إن الاستماع إلى موسيقى مؤثرة هي المثير الأكثر انتشار للارتعاش، ولكن يمر بعضهم في هذا الإحساس عندما ينظرون إلى لوحة جميلة، أو يشاهدون مقطع معين في فيلم.
لماذا يشعر الناس بقشعريرة عندما يستمعون للموسيقى
أبرزت الدراسات أن ثلث السكان تقريباً ينتابهم الشعور بالارتعاش، ويسعى العلماء إيجاد سر هذه الحالة، وهناك مجموعة كبيرة من الدراسات تتبعت أصل الارتعاش في محاولة لتفسير الاستجابة الغريبة للإيعازات المختلفة على مدى خمس القرون الماضية، وبالأخص الموسيقى.
إن الجمل الموسيقية التي تحتوي على انسجام غير متوقع في الألحان، وتحول مفاجئ في مستوى الصوت، أو الدخلة المؤثرة للعازف المنفرد هي إيعازات منتشرة للارتعاش؛ لأنها تنتهك توقعات المستمع بأسلوب إيجابي.
عندما يقوم عازف الكمان المنفرد بعزف مقطوعة مؤثرة، والتي تشتد إلى أن تصل إلى نوتة عالية جداً، من المحتمل أن يجد المستمع هذه الحركة مليئة بالمشاعر، ويشعر الشخص بالإثارة لرؤية التنفيذ المتقن لمقطوعة صعبة مثل هذه، ولكن ما زال العلم يحاول معرفة لماذا تسبب أوقات الإثارة هذه القشعريرة من الأصل.
إن الإحساس بالقشعريرة بعد تحول مفاجئ في درجة الحرارة مثل مواجهة الشخص نسمة هواء باردة بشكل مفاجئ في يوم دافئ، سوف يرفع الشعر بصورة مؤقتة وينزله، مسبب إعادة طبقة الدفء هذه.
وبعد أن اختراع البشر للملابس، حاجة الناس إلى الطبقة الماصة للحرارة هذه نقصت، ولكن البنية الفسيولوجية هذه لا تزال في مكانها، ومن المحتمل أنه قد تمت إعادة ربطها لتكوين الانفعال هذا كنوع من ردة فعل لإيعاز مؤثر.
مراقبة استجابة الجلد للموسيقى
يظن أنه إذا كان هناك شخص ما مغمور بمقطوعة موسيقية، فإن هذا سوف يزيد من فرصة تجربته للارتعاش؛ لأنه يعير انتباه أكبر لهذا الإيعاز، ويظن أن كون شخص ما مغمور بمقطوعة موسيقية ما أو لا، هو أمر يستند على نوع شخصيته.
ولاختبار هذه الفرضية، أُحضر مشاركين إلى المختبر ورُبطوا على أجهزة تعمل على قياس استجابة الجلد الجلفانية، وهو جهاز يقوم بقياس المقاومة الكهربائية للأشخاص عندما تتم إثارتهم، وبعدها طلب من المشاركين إلى استماع مجموعة من المقطوعات الموسيقية، وفي هذا الوقت يعمل الباحثون على مراقبة ردة فعلهم للموسيقى.
عندما استمع المشاركين إلى مقطوعة موسيقية، طلب الباحثون منهم تسجيل إحساسهم بالارتعاش من خلال ضغطهم زر صغير، مما أدى إلى إنشاء سجل زمني لكل جلسة استماع.
بمقارنة هذه البيانات بالمقاييس الفسيولوجية، وباختبار الشخصية الذي أكمله المشاركين، تم التمكن وللمرة الأولى من الحصول على استنتاجات عن سبب حدوث الارتعاش بصورة أكثر عند بعض المستمعين.
يُظهر هذا المخطط استجابة المستمعين في المختبر، والارتفاع الموجود في كل خط يمثل لحظات كان المشاركين ينتابهم الشعور بالإثارة فيها نتيجة الموسيقى.
دور الشخصية
أبرزت النتائج من اختبار الشخصية أن المستمعين الذين شعروا بالارتعاش سجلوا مستوى عالي في سمة الشخصية المُسماة بالانفتاح للتجارب.
وقد أبرزت الدراسات أن الأشخاص الذين يملكون هذه السمة كانت لديهم إمكانية مرتفعة للتصور بصورة غير عادية، ويهتمون الجمال والطبيعة، ويبحثون عن تجارب جديدة، وينعكس هذا على مشاعرهم، وحبهم للتنوع في الحياة.
بعض صفات هذه الشخصية عاطفية بطبيعتها مثل حب التنوع، وتقدير الجمال، وبعضها معرفية مثل الخيال، والفضول الفكري.
وفي وقت أن الأبحاث قد قامت بربط الشخصيات المنفتحة للخبرات بالارتعاش، ووجدت معظم الدراسات أن الأشخاص قد مروا بتجربة الارتعاش نتيجة التفاعل الوجداني الكبير الذي كان عندهم نحو الموسيقى.