قد يضطر الشخص لإنشاء عقد مالي بسبب ظرف وقع فيه، ويُريد التخلّص منه بهذا العقد، وهو هنا لا يقصد العقد ولا يُريده، وهذا البيع من البيوع التي عُرفت بمسميات عدّة منها، بيع المُكره، وبيع المضطر، وبيع الهازل، وأشهر ما عُرف به اسم بيع التلجئة، فما هو بيع التلجئة؟
معنى بيع التلجئة:
بيع التلجئة هو عقد بيع يتم به إظهار الصورة دون وجود إرادة حقيقة في إنشاء العقد، فيتم الاتّفاق بين العاقدان على ألّا يكون بيعاً إذا أظهرا صورة البيع، وقد يكون سبب الإظهار الخوف من ظالم، أو تلقي التهديد من قِبل آخر بإهلاك المال أو النفس إذا لم يتم انعقاد العقد.
أقسام بيع التلجئة وحكم كل منها:
ينقسم بيع التلجئة إلى قسمين، وهما:
التلجئة في نفس البيع:
بيع التلجئة في المبيع فيه صورتان:
- الصورة الأولى: تكون في إنشاء البيع، بأن يظهر العاقدان البيع بسبب أمر دفعهما لذلك، ولا يكون بينهما بيعاً حقيقياً. وهذه الصورة في حكمها ثلاثة آراء مختلفة، الرأي الأول أنه عقد باطل، والرأي الثاني أنه جائز، أما الرأي الثالث فيقول بأنه جائز مع عدم اللزوم، ولا يكون العقد لازماً إلّا بإجازته من العاقدين معاً، إذا اتّفقا على الإجازة، أما في حال عدم الاتفاق يُعتبر العقد باطلاً.
- الصورة الثانية: هي التلجئة في إقرار البيع، وهي اتفاق العاقدين على إقرار بيع لم يكن موجوداً، ثم يقران بأنه كائن، فهو هنا بيع باطل، أمّا إذا ثبت ما يُخبر عن وجود العقد، عن طريق الإخبار بالبيع فهو عقد صحيح.
التلجئة في الثمن:
ويأتي بيع التلجئة في الثمن على صورتين، وهما كالتالي:
- الصورة الأولى: تكون في مقدار الثمن، بأن يتم اتّفاق بين العاقدين على البيع مقابل ثمن مقداره ألف سرّاً، ويُظهرا عقد بيع مقابل ثمن مقداره ألفين، وهنا اعتبر الفقهاء بأن الثمن المعلن هو الثمن المعتمد الذي يتم عليه العقد ويصح إنشائه، وما اتُّفق عليه سراً يسقط حكمه، وهناك من اعتبر الثمن السري هو الثمن المعتمد، وهنا يقع بيع الهزل وهو بيع غير صحيح.
- الصورة الثانية: تكون في جنس الثمن، وهو الاتفاق على البيع مقابل ثمن بالدينار، وإظهار البيع مقابل الثمن بالدولار، وهي صورة غير صحيحة، حيث لم يتم ذكر ثمن السر، ولا اعتماد الثمن المعلن عنه، فالعقد هنا يُصبح بيعاً بالهزل، لأنه لا ثمن فيه، ويصح استحساناً إذا اعتمدنا قصد العاقدين في البيع الصحيح.