دوقية موسكو الكبرى:
يعود تاريخ دوقية موسكو الكبرى إلى العصور الوسطى، والتي كانت تعتبر دولة مستقلة ذات حكم ذاتي داخل أراضي روسيا، كما كان يتم الاعتراف فيها من قِبل الدول الغربية بدولة مستقلة، حيث أنها تميزت بالقوة العسكرية والسياسية، كما كانت لديها سيطرة اقتصادية داخلية وخارجية، وقد تم تأسيس دوقية موسكو الكبرى بعد انهيار إمارة موسكو وقبل تأسيس روسيا القيصرية التي أنهت وجودها.
تأسيس دوقية موسكو الكبرى:
في القرن الثالث عشر ميلادي تعرضت قام المغول بغزو أراضي روس الكييفية وكانت موسكو جزء من تلك الأراضي، وقد تميزت موسكو في تلك الفترة بالتطور الاقتصادي، حيث كانت تعتبر مركزاً تجارياً لتلك الأراضي، وعند قيام المغول بعملية الغزو قاموا بإحراق موسكو وقاموا بنهب ما فيها من خيرات، ولم يتمكن المغول من خرق الغابات المحاطة لمدينة موسكو والتي كانت مرتبطة بالبحر الأسود ودول البلطيق، وتمكنت موسكو على الرغم من عملية الحرق والسرقة التي تعرضت لها من عودة الحياة مرة أخرى لها.
مع بداية القرن الرابع عشر ميلادي قام الأمراء الذين كانوا يحكموا موسكو من إعادة بنائها من جديد وجعلها من أكبر الولايات الموجودة في أوروبا، ويعتبر الأمير “دانييل الأول” من أهم الأمراء الذين حكموا موسكو، والذي قام عند توليه الحكم بتوسعة أراض موسكو بواسطة الاستيلاء على أراضي المناطق المجاورة لها حتى أصبحت من أهم الإمارات، كما قام بالتعاون مع دولة روس كيفية لمساعدته في إعادة إعمار موسكو، كما قام بالتحالف مع جمهورية المغول؛ ممّا وفر الحماية لموسكو من الغزوات.
تمكنت موسكو بعد تحالفها مع المغول الجعل منها دوقية والمحافظة على ذلك الطلب لفترة طويلة، وتمكنت موسكو من العمل على جمع الضرائب والأموال من الولايات التي كانت تحت سيطرة المغول؛ ممّا أدى إلى زيادة المقدرة المالية لديها وزيادة نفوذها، كما قامت موسكو بالعمل على شراء الأراضي من الولايات الأخرى والأمر على الذي إلى زيادة أراضيها لتصبح أكبر إمارة في المنطقة، تعرضت موسكو في تلك الفترة إلى غزوات لكنها تمكنت من القضاء عليها بمساعدة المغول.
استمر الأمراء الذين حكموا دوقية موسكو في تلك الفترة بشراء الأراضي وتوسعة أراضيها والعمل على زيادة عدد السكان الخاضعين لحكم الدوقية، الأمر الذي أزعج دوقية ليتوانيا والتي كانت في تلك الفترة تقوم بتوسعة أراضيها وبسط نفوذها، وكانت هناك بين الدوقيتين على مدينة سمولينسك الروسية؛ ممّا دفع دوقية ليتوانيا إلى التحالف مع بعض الولايات وإعلان الحرب ضد موسكو، وبالفعل قامت دوقية ليتوانيا بشن الحرب على موسكو، لكنها لم تتمكن من هزيمتها، فقد كانت موسكو تمتلك قدرة عسكرية كبيرة.
في القرن الرابع عشر ميلادي ضرب مرض الطاعون الأسود أراضي موسكو، وأصاب المرض دوق موسكو وأدى إلى وفاته، في تلك الفترة بدأت موسكو تتعرض لهجوم كبير من ليتوانيا؛ ممّا دفعها إلى الذهاب إلى الكنيسة الكاثوليكية في روسيا والتحالف معها، فقد كانت الكنيسة الكاثوليكية في تلك الفترة تملك قوة وسلطة كبيرة، وقامت موسكو بفك تحالفها مع المغول؛ ممّا دفع المغول إلى شن هجمات عليها، لكن تمكنت موسكو من التصدي للغزو المغولي وتحقيق النصر والتخلص من السيطرة المغولية.
بعد ذلك النصر توقفت موسكو من دفع الضرائب للمغول، وفي عام 1389 ميلادي تولى الدوق “فاسيلي الأول” الحكم في موسكو وكان مستمر في رفض دفع الضرائب للمغول، لكنه قام بالتغيير من السياسة المتبعة مع المغول، حيث قام بعقد صلح معهم، وعاشت موسكو خلال فترة حكم حالة من السلام والاستقرار وكما تمكنت من العمل على توسعة أراضيها من خلال عملية الصلح مع المغول.
اهتمت دوقية موسكو في تلك الفترة ببناء الأديرة والكنائس والعمل على جعلها مركزاً للاقتصاد والثقافة الدينية، وكان لتلك الكنائس الموجودة في موسكو دور كبير في السيطرة على الولايات المجاورة لدوقية موسكو، كما كان النظام الحكم المتبع في موسكو دور كبير في المحافظة على استقرارها وعدم دخولها في صراعات على الحكم، وكانت موسكو في ذلك التاريخ تعيش في فترة انتعاش اقتصادي، لكن ذلك الاستقرار لم يستمر طويلاً في موسكو، ففي عام 1462 ميلادي بدأت الصراعات على الحكم.
في القرن الخامس عشر ميلادي بدأت موسكو بالعمل على توحيد الإمارات ووضعها تحت حكمها وتوسعة أراضيها، وأصبحت موسكو بعد ذلك دوقية كبرى معترف فيها ذات سيادة مستقلة على أراضي روسيا.