مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


كثيرا ما يقال لنا أن النظريات الأخلاقية التي دافع عنها علماء النفس والفلاسفة المعاصرين تنقسم إلى نوعين، من ناحية هناك مواقف عقلانية لعلماء النفس الذين يعتقدون أن العقل هو أساس الأخلاق؛ لأن الأخلاق بمعنى ما متأصلة في العقل ويتم استيعابها، ومن ناحية أخرى هناك مواقف عاطفية وهي تعبر عن التأثير بأنه هو أساس الأخلاق، ومنها تطرق توماس ريد لمبادئ العمل العقلاني في النظريات الأخلاقية.

مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس

اعتبر العالم توماس ريد محاولات استخدام أساليب العديد من الفلاسفة وعلماء النفس لتطبيقهم أساليب محددة على المجال الأخلاقي؛ لأنه نظر إلى هذه الأساليب على أنها مشكوك فيها، حيث أن توماس ريد يؤمن بأن الفعل البشري يحكمه القانون، ومنها يمكننا تنظيم سلوكنا بالرجوع إلى المبادئ العقلانية للعمل، حيث أن هذه المبادئ تعتبر من نوعين فهي تتعلق بخيرنا كله وواجبنا.

يعتقد توماس ريد أن هذه المبادئ العقلانية تقف في نوع معين من العلاقة مع بعضها البعض، حيث يمكننا تحديد هذه العلاقة بشكل أفضل من خلال وجود فكرة الأسبقية التحفيزية أمامنا، فقد افترض عند وجود حالة محددة لها أسبقية تحفيزية لوكيل واحد فقط في حالة وجود شروط تحكمها ، ففي مجموعة واسعة من الحالات العادية، تعد هذه الحالة نوعًا من الاعتبارات التي يتصرف فيها الوكيل.

وبناءً على ذلك إذا كان الوكيل يتداول بشأن ما يجب فعله فإن الحالة التي يوجد بها هي نوع من الحالة التي قد يستخدمها بشكل عقلاني في مجموعة واسعة من الحالات، ليس فقط لتأطير مداولاته العملية ولكن أيضًا يسعى إلى تحقيقها، ومنها تعتبر هذه الحالة سببًا كافيًا للفرد للتصرف، بعبارة تقريبية يعتبر هذا الموقف هو سبب كافٍ للفرد للتصرف فقط في حالة قيامه بالتداول حول ما يجب القيام به.

ثم في مجموعة واسعة من الحالات العادية فإن الفرد سوف يأخذ هذه الحالة لتكون سببًا للتصرف ويسعى لتحقيق ذلك حتى لو كان يعتقد أو يفترض أن قيامه بذلك لن يؤدي أو يزيد من احتمالية حدوثه في أي حالة أخرى يقدّرها؛ هذا سبب كاف للفرد للتصرف لأنه سيحاول تحقيق ازدهار علاقاته حتى لو كان يعتقد أن قيامه بذلك لن يؤدي إلى أي حالة أخرى.

ففي مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس يمكننا أن نفكر في هذا على أنه الادعاء بأن الحالة المحددة سبب من هذا النوع في مجموعة واسعة من الظروف، حيث كان على الفرد أن يتداول بشأن ما يجب فعله، ثم سوف يأخذ الحالة المتاحة له للتغلب على أنواع أخرى من الأسباب، حتى لأسباب كافية أخرى.

فرضية التسلسل الهرمي لمبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس

تتمثل فرضية التسلسل الهرمي لمبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس بأنه في أي حالة يجب أن يقرر فيها الوكيل ما يجب فعله بشكل عقلاني، حيث يجب أن يكون لاعتبارات ما هو مطلوب أخلاقيًا أسبقية تحفيزية، على وجه التحديد كل ما هو مطلوب أخلاقيًا من الفاعل يجب أن يكون له أولوية تحفيزية على ما يأخذه ليكون جيدًا له بشكل عام.

تؤكد فرضية التسلسل الهرمي لمبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس أنه عندما يتداول الوكيل حول ما يجب أن يفعله، فإنه يفترض أو يجب أن يفترض أن الاعتبارات المتعلقة برفاهيته أو الحياة الجيدة لها أسبقية تحفيزية بمعنى قوي للغاية، أي كل فعل يقوم به الفاعل إما أن يؤخذ أو يجب أن يؤخذ من أجل سعادة الفرد نفسه.

وفقًا لذلك إذا كانت الحياة الجيدة صحيحة فإن الفاعل يعمل وفقًا لمبدأ اختيار الفعل العقلاني من حيث القيام بتلك الإجراءات التي تساهم بشكل إيجابي في رفاهية الفرد أو الحياة الجيدة، علاوة على ذلك عند القيام بذلك يعامل الوكيل الاعتبارات المتعلقة برفاهيته وهي سبب كاف للتصرف بأسلوب عقلاني ومنها فإن التبرير النهائي للوكيل يجب أن يلائم الطريقة التي يساهم بها التصرف بهذه الطريقة في رفاهيته.

في فرضية التسلسل الهرمي لمبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس لا يوجد معقولية لفكرة أن الوكلاء بالضرورة سوف يسعدون أنفسهم او غيرهم كما يفهمون ذلك؛ لأنهم يستطيعون عن عمد التصرف بطريقة تدمير الذات، أو الرأي القائل بأن الفاعل العقلاني عمليًا يأخذ رفاهيته لتكون لها أسبقية تحفيزية لم يمسها أحد نسبيًا.

وفقًا لوجهة النظر هذه مهما كانت الحالة حول كيفية تصرف الوكلاء فعليًا، يجب أن ينظروا إلى رفاههم على أنه أولوية تحفيزية، حيث لم يرغب توماس ريد في التوصية بصورة الوكالة التي يجب على الوكلاء بموجبها تجاهل رفاهيتهم أو تجاهلها، ففي الواقع يرى توماس ريد أنه عندما يُفهم العمل العقلاني بشكل صحيح، فإن الاهتمام بالصالح العام بشكل عام يؤدي بشكل طبيعي إلى اكتساب الفضائل الأخلاقية مثل العدالة والإحسان.

المبادئ الأخلاقية في مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس

يعتبر تفسير توماس ريد للفعل المستقل العقلاني هو ما يمكننا نحن البشر أن نتصرف من خلال مجموعة كبيرة ومتنوعة من المبادئ، بما في ذلك ما يسمى بالمبادئ الأخلاقية، هذا ما يجعلنا وكلاء عقلانيين متميزين عن بقية الكائنات وهو قدرتنا على اكتساب مسافة حاسمة من الحوافز وتنظيم سلوكنا من خلال الاحتكام إلى المبادئ العقلانية للعمل والتساؤل إذا كان مسار العمل يساهم في مصلحتنا ويتوافق مع الواجب الأخلاقي.

يتمتع المبادئ الأخلاقية في مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس بأولوية تحفيزية، حيث يوجه هذا التشابه بين فكر كل من العالم توماس ريد والعالم إيمانويل كانط في هذه النواحي، فوفقًا لكل من توماس ريد وإيمانويل كانط نحن كائنات عقلانية ليس لأننا في المقام الأول قادرون على الانخراط في التفكير العملي كوسيلة نهاية.

بدلاً من ذلك نحن عمليًا وكلاء عقلانيين في المقام الأول لأننا نستطيع تقييم الدوافع المختلفة للعمل من خلال اللجوء إلى المبدأ الأخلاقي أو قانون أخلاقي محدد في المبادئ العقلانية للفعل، من حيث الحكم الذاتي العقلاني، ولكن الفرق أن إيمانويل كانط هو شخص أحادي أخلاقي، يؤمن أن هناك مبدأ رئيسيًا واحدًا للأخلاق في الحتمية القاطعة وهو أساسي ويمكن أن تنبثق منه جميع واجباتنا الخاصة.

على النقيض من ذلك يرفض توماس ريد الوحدوية الأخلاقية ويؤكد أنه لا يوجد مثل هذا المبدأ الرئيسي، ولكن فقط مجموعة متنوعة من المبادئ الأخلاقية التي هي بديهية وغير قابلة للاختزال لبعضها البعض، من المحتمل أن يكون التعبير عن المبادئ الأخلاقية في مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس فهي أفضل طريقة لفهمه على أنه طريقة مختصرة للإشارة إلى واحد أو آخر من هذه المبادئ التي يمكن أن تحكم التداول العملي.

في النهاية نجد أن:

1- مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس هي مبادئ جديدة للفعل العقلاني تطرق لها توماس ريد في النظريات الأخلاقية؛ لأنه رفض فرضيات غيره فيها.

2- يعتقد توماس ريد أن المبادئ العقلانية تقف في نوع معين من العلاقة مع بعضها البعض، حيث يمكننا تحديد هذه العلاقة بشكل أفضل من خلال وجود فكرة الأسبقية التحفيزية أمامنا.

3- تتعلق مبادئ العمل العقلاني لدى توماس ريد في علم النفس في المبادئ الأخلاقية والتسلسل الهرمي الزمني.

المصدر: علم النفس المعرفي، د. رافع النصير الزغلول - د. عماد عبد الرحيم الزغلولعلم النفس و الأخلاق، ج أ جيمس آرثر هادفيلد، 2017المنطق وعلم النفس، مدحت عبد الرزاق الحجازي، 2020التشابك الكمي والعقل الباطن الجماعي، محمد مبروك أبو زيد


شارك المقالة: