لقد كانَ للرِّواية قصصٌ جميلةٌ كانت لمحدّثي الحديثِ النَّبويِّ الشَّريف، قصصٌ تَرْوي ماعانوا في سبيلِ إيصالِ هذا العِلمِ النَّبويِّ إلى كل الأجيالِ منْ بعْدِهم، رحلوا في طلبِه، أمضوْا سنينَ عمرِهم في البحث عنْ راوٍ هنا وراوٍ هناك، كانَ منْهَجُهم في أخذ الحديثِ هو الملازمة، فالصّحابَة لازموا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ولازمَ الصّحابّةَ منْ جاءَ بعدَهمْ من التّابعين، دعونا نروي لكم قِصّة لراوٍ منَ التَّابعينَ كانَ له وجودٌ في زمنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ لكنَّه لمْ يحضَ بفضلِ الصُّحبة لبعدِ مكانِه فعَدَّه أهلِ العلمِ منَ التّابعينَ، إنّه الرَّاوي سعدُ بنُ إياسٍ فتعالوا نقرأ في سيرَتِهِ العَطِرَةِ مع الحديثِ.
نبذة عن سعد بن إياس:
هو: التَّابعيُّ الجليلُ، أبو عمرو، سعدُ بنُ إياسٍ الشَّيْبانِيُّ، يرجِعُ نَسَبُهَ إلى بني بكر، منْ رواة الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، أدركَ زَمنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وسَلَّمَ، ولمْ يرَهُ، وقيل رآه فعدَّه بعض أهلِ العلْمِ من الصّحابةِ، لكنَّهُ على الأرْجَح تابعيٌّ ولمْ يحضَ بالصُّحْبَةِ، كانّ يسكنُ الكوفَةَ بالعِراقِ وكانَ منَ المُلازِمينَ للصحابيٍّ المُحَدِّثِ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضيَ اللهُ عنْهُ وكانَم ممَّنْ شَهِدُوا معْرَكَةَ القادِسيَّةِ وكانَتْ وفاتُهُ عليهِ رَحْمَةُ اللهِ في العامِ الخامِسِ والتِّسعينَ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ الشَّريفَةِ.
روايته للحديثِ:
كانَ سعدُ بنُ إياسٍ منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، وقَدْ روى الحديثَ عنْ كثيرٍ منَ الصّحابَة منْهُم: عبدِ اللهِ بنِ مَسْعودٍ وحّذُيْفَةَ بنَ اليمانِ وزيدِ بنِ أرقمٍ وعليِّ بنِ أبي طالِبٍ وأبي مَسْعُودِ البَدْريِّ وغيرِهمْ رَضيَ اللهُ عنْهُم.
امّا عنْ الرّواة المُحَدِّثينَ الّذينَ رووا الحديثِ من طريقِ سعدِ بنِ إياسٍ فهم كثرٌ منهم: سُلَيمانُ بن مهرانٍ الأعمشِ وإسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ وسُليمانُ بنُ طَرْخانٍ والسُّبيعيُّ أبو إسحاقَ ومنصورُ بنُ المُعْتَمِرِ وسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ وغَيْرِهم رحمهم الله جميعاً وكانَ منَ الثِّقاتِ في علمِ الحديثِ وحديثُه عندَ جماعَة الحديثِ.
من رواية سعد بن إياس للحديث:
ممّا ورَدَ منْ روايَة الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ منْ طريقِ سعدِ بنِ إياسٍ الشَّيبانِيِّ ما أوْرَدَهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحَجَّاجِ في صحيحِهِ: (( حدَّثَنا أبو بكرِ بنِ أبي شَيْبَةَ، حدَّثَنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عنِ الشَّيْبانِيِّ، عنِ الوَلِيدِ بنِ العَيْزارِ، عنْ سعدِ بنِ إياسٍ أبي عمرُو الشَّيْبانِيِّ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مسْعُودٍ قالَ: سألْتُ رَسثولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ؟ قالَ: ( الصَّلاةُ لِوَقْتِها ). قالَ: قلْتُ: ثُمَّ أَيْ؟ قالَ: ( بِرُّ الوالِدَيْنِ ). قالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أيْ؟ قالَ: ( الجِهادُ في سَبِيلِ اللهِ ). فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إلّا إرْعاءً عَلَيْهِ. )). منْ كتاب الإيمانِ، رقمُ الحديثِ85/137.