الخليفة المعتصم محمد بن هارون الرشيد

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المعتصم محمد بن هارون الرشيد:

ولد محمد المعتصم بن الرشيد ببغداد في العاشر من شهر شعبان من عام (179 هجري). وهو أحد الأولاد الستة للرشيد كل منهم يُدعى محمداً، ويُكنى المعتصم أبا إسحاق. كان مربوعاً أبيض مشرّباً بالحمرة، حسن العينين، ضعيف الكتابة أقرب إلى الأمية، قوياً شجاعاً له همة عالية في الحروب، ومهابة عظيمة في القلوب. أمه تُدعى (ماردة)، أم ولد ومن مولدات الكوفة، وكانت أمها صغدية.

ولّى الخلافة فى الثاني عشر من شهر رجب عام (218 هجري)، بعد وفاة أخيه المأمون، وكان قد أوصى له بحضور ابنه العباس بن المأمون، وقد سعى بعض الأمراء في ولاية العباس بن المأمون فخرج عليهم العباس وقال: إني قد بايعت عمي المعتصم. ورجع المعتصم إلى بغداد من طرسوس بعد دفن أخيه.

الأحداث التي جرت مع المعتصم أثناء المُبايعة:

كان على المعتصم أعمال جسام منها قتال بابك والإنهاء عليه، وقد تمكن من ذلك، ومنها حربت الروم وتأديبهم على مناصرتهم أعداء الدولة وخاصة بابك، وقد تمكن من ذلك. واستخدم المعتصم الجند الترك وأكثر من ذلك حتى زاد أذاهم في بغداد، وتضايق الناس منهم، حتى اضطر أن يُقيم مدينة سامراء في مكان (القاطول)، حيث كان يصيف الرشيد أحياناً أو يقضي بعض وقته، وهي إلى الشمال من بغداد على بعد مائة كيلو متر منها، وانتقل إليها عام (220 هجري).

ولعلَّ من أهم الأسباب التي استدعت المعتصم إلى زيادة الجند الأتراك قضية ابن أخيه العباس بن المأمون إذ ندم على ما يظهر على هذه البيعة بعد أن لامه عدد من الأمراء والقادة، وحرّضه بعضهم على المخالفة والفتك بعمّه وخاصة عندما كان معه في طريقهما إلى عمورية.

غير أن العباس قام برفض ذلك من أجل ألّا يحرم المسلمين من الغزو، وفي العودة حرّضه بعض الأمراء للفتك بعمّه في بعض الفجاج فأحسَّ المعتصم بذلك فقبض على العباس وقيّده وسجنه، وحقق في الموضوع حتى أحاط بكل دقائقه، ثم قتله ومن كان معه في هذه القضية، وربما أكثر المعتصم بعدها من جلب الأتراك إذ أن عدداً من الأمراء بدا عليه الخوف، ولم يعد يأمنهم.

وغضب المعتصم على قائده الإفشين بما وصل إليه من تشجيعه لمازيار، كما اتّهم أنه من وراء (منكجور)، وتغيّر فلما شعر الإفشين بهذا التغيّر، فكر بالفتك بالمعتصم وقواده بالسمّ، كما فكر بالفرار إلى أرمينيا، ومنها إلى بلاد الخزر، فاستدعاه وحبسه وذلك في عام (225 هجري)، ولم يلبث أن مات الأفشين في السجن عام (226 هجري).

وأما ولده الحسن بن الأفشين فقد بعث رسالة المعتصم إلى عبد الله بن طاهر أن ينصب عليه، فكتب عبد الله بن طاهر للحسن بولايته على المشرق مكان نوح بن أسد، وكتب إلى نوح يأمره أن يعتقل الحسن عندما يأتي إليه، وكانت ضغائن بين نوح والحسن. وسار الحسن بن الأفشين إلى المشرق ليتولى أمره من نوح فقبض عليه نوح وسيّره إلى عبد الله بن طاهر الذي وجّهه بدوره إلى المعتصم.

واحتجم المعتصم فأصابته علّة فتوفي من أثرها، وكانت وفاته في السابع عشر من شهر ربيع الأول من عام (227 هجري)، وكان عمره يومذاك ثماني وأربعين سنة. وتابع المعتصم مقالة المأمون في خلق القرآن، وقد امتحن أحمد بن حنبل، رحمه الله، في هذه القضية وناله ما ناله من العذاب.


شارك المقالة: