الأدلة على وجوب التلاوة المجودة

اقرأ في هذا المقال


لتلاوة القرآن العظيم منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في الإسلام، وخصوصاً إن قرأها المسلم بطريقة مجوَّدة وتغنّى بها كما أمرنا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم على أصولها وطريقتها الصحيحة، كما قرأها الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من بعد ما سمعوها من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فواجبٌ على المسلم أن يقرأ القرآن الكريم بطريقة مجوَّدةٍ جميلةٍ يتغنى بها بصوته الجميل، ولوجوب التلاوة المجوَّدة أدلةٌ كثيرةٌ من القرآن والسنة والإجماع.

دليل وجوب التلاوة المجودة من القرآن الكريم

1- قال تعالى: “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا” (سورة المزمل: ٤)، والأمر في الآية الكريمة يدل على أن تلاوة القرآن الكريم مجوَّدة واجب، فعلينا تعلمها من الأساتذة في التجويد وتعليمها لمن بعدنا.

2- قال تعالى: “الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ” (سورة البقرة: ١٢١)، ففي الآية الكريمة أثنى الله عزَّ وجلَّ ومدح من يتلون القرآن الكريم حق تلاوته، فهذا دليل صريح وواضح على وجوب التلاوة المجوَّدة لقارئ القرآن الكريم.

3- قال تعالى:“وَرَتَّلْنَٰهُ تَرْتِيلًا” (سورة الفرقان:32)، وهنا دليل على أن القرآن الكريم نزل من عند رب العالمين على لسان جبريل عليه السلام مُرتلاً مجوَّداً، فهذا دليلٌ قويٌّ على وجوب القراءة المُرتلة المجوًّدة.

4- قال تعالى: “وَقُرۡءَانا فَرَقۡنَـٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡث وَنَزَّلۡنَـٰهُ تَنزِیلا” (سورة الإسراء:106)، فتدل هذه الآية الكريمة على أنَّ القرآن الكريم نزل على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لكي يقرأه ويتلوه على مسامع الناس بهدوءٍ وتروي؛ لكي يتعلموا كيفية القراءة الصحيحة للقرآن الكريم.

دليل وجوب التلاوة المجودة من السنة المشرفة

1- “ما تم إثباته من حديث موسى بن يزيد الكندي رضي الله عنه قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرئ رجلا فقرأ الرجل: “إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ” ( سورة التوبة:60) مرسلة. فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: وكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ قال أقرأنيها هكذا: “إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ” ومدها” (أخرجه سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه ورجاله ثقات).

وهنا قام ابن مسعود رضي الله عنه بالإنكار على الرجل قراءته لكلمة فقراء فأراد أن يقرأها كما قرأها الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، فهذا دليل على وجوب التلاوة المجوَّدة كما علمنا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم.

2- “ما ثبت عن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته؟ قالت: “ما لكم وصلاته؟ ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا” (رواه النسائي والترمذي)، فالتحسين في قراءة القرآن الكريم والتجويد بها سنَّة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.

3- “ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه، وقد سئل عن كيفية قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كانت مدًّا، ثم قرأ: “بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ”، يمد “بِسۡمِ ٱللَّهِ “ ويمد “ٱلرَّحۡمَـٰنِ “، ويمد ٱلرَّحِیمِ”. قال الداني: “وهذا حديث مخرج من الصحيح، وهو أصل في تحقيق القراءة، وتجويد الألفاظ، وإخراج الحروف من مواضعها، والنطق بها على مراتبها، وإيفائها صيغتها، وكل حق هو لها، من تلخيص وتبيين ومد وتمكين وإطباق وتفشٍّ وصفير وغنة وتكرير واستطالة، وغير ذلك، على مقدار الصيغة وطبع الخلقة، من غير زيادة ولا نقصان”.

دليل وجوب التلاوة المجودة من الإجماع

إن الأمة الإسلامية منذ زمن الرسول محمد صلَّى الله عليه وسلًّم إلى زمننا هذا قامت بالإجماع على وجوب التجويد في قراءة القرآن الكريم، ولم تختلف الأمة على ذلك، فلا يجوز للقارئ أن يقرأ القرآن الكريم من غير تجويد؛ لأن الله عزَّ وجلَّ توعد من يخالف النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالعذاب الشديد، قال تعالى: “وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً”(سورة النساء:115)،

فقد أدرك علماؤنا أهمية علم التلاوة والتجويد، لاتصاله بالقرآن الكريم فألفو الكتب ونظموا الشعر والنثر، فألَّف الشيخ سليمان الجمزوري متناً في التجويد سمَّاه (تحفة الأطفال)، وقد ألف العلامة شمس الدين محمد بن الجزري متناً في التجويد وسمي (متن الجزرية).

وفي النهاية يجب التنويه إلى وجوب اتباع أسلافنا وعلمائنا والأخذ بآرائهم ومعارفهم لما لهم من معارف وعلوم كثيرة في علوم القرآن، وبالإضافة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، يجب علينا الرجوع لآراء العلماء الأفاضل؛ لأنهم هم من يمهدون لنا الطريق ويفسرون لنا المغشي علينا، فالرجوع لهم يبين لنا كل أمرٍ مخفي علينا.


شارك المقالة: