لقد كان لصحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفضلُ في الصّحبة والرّواية، حفظوا الوحي في صدورهم وكتبوه في السّطور ونقلوه لمن جاء بعدهم، ولقد أمَِنُوا على الوحي، فكانوا عدولاً ثقاتٍ في ذلك ولا يخلوا حديث صحيح من أسمائهم، ولا يقبل حديث إلّا وقد ذكر من طريقهم، نحطّ رحالنا عند صحابيٍّ جليلٍ من الخلفاء بعد رسول الله عليه الصّلاة والسّلام من رواة الحديث الشّريف، إنّه سادس الخلفاء، مُعاوية بن أبي سُفيان.
نبذة عن معاوية
هو الصّحابيُّ الجليل مُعاوية بنُ صَخْر بنُ حَرْب المعروف بأبي سفيان، وأمّه هند بنت عُتْبَة، وكان إسلامُه مع أبيه بعد فتح مكّة في العام الثّامن للهجرة، وقيل كان ممّن أسلموا قبل فتح مكّة وأخفى إسلامَه عن أبيه ثمّ لحق بركب المسلمين بعد الفتح، سادس الخلفاء بعد الراشدين الأربعة والحسن بن عليّ بن أبي طالب،وقد ولَّاه أبو بكر قيادة الجيش بالفتوح وولّاه عمر على الشام ثمَّ أصبح خليفةّ للمسلمين بعدما تنازل الحسن بن عليّ بالخلافة، وروي أنّه كتاب الوحي، وروى الحديث ، توفي سنة60 للهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
يعدّ الصّحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان من رواة الحديث النّبويّ الشّريف وقد روى الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعن الصّحابة أبي بكر وعمر بن الخطّاب وأُختِهِ رملة أمّ المؤمنين، وروى عنه من الصّحابة عبدالله بن عبّاس وجرير بن عبدالله وغيرهم، وحدّث من طريقه من التابعين وتابِعِيهِم سعيد بن المسيّب وعروة بن الزّبير وابن سيرين وغيرهم، وروى له البخاريّ ومسلم وغيرهم من أصحاب السُّنن والمسانيد.
من حديث معاوية
ممّا روي عن مُعاوية بن أبي سُفيان في الحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحه من طريق جرير بن عبدالله ((أنّه سمع مُعاوية بن أبي سُفيان يخطب فقال: مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاثٍ وستين)) وقد قصد في ذلك أنّه (وانا متوقع موافقتِهم وأنّي سأموت في هذه السنة).
في فضل معاوية
كان مُعاوية بن أبي سُفيان من الرّواة الّذين اتّصفوا بالعقل الراجح، وما روي في قصة التحكيم نتركها لأهل العلم والتقوى، مع الاحتفاظ بفضل علي ومعاوية من الصّحابة الأجلّاء، وأنّ ما حدث هي الفتنة نسأل الله السّلامة منها، ونترضَّى عن الصّحابة كلّهم بلا استثناء، وانّهم خيرُ قرنٍ كما ورد في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.