يُعتبر المؤلف والأديب هربرت جورج ويلز وهو من مواليد مملكة بريطانيا العظمى من أهم وأبرز الأدباء الذين ظهروا في القرن الثامن عشر، حيث كان يطغو على مؤلفاته الأدبية طابع الخيال العلمي، وهذا ما جعل أعماله الأدبية تلقى صدى واسع حول العالم وتتم ترجمتها إلى العديد من اللغات العالمية، ومن أكثر الروايات التي اشتهر بها هي آلة الزمن، حيث تم العمل على إصدارها عام 1895م.
نبذة عن الرواية
تناول الكاتب موضوع الأغنياء والفقراء في الرواية، حيث انتقل الكاتب من خلال الرواية عبر الزمن وذلك من الوقت الحاضر الذي يعيش فيه إلى المستقبل البعيد، حيث وجد كيف أن مستقبل البشرية هو أمر معتم ويسوده الظلام، وقد اسند ذلك الأمر على تطور كلا الطبقيتين عبر الزمن، وقد أشار إلى أنّ الجنس الذي ينبثق عن الناس الأغنياء هو جنس وصفه بالأغبياء والضعفاء، ويعود السبب في ذلك الغباء والضعف إلى أنه لا حاجة لهذا الجنس الذكاء والقوة.
بينما الأشخاص الفقراء فقد أشار الكاتب إلى أنهم مع مرور الزمن سوف يصبحون طبقة تشبه الحيوانات بعيدين كل البعد عن الجنس البشري، حيث أوضح أنهم يبقون على الدوام يكدحون ويعملون ويسيرون على نفس خطى آبائهم وأجدادهم، لكن المختلف لديهم أنهم تأقلموا على هذا الوضع كما أنهم كانوا قادرين على استغلال الأغنياء والتحكم في غذائهم إلى أن يسيطرون عليهم.
رواية آلة الزمن
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول عالِم كان يقيم في مدينة لندن، حيث لم يتطرق الكاتب إلى تسميته وإنما كان يشير إليه فقط برحالة الزمن، حيث في أحد الأيام كان ذلك الرحال يجلس مع مجموعة من الأشخاص الكبار في السن ويتحدث إليهم حول آلة يقوم بصنعها بنفسه، حيث أنّ المبدأ الذي تقوم عليه تلك الآلة هو الذهاب والإياب اعتماد على البعد الرابع، وفي تلك اللحظة قدم نموذج مصغر عن تلك الآلة للموجودين، حيث أوضح هنا أن هذا المبدأ قد اعتمده حتى يقوم باستعماله على شكل أوسع حتى يتمكن من خلاله السفر خلال الزمن، وبالفعل بعد مرور أسبوع على ذلك اللقاء قام برحلته عبر الزمن.
وقد انتقلت به تلك الآلة إلى الألفية الثامنة بعد الميلاد، حيث أنه أول انطباع أخذه عن هذا المستقبل هو أنه عبارة عن مستقبل هادئ ومسالم، وفي تلك المرحلة تعرف على مخلوقات من البشر كان قد أطلق عليها اسم الأيلو، كما أن تلك الطبقة استقبلت الرحالة بجل الاهتمام والترحيب، لكن في تلك الأثناء خاف الرحالة على آلته من أن يقوم أحدهم بسرقتها، فسرعان ما عمل على توقيف عملها قبل أن يذهب إلى التجول معهم.
وفي ذلك الوقت اكتشف العالِم أن جنس هذه الطبقة من الأغنياء هو عبارة مخلوقات أصلها من البشر، لكنها تصرفاتهم وسلوكياتهم تشير إلى أنهم ما زالوا في مرحلة الطفولة، إذ كانوا صغيري الحجم ويتسمون ببساطة المظهر، كما أنهم يعتمدون بشكل أساسي في غذائهم على الفواكه، كما أن المجتمعات التي يقطنون بها هي مجتمعات صغيرة وهادئة تماماً، لكن من أكثر ما تميزت به تلك الطبقة أنها لا تعرف أبداً طريق العناء والتعب والجهد والخوف من الغد، كما أشار العالِم إلى أن تلك الفئة قد حولت لندن إلى حديقة تنعم بالزهور والبناء الجميل، إلى درجة أنه أسماه العصر الذهبي.
وحينما حاول العالِم الحديث مع تلك الطبقة فقد أدرك أن اللغة التي يتداولونها بينهم لغة غريبة لم يسمع بها من قبل، وكان مستوى الذكاء لديهم متدني جداً، ولم تظهر عليهم أي علامة اهتمام به أو بأسئلته، ومنذ تلك اللحظة عزم العالِم أن يقوم بنفسه للبحث في الأسباب التي قادت هذه الفئة من البشر إلى هذا المستوى من التفكير.
وأثناء تجواله أخذ يفكر في كيف أن تتحول الإنسانية هكذا، وكيف أن غابت شمس العقل البشري، وهنا أفترض أنه من الممكن أن تكون القدرة العقلية المتدنية لتلك الطبقة ما هي إلا نتيجة صراع البشر حول البحث عن التطور في جميع مجالات الحياة، وعند حصولهم على أعلى المستويات من الراحة والرفاهية توقف البشر عن التطور، وبسبب هذا لم يعد لديهم أي رغبة في التطور أكثر، إذ أصبحوا ليسوا بحاجة إلى الإبداع أو الخيال أو حتى إلى مجرد العمل، ولهذا أصبحت أجسادهم ضعيفة.
وفي ذلك الوقت اكتشف العالِم أيضاً أن لا حاجة إلى الطب، إذ لم يشاهد ولو حالة مرض واحدة على أحد من الأشخاص من تلك الطبقة، كما أنه لاحظ لم يعد هناك أي نوع من أنواع التعاون بين الأشخاص في تلك الطبقة، ولا حتى عاد أحدهم يقوم بمنافسة الآخر، فالجميع كان يمتلك العديد من المميزات التي تجعله يعيش برفاهية وتقدم، وعلى أثر ذلك فقد اختفت بينهم الحروب والجرائم والطموحات.
ومع مرور الوقت فقد تضاءلت الأيدي العاملة كما قلّ عدد السكان من تلك الطبقة، وهذا ما كان يدل عليه هو ظهور الكثير من المباني المهجورة على مرى نظر الرحال، فقد كانت تلك المباني مشغولة في يوم من الأيام للوصول على أعلى مستويات الرفاهية وحين تم الوصول إليها هجرت فما عاد لها أي أهمية، وهناك أشار العالِم إلى أنّ كل شخص من هذه الطبقة قد قاد نفسه إلى الهلاك، وهذه أول نظرية توصل إليها العالِم من تلك الآلة.
وفي الوقت الذي رجع فيه العالِم إلى المكان الذي يقطن به، أول ما تفقده هو الآلة، ولكن مما تفاجئ به هو أنها اختفت تماماً، وسرعان ما توجه في السؤال عنها إلى جميع الأشخاص من تلك الطبقة، ولكن للأسف لم يكن يحصل على أي إجابة من أحدهم، وهنا توجه إلى البحث عنها في كل مكان في عتمة الليل، ولم يكن هناك جدوى من بحثه، فلم يجد لها أي أثر.
وقد كان هذا الأمر يشغل فكر العالِم، فكيف لمجتمع تتمثل فيه كافة عناصر المثالية أن تحدث فيه مثل تلك التصرفات، مما قاده إلى أن يتوصل أنه لا يوجد هناك مجتمع مثالي على الاطلاق، كما أوضح العالِم إنه لا بد من أن يكون هناك جانب سلبي لكل مجتمع مهما كان يتمتع بمستويات عالية من الرفاهية والبذخ، حيث أنه خلال سيره في ظلام الليل للبحث عن آلته وجد في طريقه مخلوقات عجيبة غريبة، وقد وصفها أنها قبيحة الشكل وأشكالها تشبه إلى حد ما أشكال العناكب، وقد أطلق عليها اسم (المورورلوك).
وقد أشار العالِم أن تلك الطبقة من البشر يقطنون تحت الأرض وأنهم يقضون حياتهم في الجهد والعناء والتعب، وهم على عكس طبقة الأغنياء، فقد كانت طبقة الأغنياء تكره الظلام وتفضل النور، بينما تلك الطبقة فتفضل الظلام وتكره النور، وفي تلك اللحظة بدأ العالِم يكتشف أن جميع مشاكل التي تحدث في هذا العصر والفرق الكبير بين الطبقتين هو ناتج عن التطور لأساس كل من الطبقتين.
إذ بقيت كل طبقة من الأساس تسير على ذات النهج الذي نشأت عليه، دون إبداء أي محاولة في التغيير، إذ بقيت طبقة الفقراء تمد طبقة الأغنياء بكافة احتياجاتهم من طعام وشراب وفي المقابل تتغذى طبقة الفقراء على طبقة الأغنياء، وهذا ما جعل طبقة الفقراء تتحكم في طبقة الأغنياء، وقد اعتادت كل طبقة على تلك الحالة المزرية، وهنا وصف العالِم أن كلا الطبقتين يتصفون بمستوى متدني من الذكاء.
وهنا حاول العالِم أن يجد الآلة بأي طريقة كانت، وعند الوصول إليها حاول العديد من الأشخاص من طبقة الفقراء الهجوم عليه لكنه سرعان ما شغل آلته وهرب إلى زمن آخر، حيث تعدى القرن الذي كان به إلى ما يقارب ثلاثين مليون سنة، وهنا شاهد أن جميع المخلوقات البشرية قد انقرضت تماماً، وما بقى على وجه الأرض سوى كائنات حية بسيطة وأن مدينة لندن تحولت إلى صحراء قاحلة ومن ثم إلى مدينة معتمة.
وبعد مضي ما يقارب الثلاث ساعات في تلك الرحلة عاد منها ووجد الرجال ما زالوا ينتظرونه ليخبرهم ما حدث معه، ولكن حينما أخبرهم لم يصدقوا ما قصه عليهم، بدأ يشكك في نفسه ووضع يده في جيبه محاول العودة إلى منزله، لكنه وجد في جيبه وردة كانت قد وضعتها له إحدى الفتيات التي كانت من طبقة الأيلو، وهنا انتهت شكوكه، وفي صباح اليوم التالي جهز العالِم نفسه للذهاب في رحلة جديدة لم يعود منها حتى هذا الوقت.