معرفة الذات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


معرفة الذات في علم النفس بشكل قياسي إلى معرفة الحالات العقلية للفرد أي ما يشعر به المرء أو يفكر فيه، أو ما يعتقده أو يرغب فيه، حيث اعتقد معظم علماء النفس أن معرفة الذات تختلف اختلافًا ملحوظًا عن معرفتنا بالعالم الخارجي الذي يتضمن ذلك معرفتنا بالحالات العقلية للآخرين.

معرفة الذات في علم النفس

يميز علماء النفس معرفة الذات مقارنة بالمعرفة في المجالات الأخرى، حيث يُعتقد أن معرفة الذات تختلف عن الأنواع الأخرى من المعرفة بطريقة أو أكثر من أن معرفة الذات آمنة بشكل خاص معرفيًا، ويتم اكتساب المعرفة الذاتية في بعض الأحيان باستخدام أسلوب شخصي حصري لكل فرد، وأن معرفة الذات في علم النفس تعكس قدرتنا على معرفة الذات وكالتنا المعرفية.

تتمثل معرفة الذات في علم النفس من خلال تصريحات المرء حول الحالات العقلية للفرد التي تحمل سلطة خاصة أو افتراض الحقيقة، حيث تحدد معرفة الذات في علم النفس السمة المميزة لمعرفة الشخص لنفسه على أنها الحالة المعرفية لفئة معينة من المعتقدات، في حين أن العبارة تحددها معرفة الذات في علم النفس بالطريقة التي يستخدمها المرء في تكوين هذه المعتقدات.

يؤكد البيان الخاص بمعرفة الذات في علم النفس على فاعلية الموضوع، عادةً فيما يتعلق بمواقف مثل المعتقدات والنوايا والتي تكون حساسة للأسباب، حيث تركز معرفة الذات في علم النفس على الطريقة التي يتعامل بها الآخرين مع الإسناد الذاتي للحالات العقلية، وهي طرق لصرف فكرة أننا نتمتع بالوصول المميز إلى حالاتنا العقلية.

العصمة والمعرفة المطلقة في معرفة الذات في علم النفس

أقوى الادعاءات المعرفية نيابة عن معرفة الذات في علم النفس هي العصمة والمعرفة المطلقة، حيث يكون المرء معصومًا من الخطأ فيما يتعلق بحالاته العقلية إذا لا يمكن أن يكون لديه اعتقاد خاطئ بأن المرء في حالة عقلية معينة، فالمرء يعرف كل شيء عن حالاته إذا كان وجوده في حالة ذهنية يكفي لمعرفة أنه في تلك الحالة.

أحيانًا يتم التعبير عن أطروحة المعرفة الشاملة هذه بالقول إن الحالات العقلية توحي بالذات أو تقدم نفسه، وقلة من علماء النفس المعاصرين يؤكدون أننا معصومين عن الخطأ أو شمولية المعرفة بشأن جميع حالاتنا العقلية في معرفة الذات في علم النفس.

يستند إيمان الفرد بموقفه في معرفة الذات في علم النفس إلى شهادة شخص آخر، حيث إن فرضية العصمة تكون أكثر تقييدًا من شأنها أن تقصر المجال ذي الصلة على الإسناد الذاتي بناءً على أسلوب شخصي حصري ربما الاستبطان، ومنها اعتقد العالم رينيه ديكارت أنه يمكننا من حيث المبدأ تحقيق العصمة في هذا العالم المحدود، ولكن فقط من خلال ممارسة العناية الدقيقة.

يقول ديكارت أنه لا تزال هناك أحاسيس وعواطف واحتياجات للفرد، قد يُنظر إلى هذه بوضوح شريطة أن نولي عناية كبيرة في أحكامنا المتعلقة بها بحيث لا تشمل أكثر مما هو متضمن بشكل صارم في تصورنا، ليس أكثر مما لدينا وعي داخلي به، لكن هذه قاعدة يصعب مراعاتها، على الأقل فيما يتعلق بالأحاسيس والعواطف.

الاعتراض الشائع حتى على ادعاءات العصمة المقيدة في معرفة الذات في علم النفس هو الفكرة التي تقول إنه عندما لا يمكن للمرء أن يكون مخطئًا، فلا يمكن أن يكون على صواب أيضًا، على سبيل المثال يؤكد بعض علماء النفس أن احتمال الخطأ مطلوب لتطبيق المفهوم المعرفي، والذي بدوره مطلوب من أجل معرفة الذات الجوهرية.

في شكلها غير المشروط تبدو أطروحة العلم المطلق في وجود المعرفة المطلقة في معرفة الذات في علم النفس أقل منطقية من أطروحة العصمة غير المؤهلة، عند الشعور بألم النكوص أو الخوف من الفشل، يبدو أن العلم بكل شيء يتطلب أن معرفة الذات ليست دائمًا مسألة استيعاب حالة عقلية واحدة من خلال التواجد في حالة أخرى، أي يبدو أنها تتطلب أن تفهم بعض الحالات العقلية نفسها.

لا توجد حالة ذاتية أثناء وجودها هي موضوعها الخاص فموضوعها دائما شيء آخر، ومنها يقوم بعض علماء النفس بتعديل أطروحة العلم الشامل من خلال الادعاء بأنه بالنسبة لبعض الجهات العقلية المسيطرة، فإن أي شخص في حالة من هذا النوع له ما يبرره في الاعتقاد بأنها كذلك، حتى لو لم يكن لدى المفكر هذا الاعتقاد في الواقع، ويدافع البعض عن أطروحة كلية المعرفة المعدلة، بناءً على فكرة أن الأحاسيس هي بالتعريف واعية.

يجادل آخرين من علماء النفس بأننا معصومين عن الخطأ أو المعرفة المطلقة بشأن معتقداتنا ومواقفنا الأخرى؛ لأن هناك علاقة تأسيسية بين الموقف من الدرجة الأولى والاعتقاد بأن المرء لديه هذا الموقف، طالما أننا عقلانيين ولدينا المفاهيم ذات الصلة فإن الاعتقاد بأن الموقف يشكل اعتقادًا يعتقد المرء أنه يقوم البعض الآخر بعكس علاقة الحكم، والاعتقاد بأن الشخص يمكن أن يؤمن بأن هذا الموقف الأصح.

تتعلق ادعاءات العصمة والمعرفة المطلقة في معرفة الذات في علم النفس بالعلاقات الوثيقة والعامة بين المعتقدات حول الحالات العقلية وتلك الحالات العقلية نفسها، وأشهر حِجَة فلسفية تتعلق بمعرفة الذات هي حِجَة ديكارت حيث أنها لا تتعلق بهذه العلاقات العامة، بدلاً من ذلك يتعلق الأمر باليقين في حالة معينة من الاعتقاد.

يهدف ديكارت إلى إثبات أنه طالما أن الفرد يهتم بعناية بأفكاره يمكنه أن يعرف على وجه اليقين أنه يفكر، وبالتالي أنه موجود، ومنها يمكن أن يكون هذا مؤكدًا حتى لو كان هناك عبقري شرير قوي للغاية يتحكم في أفكار الفرد ويسعى إلى خداعه.

ربما يكون الرأي الأكثر قبولًا على نطاق واسع على طول هذه الخطوط هو أن معرفة الذات، حتى لو لم تكن متأكدة تمامًا هي أكثر أمانًا من الناحية المعرفية، من الأنواع الأخرى من المعرفة التجريبية والأكثر وضوحًا المعرفة الإدراكية، حيث يؤكد بعض الذين يتخذون هذا الخط أن هناك فجوة سببية بين الحالة الإدراكية وموضوعها، وهذه الفجوة تقدم مصادر للخطأ غائبة في الإدراك الاستبطاني المباشر للإحساس.

أهمية وجود طريقة خاصة في معرفة الذات في علم النفس

يقبل معظم علماء النفس أن هناك طريقة معينة ما لفهم الحالات العقلية للفرد وتكون خاصة بمعنى أنها متاحة حصريًا للموضوع في معرفة الذات، حيث تم تفسير هذه الطريقة الخاصة على أنها نوع من النظرة الداخلية التي تعتبر موجهة إلى الحالة العقلية التي يجب استيعابها.

يعبر مصطلح الاستبطان حرفيًا عن النظر إلى الداخل، وهو يلتقط الطريقة التقليدية لتصور كيفية فهمنا لحالاتنا العقلية في معرفة الذات، حيث يستخدم هذا المصطلح استعارة مكانية للتعبير عن الانقسام بين عالم الفكر الداخلي والعالم الخارجي.

يُستخدم مصطلح الاستبطان بطرق مختلفة في أدبيات معرفة الذات، ربما يكون الاستخدام الأكثر شيوعًا هو ما يقترحه المعنى الحرفي للمصطلح في هذا الاستخدام، فإن الاستبطان هو الملاحظة الداخلية أو الانتباه الموجه داخليًا، والتي عندما تنجح تولد وعيًا بحالة عقلية، حيث إن الفكرة القائلة بأن الملاحظة الداخلية هي الطريقة الخاصة التي نحقق بها معرفة الذات هي أمر أساسي لحسابات التعارف والحس الداخلي.

بينما يشير مصطلح الاستبطان إلى النظر إلى الداخل، فإن وجهة النظر التي اكتسبت أهمية مؤخرًا تتصور أن الطريقة الفريدة لمعرفة الذات وتتطلب العكس تمامًا، بناءً على هذا الرأي نتحقق من أفكارنا من خلال النظر إلى الخارج، أي إلى حالات العالم التي يمثلونها، ويُعرف هذا باسم طريقة الشفافية حيث تتحقق معرفة الذات من خلال النظر من خلال الحالة العقلية الشفافة، مباشرة إلى حالة العالم التي تمثلها.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: