اهتمّ علماء التلاوة والتجويد بضبط المصحف الشريف، ووضع العلامات والإشارات التي تدل على أحكام التجويد والتلاوة، ليتمكن القراء وخاصة المبتدئين من معرفة مواضع الأحكام وتمييزها أثناء القراءة، ومن الإشارات التي اهتم علماء التجويد بإيجادها على صفحات المصحف الشريف، وتوضيحها للقارئ علامات الوقف، وسنتعرف في هذا المقال إلى دلالات هذه العلامات.
معنى علامات الوقف
علامات الوقف هي عبارة عن إشارات أو رموز استخدمها علماء التلاوة والتجويد في غير فواصل الآيات؛ لتعيين مواضع الوقف في القرآن الكريم، والإشارة إلى حكم كل نوع من أنواع الوقف عند تلك الإشارات في وسط الآيات، فمن خلالها يستطيع القارئ أن يميز بين مواضع الوقف الجائز ومواضع الوقف غير الجائز، ثمّ التمييز بين الحكم الأَولى لمواضع الوقف الجائز.
علامات الوقف
(مـ): يشير حرف الميم بهذا الشكل إلى الوقف اللازم، وتوجد هذه الإشارة عند تمام المعنى في الآية، ولا يمكن للقارئ أن يُظهر للمستمع بأنّ المعنى تمّ عند تلك الكلمة إلا بالوقف، كما جاء في قول الله تعالى: “إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘوَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ” سورة الأنعام 36، فالوقف على كلمة يسمعون وقف لازم لاكتمال المعنى.
(ج): يشير حرف الجيم إلى جواز الوقف والوصل معاً، مع عدم أولوية حكم على الآخر، وللقارئ الخيار هنا في الوقف أو الوصل. مثل قوله تعالى: “وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ” سورة الأنعام 34، فالوقف عند كلمة الله جائز، والوصل أيضاً جائز، وللقارئ الخيار في ذلك.
(صلى): وهذه علامة الوصل أولى، أي يجوز للقارئ أن يقف أو يوصل عند هذه الإشارة، لكن مع أولوية الوصل، فتمّ أخذ حرف (ص) من كلمة وصل، وآخر حرفين من كلمة أولى، للإشارة إلى هذا الحكم بالرمز (صلى) كما جاء في قول الله تعالى: “قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِ“ سورة الأنعام 12، فالوقف على كلمة الأرض جائز لكن الوصل أفضل.
(قلى): إشارة الوقف أولى وتشير إلى جواز الوصل مع أولوية الوقف، أي أنه يجوز للقارئ أن يوصل القراءة عند هذه الإشارة، لكن الأفضل أن يقف، مثل: “قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّٰلِمِينَ“ سورة الأنعام 58، فحسب إشارة الوقف عند كلمة وبينكم يجوز للقارئ أن يوصل القراءة، لكن الوقف عليها أولى فالمعنى اكتمل عندها.
(...) ثلاث نقاط مثلثة: علامة الوقف المتعانق، تأتي هذه الإشارة في موضعين من الآية نفسها، وتشير للقارئ أنه إذا وصل عند العلامة الأولى فإنه يقف عند الأخرى، وإن وقف عند الأولى عليه أن يوصل عند الأخرى، أي يقف على موضع واحد في الآية، ويوصل على الآخر، كقوله تعالى: “ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ” سورة البقرة 2، فإذا وقف القارئ على كلمة ريب عند الإشارة الأولى، فلا يجوز له الوقف على كلمة فيه، وعليه بالوصل على الإشارة الأخرى.
(لا): وتشير إلى الوقف غير الجائز (الممنوع)، واستخدمت كلمة (لا) إشارة للنهي عن الوقف عند رؤيتها، كقوله تعالى: “إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ” سورة البقرة 26، فالوقف على كلمة يستحي غير جائزة، لأنّ المعن لا يتناسب مع جلال الله سبحانه وتعالى ومكانته، ففيه إنكار صفة الحياء بالله جل وعلا، وهذا أمر يتنافى مع حقيقة الله تعالى ويفسد معنى الآية الكريمة، وهذا ما يسمى بالوقف القبيح.