قصة قصيدة ألا قالت غزية إذ رأتني

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ألا قالت غزية إذ رأتني

كان العرب إذا رأوا رجلًا مع فتاة من فتياتهم يطلبون دمه، ومن هذا ما حصل مع شاعرنا عمرو ذي الكلب الهذلي، الذي أحب فتاة، وعندما علم أهلها بذلك، طلبوا دمه، ولحقوا به حتى تمكنوا من قتله.

أما عن مناسبة قصيدة “ألا قالت غزية إذ رأتني” فيروى بأن عمرو ذي الكلب الهذلي كان قد أحب امرأة من قبيلة فهم، تدعى أم جليحة، وكانت هي الأخرى تحبه، وفي يوم من الأيام علم أهلها بخبره هو وإياها، فطلبوا دمه، فانقطع عنها فترة من الزمان، ومن ثم عاد إلى ديارها في يوم لكي يقابلها، فعلم أهلها بخبره، ولكنه تمكن من الهروب منهم، فخرجوا في أثره، وبقوا في أثره حتى جاء المساء، وكانت تلك الليلة ليلة شديدة الظلمة، ذات ريح عاصفة، وبينما هو يسير على جانب الطريق رأى نارًا عن يمينه، فقال في نفسه: والله إني قد أخطأت الطريق، وإن هذه النار لعلى الطريق، واتجه صوب تلك النار، حتى وصل إليها.

وكان عند تلك النار رجلًا وحيدًا ليس معه أحد، فرد عليه عمرو السلام، وقال له: من أنت؟، فقال له ذلك الرجل: أنا رجل من قبيلة عدوان، فسأله عمرو عن أسم المكان الذي هو فيه، فأخبره بأن اسم المكان السد، فتأكد بأنه قد أخطأ الطريق، وبأنه لا محالة هالك، وبأنه لا يستطيع أن يتجاوز هذا المكان، فقال للرجل: ويحك، لم أوقدت النار، وما أوقدتها إلا لشقائي، فهل عندك طعام؟، فأخرج الرجل ثمرات، وأعطاها لعمرو، فأكلها، وقال له: اسقني، فقال له: أتشرب اللبن، فقال له: لا والله، أريد ماءً باردًا، فإني ميت في الصباح، ومن ثم استند على السد، ونام، وفي الصباح رأى القوم الذين خرجوا في أثره، فدخل غارًا في السد، وعندما وصلوا علموا بأنه في الداخل، فقالوا له: اخرج يا عمرو، فقال لهم: فلم دخلت إن خرجت لكم، فقالوا له: اخرج، فقال لهم: لا والله، فقالوا له: أنشدنا قولك:

ألا قالت غزية إذ رأتني
ألم تقتل بأرض بني هلال

فأنشدهم قصيدته التي قال فيها:

أَلا قــالَت غَــزِيَّةُ إِذ رَأَتــنــي
أَلَم تُــقــتَــل بِـأَرضِ بَـنـي هِـلالِ

يتوقع الشاعر في هذا البيت بأن مقتله سوف يكون على يد بني فهم في أرض بني هلال، ويقول بأن امرأة قد أخبرته بأنه سوف يقتل في أرص بني هلال.

أَسَـــرَّكِ لَو قُـــتِــلتُ بِــأَرضِ فَهــمٍ
وَكُــلٌّ قَــد أَبَــأتُ إِلى اِبــتِهــالِ

بَــجــيــلَةَ دونَهــا وَرِجــالُ فَهــمٍ
وَهَــل لَكِ لَو قُــتِــلتُ غَـزِيَّ مـالي

فَــإِمّـا تَـثـقَـفـونـي فَـاِقـتُـلونـي
وَإِن أَثــقَــفَ فَـسَـوفَ تَـرونَ بـالي

فَــأَبــرَحُ غــازِيـاً أَهـدي رَعـيـلاً
أَؤُمُّ سَــــوادَ طَــــودٍ ذي نِـــجـــالِ

بِــفِــتــيــانٍ عَــمـارِطَ مِـن هُـذَيـلٍ
هُـــم يَـــنــفــونَ آنــاسَ الحِــلالَ

وَأَبــرُحُ فــي طَـوالِ الدَهـرِ حَـتّـى
أُقــيـمَ نِـسـاءَ بَـجـلَةَ بِـالنِـعـالِ

عَـلى أَن قَـد تَـمَـنّاني اِبنُ تُرنى
فَــغَــيـري مـا تَـمَـنَّ مِـنَ الرِجـالِ

تَــمَــنّــانــي وَأَبــيَــضَ مَـشـرَفِـيّـا
أُشــاحَ الصَــدرِ أُخـلِصُ بِـالصِـقـالِ

وَأَســمَــرَ مُــجــنَـأً مِـن جِـلدِ ثَـورٍ
أَصَــمَّ مُــفَــلِّلاً ظُــبَــةَ النِــبــالِ

ومن ثم قال لهم: ها أنا فيها الآن، ومن ثم دخل رجل منهم إلى الغار، فقام عمرو بقتله، فقالوا له: هل قتلته يا عدو الله؟، فقال لهم: نعم، وبقي معي أربعة أسهم، وسوف يموت أربعة منكم بها، ولكنهم تمكنوا منه، وقتلوه، وعادوا إلى ديارهم، وأم جليحة تشاهدهم، وعندما رأوها أخبروها بأنهم قد قتلوه، ورموا إليها بثيابه، فأمسكت بها وأخذت تشمها، ومن ثم قالت وهي تبكي: ريح عطر وثوب عمرو.

نبذة عن عمرو ذي الكلب الهذلي

هو عمرو بن العجلان بن عامر بن برد بن منبه، أحد بني كاهل بن لحيان بن هذيل، وهو من شعراء العصر الجاهلي.

الخلاصة من قصة القصيدة: كان عمرو ذي الكلب الهذلي يحب امرأة يقال لها أم جليحة، وكان أهلها قد وصلهم خبرهما، فطلبوا دمه، واقتفوا أثره حتى أدركوه في غار، وتمكنوا من قتله.

المصدر: كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسيكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "شرح نهج البلاغة" تأليف ابن أبي الحديدكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: