إن من حقوق كتاب الله تعالى على قُرائِهِ أن يلتزموا بواجبهم تجاه هذا الكتاب العظيم، وأن يقرأوه كما أُنزل على نبيهم – صلى الله عليه وسلم – وأن يبتعدوا عن ما ظهر حديثاً من إضافة ألحان وأنغام للقرآن الكريم، وقد حذر من ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقوله: “اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وأَصْوَاتِها، وَإِيَّاكُمْ ولُحُونَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَأَهْلِ الْفسقِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ بَعْدِي قَوْمٌ يُرَجِّعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ وَالنَّوْحِ، لَايُجَاوِزُحَنَاجِرَهُمْ، مفتونةٌ قُلُوبُهُمْ، وقلوبُ مَنْ يُعْجِبُهُمْشَأْنُهُمْ“.
معنى المبتدع لغة واصطلاحا
المبتدع في اللغة والاصطلاح
في اللغة هو المخترع، وفي الاصطلاح هو إحداث أمر جديد في الدين لم يأمر الله تعالى به، ولم يفعله النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا صحابته الكرام ولا التابعين من بعده، وهو بحكم المحرم لحديث عائشة رضي الله عنها فيما ترويه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.
بعض الأمور المبتدعة في علم التجويد
المبتدع في التلاوة أمور كثيرة، ولا تجوز والتي قد تخرج القرآن عن وضعه الذي نزل به وهي كما يلي:
1- القراءة بالترقيص، وهو أن يرقص القارئ صوته بالقرآن ترقيصاً فيزيد في حروف المد ولا يعطيها حقها كما هي.
2- القراءة بالتحزين، وهو أن يبتعد القارئ أثناء القراءة عن عادته في القراءة التي اعتاد عليها، ويقرأ على وجه حزين يكاد يبكي كأن فيه خشوع وخضوع، وهذا منهي عنه لما فيه من الرياء.
3- القراءة بالترعيد، وهو أن يرعد قارئ القرآن صوته رعداً كأن أصابه ألم أو يرتعد برداً.
4- القراءة بالتحريف، وهو ما ظهر عند الذين يجتمعون بالقراءة بصوت واحد، كمن يريد أن يلحق بعضهم ببعض فلا يتم مراعاة الإخلال بكتاب الله وقطع بعض الأحرف.
5- القراءة بالرخاوة واللين كقراءة الكسلان.
6- النفر بالحروف كالمتشاجر، أو تقطيع الحروف أو عدم إظهار المبدوء به أو الموقوف عليه.
7- زيادة المد عن مقداره، أو مد حرف ليس فيه مد أو النقص في المد بأحد حروف المد.
8- المبالغة في إخفاء الحروف بحيث يصبح كأنه حرف مد، أو تحريك الحروف السواكن.
9- الخروج عن لحن العرب إلى لحون العجم، وذكر ذلك ابن قتيبة في كتابه مشكل القرآن: “وقد كان الناس يقرؤون القرآن بلغاتهم، ثم خلف من بعدهم قومٌ من أهل الأمصار، وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة ولا علم التكلف، فهفَوا في كثير من الحروف وزلُّوا، وقرؤوا بالشاذِّ وأخلُّوا“.
10- القراءة بالتلحين كالشعر والغناء، كما فعل الموالي وقد شددوا في هذه البدعة بدعوتهم الإلحادية إلى قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالآلات والمزامير قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ” (سورة فصلت:40-42).
رأي بعض الأئمة في المبتدعات في التلاوة
1- الإمام ابن تيمية رحمه الله قال فيها: “إن جمع القراءات في الصلاة أو في التلاوة بدعة مكروهة“، وقال أيضاً: “قراءة القرآن بصفة التلحين الذي يشبه تلحين الغناء مكروه مبتدع كما نص مالك والشافعي وأحمد بن حنبل“.
2- قال الإمام ابن الجزري: “وأما ما أحدثه بعض المتأخرين من أنهم يقرأون بالجمع كلمةً كلمةً، فبدعه وحشة، تخرج القرآن عن مقصودة ومعناه، ولا يحصل منها مراد السامع، والله تعالى أعلم بما على من يتعمد ذلك“.
3- وقال الإمام السخاوي: “وخَلْط بعض القراءات ببعض عندنا خطأ“.
4- وفي ذلك يقول الشيخ محمود الحُصري وهو أحد قراء الأزهر المعاصرين: “إن في الجمع بين القراءات تكرارًا يقطع على السامع سلسلة تتابع المعاني، ويضطره – طوعاً أو كرهًا- إلى أن يحضر ذهنه في التفكير في الروايات المختلفة التي تطرق سمعه، فيحول ذلك بينه وبين المقصود الأعظم من سماع القرآن، وهو فهمه وتدبره والانتفاع بما فيه من رشاد وهداية وعظة وعبرة“.
وفي النهاية فهذا شيء بسيط من الذي قد يقع به بعض القُراء أثناء قراءتهم للقرآن الكريم ظناً منهم أن في ذلك استجلاب واستعطاف لقلوب الناس، والذي قد يخرج الكلمة أو الحرف عن معناها الحقيقي التي نزلت به، فلذلك والأولى الابتعاد عن مثل هذه الحالات حتى لا يقع القارئ لا قدر الله في خطأ عظيم يخرجه عن النظم الحقيقي للقرآن الكريم.