومات التعلم، بدلاً من ذلك يقوم المعلمون بدمج الفنون والخبرات المتنوعة في كل مادة، سواء كان ذلك في العلوم أو القراءة أو الرياضيات، لتكوين نهج شامل لكل مجال.

والفكرة هي أن خيال الطفل خاصة خلال السنوات الحاسمة للنمو المبكر، يجب أن تتم رعايته وتشجيعه للسماح للإبداع بالازدهار، وفي الواقع في الفصول الدراسية لمرحلة ما قبل المدرسة وحتى الفصول الدراسية في رياض الأطفال، يركز منهج والدورف بشكل أكبر على الخيال بدلاً من الأكاديميين مما يساعد الأطفال على التعلم من خلال التجارب العملية واللعب، ويعترف منهج والدورف بمراحل تنموية مميزة لدى الأطفال ويهدف إلى تصميم منهج يدعم هذه المراحل المختلفة.

تعزيز الشعور بالتحفيز الداخلي

يتم تشجيع الطلاب في فصل والدورف على تولي مسؤولية تعلمهم، والانخراط في كل ما يفعلونه لتعزيز الشعور بالدوافع الجوهرية، بمعنى آخر يجب أن يتعلم الأطفال لأنهم يريدون ذلك، وليس مجرد الحصول على درجات عالية في اختبار أو أداء أفضل من زميلهم في الفصل، عندما يكون هذا الدافع الداخلي موجودًا، فإنه يطور متعلمين مدى الحياة.

تنشئة الطفل بالكامل

كان شتاينر مؤسس علم الإنسان الذي أكد أن العقل البشري يمكنه التواصل مع العالم الروحي، وبهذا المعنى تسعى مدارس والدورف جاهدة إلى تنشئة الطفل بالكامل، وتطوير المكونات الفكرية والجوانب الجسدية والعاطفية والفنية والروحية، فإذا تغير الطفل في أحد هذه المجالات فإن الفكرة هي أن هذا التغيير سيؤثر على الطفل بأكمله، وعندما يتعلم الطفل في هذه البيئة، تكمن الفكرة في أنه سينمو ليصبح فردًا واثقًا ومتماسكًا يتمتع بمستوى أخلاقي عالٍ ومتحمس لتحقيق أهدافه.

وغالبًا ما يتعامل الطلاب الذين يدرسون في مدارس والدورف مع المشكلات بالإبداع والقدرة على التكيف، ويمكنهم أخذ الأشياء التي مروا بها وتطبيقها على مواقف جديدة لإيجاد حلول، ويتم تشجيع المعلمين في مدارس والدورف على التعاون مع بعضهم البعض وبناء علاقات إيجابية.

بالإضافة إلى التكيف والاستجابة للاحتياجات الفردية لطلابهم، وبما أن الوالدين هم معلم الطفل الابتدائي، تقوم مدرسة والدورف بمساعدتهم على دمج مجموعة متنوعة من أساليب التعلم في حياة الطفل باستخدام الموارد التي تشجع الخيال والإبداع واللعب.

العناصر الأساسية لتعليم والدورف

طرق التدريس

عند زيارة مدرسة والدورف سيجدها المرء مليئة بالنشاط – حيث يشارك الطلاب والمعلمون معًا بنشاط في عملية التعلم في كل من الفصول الدراسية وخارجها، كما يتم التركيز بشكل كبير على التعلم التجريبي، ويمكن للمعلمين دمج هذا في كل تخصص تقريبًا، وإحياء عملية التعلم وتزويد الطلاب بالمهارات والمعرفة ذات الصلة بالعالم خارج المدرسة.

ويمكن للمدرسين تصميم المواد وفقًا لأنماط التعلم واحتياجات الطلاب ويمكنهم استخدام التقييمات البديلة التي تقيم عملهم وقدراتهم حقًا، وتتمثل الميزة الرئيسية لتعليم والدورف في بقاء المعلمين مع فصولهم الدراسية لسنوات وذلك للعمل والنمو والتعلم معًا للحصول على تجربة تعليمية صارمة وممتعة.

الفنون

الفن ليس إضافيًا ولكنه جزء لا يتجزأ من منهج والدورف، فمن خلال الفن، يطور الطلاب فهمًا حسيًا أكثر للموضوع المطروح، حيث يعد الرسم والغناء ونمذجة شمع العسل جزءًا من الدروس اليومية، ويقوم الطلاب أيضًا بإنشاء كتب الدروس الرئيسية الخاصة بهم والتي تعرض ما تعلموه بالإضافة إلى تعبيرهم الفني عنه.

علاقات شخصية

العلاقات الشخصية لعل أهم ما يميز مدرسة والدورف هو العلاقة الشخصية القائمة بين المعلم والطالب، حيث يبقى الأطفال مع معلم صفهم لسنوات، ويتعرف المعلمون على طلابهم جيدًا، لفهم خلفياتهم واهتماماتهم وقدراتهم وتحدياتهم، كما يمكن لكل طالب الحصول على الاهتمام الشخصي الذي يحتاجه.

ومن خلال الانخراط في مناقشات عميقة ومدروسة مع معلميهم وأقرانهم، يتم تقديم التوجيه والإلهام للطلاب في السعي وراء أفكارهم الناشئة، فالعلاقات الشخصية بين الطلاب مهمة أيضًا، وتتشكل العلاقات القوية وكل فئة لها هوية قوية كمجموعة، ويأتي التعلم المهم من خلال العطاء والأخذ اليومي للحفاظ على المجتمع.

الإيقاعات

تعتبر الإيقاعات اليومية جزءًا مهمًا من اليوم الدراسي وتوفر اتساقًا يسمح لكل من الهيكل والعفوية، فالإيقاعات والمهرجانات الموسمية تجعل الأطفال أقرب إلى الأرض والدورات الطبيعية، حيث تجمعهم احتفالات المهرجانات معًا كمجتمع.

وفي الختام نهج والدورف هو مصمم للعمل في انسجام مع المراحل المختلفة لنمو الطفل، حيث يتم تدريس المواد الأساسية للمنهج في كتل موضوعية وتشمل جميع الدروس توازنًا بين المحتوى الفني والعملي والفكري، فالصف بأكمله يتم التدريس به بقدرات مختلطة وهو القاعدة.


شارك المقالة: