مهارات معالجة المعلومات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تشرح مفاهيم معالجة المعلومات كيفية عمل الأشخاص أو إجراء عمليات عقلية على المعلومات التي تلقوها، حيث تشمل هذه العمليات جميع الأنشطة الذهنية التي تنطوي على ملاحظة المعلومات أو أخذها أو معالجتها أو تخزينها أو دمجها أو استرجاعها، يؤكد هذا النهج في التنمية البشرية على العمليات العقلية الأساسية التي ينطوي عليها الانتباه والإدراك والذاكرة واتخاذ القرار والاستدلال.

نظرية معالجة المعلومات في علم النفس

في الأساس تحاول نظرية معالجة المعلومات في علم النفس شرح كيف يفكر البشر، فقبل تطور نظرية معالجة المعلومات، كان مجال علم النفس يهيمن عليه المدرسة السلوكية، وهي مدرسة فكرية تم التركيز فيها فقط على السلوكيات التي يمكن ملاحظتها خارجيًا؛ لأن العمليات العقلية لم تكن ملحوظة بشكل مباشر، لم تكن مصدر قلق بين السلوكيين.

ومن ناحية أخرى افترض المعرفيين الذين يمثلون مدرسة نظرية متناقضة تعتمد على الإدراك أن العمليات المعرفية الداخلية تعمل كأساس لفهم العديد من السلوكيات البشرية وأن هذه العمليات المعرفية يمكن فهمها من خلال تحليل الطرق التي يفكر بها الناس.

بالتالي في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي اقترح المعرفيين أن تفسيرات علماء السلوك للسلوك الإنساني كانت غير كافية لأنها لم تأخذ في الحسبان عمليات التفكير البشري، نتيجة لذلك أدت طفرة في النظريات إلى نماذج مفصلة للتفكير البشري وحل المشكلات، حيث ركزت النماذج المعرفية عادةً على المعالجة التسلسلية أو التدريجية للمعلومات واعتمدت الكمبيوتر كنموذج للنشاط المعرفي البشري.

في عام 1956 كان جورج إيه ميللر من بين أول من طبق نظرية خطوة بخطوة لمعالجة المعلومات من خلال ربطها بالطريقة التي تعالج بها أجهزة الكمبيوتر عالية السرعة المعلومات، واقترح على غرار الكمبيوتر أن يأخذ العقل البشري المعلومات، ويقوم بعمليات عليها لتغيير شكلها ومحتواها، ويخزن المعلومات ويحددها، ثم يولد مخرجات من نوع ما، ووفقًا لنظرية ميلر تتضمن معالجة المعلومات لدى البشر جمع المعلومات وتمثيلها الترميز، والاحتفاظ بالمعلومات الاحتفاظ بها، والحصول على المعلومات عند الضرورة الاسترجاع.

بالإضافة إلى مقارنة معالجة المعلومات للبشر بمعالجة أجهزة الكمبيوتر، قدم ميلر مساهمة كبيرة في فهم معالجة المعلومات من خلال مفهومه للتقطيع فيما يتعلق بالذاكرة قصيرة المدى، حيث اقترح أن الأفراد يمكنهم فقط تخزين خمس إلى تسعة أجزاء أو وحدات ذات مغزى، من المعلومات في ذاكرتهم قصيرة المدى، أي شيء من الأرقام إلى الكلمات إلى وجوه الناس كان يعتبر بمثابة قطع من المعلومات، وكان مفهوم التقسيم أحد أهم مساهمات ميلر؛ لأنه أصبح عنصرًا أساسيًا في نظريات الذاكرة اللاحقة.

مهارات معالجة المعلومات في علم النفس

من أهم مهارات معالجة المعلومات في علم النفس تطور نموذج معالجة المعلومات ثلاثي الإجراءات الذي ربما يكون الآن النموذج الأكثر قبولًا بين منظري معالجة المعلومات، حيث تم تطوير هذا النموذج لأول مرة في عام 1968 ثم تم تعديل هذا النموذج من قبل علماء النفس لإنتاج إصدارات مختلفة، فبشكل عام يقترح هذا النموذج أن هناك ثلاث مراحل متضمنة في الذاكرة تتمثل في الإدخال أو التسجيل الحسي، والذاكرة قصيرة المدى، والذاكرة طويلة المدى.

يتضمن التسجيل الحسي المدخلات من البصر والصوت وتحدث المعالجة على هذا المستوى في 3 إلى 5 ثوانٍ، وخلال إجراءات الخاصة بالذاكرة قصيرة المدى يتم نقل المعلومات إلى الذاكرة قصيرة المدى، حيث يمكن أن تبقى لمدة 15 إلى 20 ثانية، عادة يمكن استدعاء خمسة إلى تسعة أجزاء من المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى، ويمكن زيادة سعة الذاكرة قصيرة المدى عن طريق تقسيم المعلومات إلى وحدات يمكن إدارتها أو عن طريق التمرين على المعلومات حتى يتم تخصيصها للذاكرة، وخلال الإجراء الأخير يتم تخزين المعلومات للرجوع إليها في المستقبل في ذاكرة طويلة المدى، والتي يُعتقد أن لها سعة غير محدودة.

بالإضافة إلى نموذج معالجة المعلومات هناك ثلاثة نماذج أخرى تم تبنيها على نطاق واسع وتعتبر من المهارات المهمة في معالجة المعلومات، حيث يتمثل النموذج الأول في مستويات نظرية المعالجة حيث أن الفرضية الرئيسية وراء هذه النظرية هي أن الناس يستخدمون مستويات مختلفة من التفصيل أثناء معالجة المعلومات أثناء عملية التعلم، ويتضمن التفصيل أخذ معلومات بسيطة وتطبيق المعنى عليها بطريقة تزيد من فرصة تذكر تلك المعلومات، ويمكن أن تسهل المستويات المختلفة من المعالجة أو التفصيل على الفرد استرداد جزء من المعلومات المخزنة في الذاكرة.

وقد وصفت النموذجين المتبقية نموذج المعالجة الموزعة بالتوازي ونموذج المتصل وتم اقتراح هذه النماذج كبدائل لنموذج الإجراءات الثلاث، فوفقًا لنموذج المعالجة الموزعة بالتوازي تتم معالجة المعلومات بواسطة عدة أجزاء متميزة من نظام الذاكرة بطريقة متزامنة، هذا يختلف عن نموذج الإجراءات الثلاث لأنه يقترح عملية متزامنة على عكس العملية التدريجية التي اقترحها.

تم اقتراح النموذج المتصل في عام 1986، حيث يفترض هذا النموذج أن أجزاء من المعلومات مخزنة في مواقع عديدة في جميع أنحاء الدماغ في شكل شبكات أو اتصالات، ووفقًا لهذا النموذج كلما زادت الاتصالات بمفهوم واحد أو جزء من المعلومات، زادت احتمالية تذكر هذا المفهوم.

على سبيل المثال وفقًا لهذه النظرية والأبحاث الداعمة لها، قد تكون محاولة العثور على المفاتيح الخاصة بنا بعد وضعها في غير مكانها أمرًا صعبًا إذا كنا لا نستطيع تذكر مكان وجودنا في آخر مرة رأيناها فيها، إذا كان يمكن أن نتذكر المكان الذي كنا آخر مرة رأينا بها و يمكننا أيضا تذكر لا يقل عن ثلاثة الأماكن التي ذهبنا بعد رأيتها الماضي منهم، قد نكون أكثر عرضة للعثور على المفاتيح الخاصة بنا.

قضايا تنموية في معالجة المعلومات في علم النفس

يقترح بعض منظري معالجة المعلومات أن الأطفال يختلفون عن البالغين في المقام الأول لأن لديهم خبرة أقل، حيث يعتقد هؤلاء المنظرين أنه من خلال التدريب أو التعليم المناسبين، يمكن للأطفال تعلم النجاح في المهام المعرفية المختلفة، وبالتالي فإن التعرض للبيئة يؤثر على التطور المعرفي، ويعتقد منظرين آخرين أن عمليات النضج الطبيعي للأطفال تؤثر على تعقيد تفكيرهم.

لذلك عندما يكبر الأطفال ونضجهم بشكل طبيعي، يصبحون قادرين على أداء المهام المعرفية التي تزيد من صعوبة وتعقيد، حيث يفترض منظرو معالجة المعلومات أن التنمية تنطوي على تغييرات نوعية وكمية، وقد شوهدت أمثلة على هذه التغييرات في أداء الأطفال في عدة مجالات، وتشمل هذه الإدراك، والذاكرة، والفهم اللفظي، والمهارات الرياضية، وحل المشكلات.

ففيما يتعلق بالإدراك أظهرت الدراسات أن الأطفال الصغار يواجهون صعوبة في التمييز بين المظهر والواقع، أي عندما يُطلب منهم وصف شيء ما، سيصف الأطفال الصغار الطريقة التي يظهر بها لهم، بدلاً من وصف ما هو أمامهم حقًا، تم العثور على الذاكرة لتكون أفضل عند الأطفال الأكبر سنًا منها عند الأطفال الأصغر سنًا، وعند تعلم مادة جديدة، من المرجح أن يستخدم الأطفال الصغار استراتيجيات بسيطة للغاية، بينما يستخدم الأطفال الأكبر سنًا استراتيجيات أكثر تفصيلاً للمساعدة في حفظ المعلومات.

يعتبر الفهم اللفظي هو القدرة على فهم الكلمات والجمل والفقرات وغيرها من أشكال المعلومات المنطوقة، حيث يبدو أن الفهم اللفظي للأطفال يزداد مع تقدم العمر، وتزداد أيضًا قدرة الأطفال على وضع استراتيجيات مفيدة تعمل على تحسين الفهم اللفظي مع تقدم العمر.

تشير هذه النتائج إلى أنه مع تقدم البشر في السن، هناك اتجاه لنا لتطوير طرق أكثر تعقيدًا للحصول على المعلومات ومعالجتها والاحتفاظ بها، وبالتالي تصبح مهارات معالجة المعلومات أكثر تطوراً مع تقدم العمر، ويشير هذا الجانب من التغيير إلى أنه عند تعليم الأطفال أشياء جديدة، من المهم مراعاة مكانهم في عملية التطور وتعديل تقنيات التدريس بحيث تكون متوافقة مع قدرات معالجة معلومات الأطفال.


شارك المقالة: