المد العارض للإدغام

اقرأ في هذا المقال


مَنّ الله علينا بحفظ كتابه العزيز، وتعلم أحكامه وتعليمها، ومعرفة ما يحتاجه الحرف من حق ومستحق دون زيادة أو نقصان، وأحكامه وتعاليمه لا تقتصر على القراءة الصحيحة بنطق حروفه هجائياً فقط، بل يجب أن يعلم قارئ ومتعلم القرآن الكريم أن لكل حرف فيه نطق صحيح سواء كان ذلك بإدغامه أو بإظهاره أو بمده، ومعرفة ما يحتاجه من مد هل هو متصل أم منفصل أم مد عارض وهو ما سنتعرف عليه بهذا المقال.

المد في اللغة والاصطلاح

جاء أصل المد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه أنه كان يُقرئ رجلاً فقرأ الرجل: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين” (سورة التوبة:60) مرسلة، فقال له ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الرجل: كيف أقرأكها يا أبا عبدالرحمن؟ فقال: أقرأنيها:إنما الصدقات للفقراء والمساكين” (سورة التوبة:60) فمدها، قال ابن الجرزي: هذا دليل حجة، ونصَّ في هذا الباب، للمد أبواب كثيرة ومتعددة وفي هذا المقال سنتحدث عن المد العارض للإدغام.

والمد في اللغة: هو الزيادة، قال تعالى: “يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ” (سورة آل عمران:24) أي يزيدكم بالعتاد والعدة والقوة، وقال تعالى: “وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ” (سورة نوح: 12) أي يزيد في أموالكم وأبنائكم.

أما المد في اصطلاح القُراء: هو إطالة مدة من الزمن بإحدى حروف المد الثلاثة وهي: الألف إذا جاءت ساكنة وجاء ما قبلها مفتوح مثل: “قَالَ“، والواو إذا كانت ساكنة وما قبلها مضموم نحو: “يُقِيمُونَ“و”يُؤتُونَ“، والياء إذا كانت ساكنة وكان ما قبلها مكسور نحو: “نَستَعِين“.

المد العارض للإدغام

وهو أن يوجد بعد حرف المد أو اللين حرف ساكن للإدغام مثل قوله تعالى: “الرَّحِيمِ مَلْكِ” (سورة الفاتحة:2-3)، وقوله تعالى: “قَالَ لَهُمُ“(سورة آل عمران: 173)، وقوله تعالى: “كَيْفَ فَعَلَ” (سورة الفيل: 1) ، ويمد بمقدار حركتين أو أربعاً أو ستاً.

وكما جاء في رواية رويس عن يعقوب نحو: “الْكِتَابَ بِالْحقَّ” (سورة البقرة: 176)، ومثل: “أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ” (سورة المؤمنون: 101) ، وكما جاء في قراءة حمزة مثل: “وَالصَّافَّاتِ صَفَّا(1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً(2)” (سورة الصافات: 1-2).

وإن للقراء مذاهب وذلك في مقدار المد العارض للإدغام، مثل مذهب السوسي عن أبي عمرو أنه من الجائز المد والقصر والتوسط مع إجازة الروم والإشمام، ومذهب حمزة ورويس عن يعقوب أنه لهما المد مشبعاً فحسب لأنهما يدغمان إدغاماً محضاً من غير إشارة الروم، ولذا تكون إدغامتهما من قبيل الساكن اللازم المدغم نحو: “دَابَّةٍ” (سورة البقرة: 164)، و “الْطَّامَّةُ” (سورة النازعات: 34).

أما مذهب هشام فكان يمد مداً مشبعاً نحو: “أتَعِدانِنِي” (سورة الأحقاف: 17)، علماً بأن مذاهب جماهير القراء أنه لا فرق بين سكون الوقف وسكون الإدغام.

في الختام القرآن الكريم هو علم واسع المعرفة لمن أراد أن يتزود منه، فهو يجعل صاحبه دائماً من أهل القرآن تعهداً وتدبراً وتلاوتاً، ومن الكرام البررة، فكيف لا يكون كذلك وهو كتاب رب العالمين نزل على الحق المبين محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي، فلا بد من تعلمه بالطريقة الصحيحة والنطق الصحيح للآيات والكلمات، ولا يكون ذلك إلا بتلقيه من شيخ متقن لإتقان التلاوة الصحيحة التي أرادها الله سبحانه وتعالى.


شارك المقالة: