العلاقة بين الرياضة وحقوق الإنسان:
تُعتبر الرياضة مهمة في تعزيز حقوق الإنسان وإدماج الجميع، حيث من خلال الرياضة يتعلَّم الناس القيم التي تتقاطع مع الجنس أو الجنسية أو العمر أو حتى الحالة البدنية، فإنه في الوقت الحاضر أصبح بالإمكان بناء جسور أقوى للدفاع عن الرياضة كحق من حقوق الإنسان، التي تتمثل التعهد بها والدفاع عنها والترويج لها، حيث ترتبط الرياضة ارتباطًا وثيقًا بتعريف العديد من حقوق الإنسان، مثل (الحق في التعليم، الحق في الثقافة، الحق في الصحة والرفاهية وكذلك الحق في المشاركة السياسية).
حيث يُتوخى ممارسة الرياضة دون أي نوع من التمييز، مثل العرق أو اللون أو الجنس أو التوجه الجنسي أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر، حيث يمكن للرياضة أن تنقل بسهولة العديد من القيم الإيجابية، مثل الإنصاف والنظافة الشخصية وبناء الفريق والمساواة والانضباط والإدماج والمثابرة والاحترام، حيث كلها موجودة في الميثاق الأولمبي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الأوروبي للحقوق الأساسية.
فعلى الرغم من ذلك، تحدث العديد من انتهاكات حقوق الإنسان بسبب الأحداث الرياضية الكبرى، حيث تأثرت حماية العديد من الحقوق والحريات في الاحتفال بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومن الأمثلة على ذلك عمليات الإخلاء الجماعي للسكان من أحياء ريو الفقيرة للألعاب الأولمبية لعام 2016، وأيضاً تتراوح انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من حقوق العمال، إلى حقوق المهاجرين وحقوق الطفل.
فإن حقوق الرياضيين هي أرض غير مستكشفة، حيث لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الرغبة في تحقيق أقصى قدر من النتائج، وكرامة وحريات الرياضيين، مثل: (حرية التنقل، حرية التعبير، الحريات الدينية، حقوق الصورة، حقوق العمل والحق في الخصوصية)، حيث لا تستند الحقوق الأساسية للرياضيين إلى ثنائية بين “الرياضيين” و “الآخرين”، وأن كرامتهم الإنسانية محمية.
ففي ضوء ما سبق تمس الرياضة العديد من جوانب حقوق الإنسان، ومع ذلك هناك إغفال واضح للرياضة في المعايير الدولية، حيث تم ذكر الرياضة في قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن تعزيز حقوق الإنسان من خلال الرياضة والمثل الأعلى الأولمبي.
حيث قد أدى ذلك إلى إنشاء لجنة استشارية لدراسة إمكانيات استخدام الرياضة والمثل الأعلى الأولمبي لتعزيز حقوق الإنسان، حيث يعترف القرار بما يلي: إن الرياضة كوسيلة لتعزيز التعليم والصحة والتنمية والسلام، وسيلة لتعزيز التنمية وتعزيز تعليم الأطفال والشباب، وأيضاً وسيلة الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة، بما في ذلك الوقاية من تعاطي المخدرات، تمكين الفتيات والنساء، تعزيز دمج ورفاه الأشخاص ذوي الإعاقة، تسهيل الإدماج الاجتماعي، منع النزاعات وبناء السلام، حيث يدعو الدول إلى التعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية واللجنة البارالمبية الدولية في جهودهما، لاستخدام الرياضة كأداة لتعزيز حقوق الإنسان والتنمية والسلام والحوار والمصالحة).
الميثاق الأولمبي الرياضي لحقوق الإنسان:
ينص الميثاق الأولمبي في الرياضة على مبادئ الأساسية للحركة الأولمبية خاصة بحقوق الإنسان، على ما يلي:
- يسلط الضوء على حق الجميع في الاستمتاع بالرياضة دون تمييز من أي نوع، كما يجب أن تدعم المؤسسات الحكومية والرياضية والتعليمية ممارسة الرياضة التي يجب أن تكون شاملة وقابلة للتكيف وآمنة لجميع الأعمار، حيث يدفع السلطات التعليمية إلى إعطاء أهمية كبيرة للتربية البدنية، ومن المثير للاهتمام أنه يعترف بأهمية الحفاظ على الألعاب والرقصات والرياضات التقليدية والمحلية؛ للتعبير عن التراث الثقافي الغني للعالم، وهو أمر يجب حمايته وتعزيزه بلا شك.
دور الرياضة في تحقيق أهداف حقوق الإنسان:
إن الرياضة عبارة عن مجال متعلق بحقوق الإنسان له قدرة فريدة على جذب وإلهام جميع الناس تقريبًا في العالم، حيث تشمل الرياضة جميع الأنشطة البدنية والمهارات، حيث تقوم مجموعتان من الفرق بترفيه الناس من خلال أدائهم، كما يُنظر إلى الرياضة على أنها ذات صلة هذه الأيام؛ لأنها تطور الصحة العاطفية والجسدية للناس وتساعد على بناء الروابط الاجتماعية، حيث إن للرياضة تأثير كبير على حقوق الإنسان؛ أي بمعنى أن الرياضة تعتبر أفضل سفير لتعزيز حقوق الإنسان.
كما ترتبط الرياضة بتعريف حقوق الإنسان؛ وذلك لأنها تساعد على تعزيز مختلف الحقوق، مثل: (الحق في الثقافة، الحق في الصحة، الحق في المشاركة، الحق في التعليم)، حيث أن تأثير الرياضة بمختلف أنواعها على حقوق الإنسان هو أنه يشجع على اندماج الأشخاص من ثقافات وخلفيات مختلفة وذوي الإعاقات الجسدية، حيث يساعد أيضًا على تعزيز المساواة بين الجنسين.
حيث أن الرياضة هي عامل تمكين وثيق الصلة بالتنمية المستدامة وقد ثبت أنها أداة فعالة من حيث التكلفة لتعزيز أهداف السلام، كما لعبت الرياضة أيضًا دورًا حيويًا في تعزيز الأهداف الإنمائية للألفية وهي الآن تحتل نفس المكانة في خطة أهداف التنمية المستدامة داخل المجتمع الرياضي، كما ساهمت الرياضة أيضًا في تعزيز السلام والتنمية بطرق عديدة مثل تمكين النساء والشباب، والتثقيف حول الفوائد الصحية للأفراد والمجتمعات وأهداف الإدماج الاجتماعي.
حيث يسعى مركز الرياضة وحقوق الإنسان إلى توفير موارد للتعلم والعلاج، والعمل على الحد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي غالبًا ما تصاحب الأحداث الرياضية العالمية، والقضاء عليها في نهاية المطاف، وأيضاً يسعى إلى زيادة مساءلة المتورطين بالتلاعب بنتيجة المباريات، وتوفير مساحة للضحايا لمشاركة قصصهم والسعي لتحقيق العدالة، والمساعدة في منع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالرياضة.
كما تلعب الرياضة دورًا مهمًا في المجتمع الرياضي وفي تعزيز حقوق الإنسان بشكل كبير، حيث من خلال الرياضة ومبادئ الاحترام واللعب النزيه، يمكن أن يتم توحيد الأفراد الرياضيين عبر الحدود، ويمكننا تجسير الانقسامات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، حيث يمكن للرياضة أن تعلمنا دروسًا قيمة حول عدم التمييز والشمولية ويمكن أن تبيّن لنا كيف يمكن أن تبدو المشاركة المتساوية، كما يمكن للرياضة أن تتحدى القوالب النمطية.
فإن ذلك يساعد على كسر الحواجز في المجتمع ودفع التقدم في القضايا الأساسية للتمتع بحقوق الإنسان، ومع ذلك، لا تزال هناك قضايا تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان لمن يمارسون الرياضة، على كل المستويات من الرياضيين والمشجعين إلى العمال ووسائل الإعلام.
المصدر:
علم الاجتماع الرياضي، مصطفى السايح، 2007علم الاجتماع الرياضي، إحسان الحسن، 2005االاجتماع الرياضي، جاسب حمادي، 1997علم الاجتماع الرياضي، خير الدين عويس وعصام الهلالي، 1998