سفيان الثوري والرواية

اقرأ في هذا المقال



نسافِرُ مَعَكُمْ عبرَ الزَّمنِ الماضِي، لنّبحثَ عنْ سيَرِ العلماءِ المُحدِّثينَ الّذينَ حَمَلوا أمانَةِ نقلِ الدينِ ومَصادِرِهِ، فكانَ الحديثُ النَّبويُّ منْ اهتماماتِ رحْلَتِهِم في طلبِ العلْم لمَعْرِفَتِهم بأهميَّتِه في تشريعِنا الإسلاميِّ ولعلْمِهم بوُجوب وصولِه إلى الأمَّةِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وهانحن ُنصِلُ في رِحلَتِنا المُتواضِعَةِ إلى الكوفَةِ حيثُ إزدِحامُ المحدِّثينَ منْ أتباعِ التَّابعينَ فيها، ونصِلُ فيها إلى الرَّاوِي المُحَدِّثِ شَيخِ الإسلامِ كما وصَفَهُ الإمامُ الذَّهَبيُّ، إنَّهُ سُفيانُ الثَّورِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، فتعالوا نَقْرَأُ في سيرَتِهِ معَ الحديثِ النَّبويِّ.

نبذة عن سفيان الثّوريّ:

هوَ: الإمامُ المُحَدِّثُ الفقيهُ، أبو عبدِ اللهِ، سُفيانُ بنُ سعيدِ بنِ مَسروقٍ الثَّورِيُّ، منْ رواةِ الحديثِ والفقهاءِ منْ جيلِ أتْباعِ التَّابعينَ، منْ مواليدِ خُراسانَ في العامِ السَّابعِ والتِّسعينَ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّة، طلبَ العلْمَ صغيراً وروِيَ أنَّ الناسَ كانَتْ تَسْتَفْتيهِ ولمْ يزلْ صغيرَ السِّنِّ، ثمَّ رَحَلَ إلى مكَّةَ المُكرَّمَةَ بعدَ انْ طلبَ منْهُ الخليفَةُ العبَّاسِيُّ أبي جَعْفَرِ المنْصورِ توَلِّي القَضاء بعدَ محنَةِ الإمامِ أبي حَنِيفَةَ النَّعمانَ وموتِهِ بالسِّجْنِ لرَفْضِه ذلكَ، ثمَّ هاجرَ بعدَ ذلِكَ إلى اليمنِ ثمَّ إلى مكَّةَ مرَّة أُخرى مُطارَداً مُتَخَفِيَّاً، حتَّى آلَ بهِ المآلُ إلى البَصْرَةِ حيثُ توُفِّيَ فيها في العامِ الحادِي والسِّتينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ يرْحَمُهُ اللهُ.

روايته للحديث:

كانَ الإمامُ سُفيانُ الثَّورِيُّ منْ أعلامِ أتباعِ التَّابعينَ في الحديثِ النَّبويِّ، وقدْ ادرَكَ جَمْعاً كبيراً منَ التَّابعينَ الّذينَ رَوَى منْ طريقِهِمِ الحديثَ ومنهُمْ: عبدِ العَزيزِ بنِ رُفَيْعٍ وقيسُ بنُ مُسْلِمٍ ومنْصورِ بنِ المُعْتَمِرِ وعثمانَ بنِ عاصِمٍ أبي حَصينٍ وطلْحَةَ بنِ يَحْيَى وسُلَيْمانَ بنِ مهرانَ الأعمَشِ وأبي قيسٍ الأوْديِّ وراشِدِ بنِ كْيسانَ وسِماكِ بنِ حَرْبٍ وعَلْقَمَةَ بنِ مرْثَدٍ وغيرِهم يرْحَمُهُمُ اللهُ جميعاً.

أمَّا منْ روى الحديثَ منْ طريقِ سُفيانَ الثَّورِيِّ فمِنْهُمْ: إسحاقُ بنُ يوسُفَ ويحْيَى بنُ سعيدٍ القَطَّانُ ويحْيَى بنُ آدَمَ القُرَشِيُّ والضَّحاكُ بنُ مِخْلَدٍ ويزيدُ بنُ زُرَيْعٍ وعبدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ وعُبَيْدِ اللهِ الأَشْجَعِيُّ ووَكيعُ بنُ الجَرَّاحِ وسُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ وهوَ منْ أقْرانِهِ وغيرِهم يرْحَمُهُمُ اللهُ.

من رواية سفيان الثّوري للحديث:

مِمَّا ورَدَ منْ رِوايَةِ سُفيانَ الثَّورِيِّ للحديثِ ما أوْرَدَهُ الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ يرْحَمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ الحُدودِ: (( حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مِنْهالٍ الضَّريرُ، حدَّثَنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، حدَّثَنا سُفيانُ الثَّورِيُّ، عنْ أَبِي حَصِينٍ، عنْ عُمَيْرِ بنِ سَعيدٍ، عنْ عَلِيٍّ، قالَ: ماكُنْتُ أُقيمُ علَى أَحَدٍ حَدَّاً فَيَمُوتُ فيهِ، فأجِدَ منْهُ في نَفْسِي، إلَّا صاحِبَ الخَمْرِ؛ لأنَّهُ إنْ ماتَ وَدَيْتُهُ؛ لأنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لمْ يَسُنَّهُ )) رقمُ الحديثِ 1707/39.


شارك المقالة: