حياة لوط عليه السلام وإمرأته وأبنائه:
زوجة سيدنا لوط عليه السلام فلم يُذكر لها أي اسم ولكن قد ظنّ البعض بأن اسمها “والعة أو والهة” ولكن جاء ذكرها في القرآن على أنها امرأة لوطٍ وأنها من الغابرين، وكانت سيدةً سيئة لم تؤمن بزوجها ولا بدعوته، ولكنها قد لاقت جزاءها. أما سيدنا لوط عليه السلام فهو ابن هاران وهو أخو سيدنا إبراهيم عليه السلام لأبيهِ تارخ أى أزر بن ناحور، وهو سلالة سام بن نوح عليهم السلام.
التعريف بالنبي لوط عليه السلام:
إنّ أمّ لوط عليه السلام هي أختُ والدةُ إبراهيم عليه السلام، وهي أيضاً بنتُ لاحِج، ويُقال إنه كان نبياً ولكنه لم يُبعث إلى أمةٍ محددة. ولوط عليه السلام هو أخو سارة عليها السلام زوجة إبراهيم لأمِها. وقد ولد لوط عليه السلام في منطقة كوثار وهى قريةً من قرى الكوفةِ في العراق وعاش فى زمن سيدنا إبراهيم وولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام. كان تقياً وورعاً صبوراً طائعا لله ناصحا لقومهِ الذين كانوا أول من اشتهى الرجال عن دون النساء، فقد كانوا يتركون نساءهم، ويمارسون الفاحشة فيما بينهم، وما أن يأتي عليهم ضيفٌ يعتدوا عليه ويجبروه على ما يقومون به.
فقد حاول معهم النبي لوط عليه السلام كثيراً من المحاولات لأن يتكروا هذا الفعل إلا أنهُ لم ينجح وأصروا على أفعالهم، فقام بالمهاجرة مع نبى الله إبراهيم لما وجدَ من مضايقةً من الكافرون فى أرضهِ العراق. وأستقر لوط في سدون بالقربِ من عامرٍ على شاطئ البحر الميت فيما يُعرف اليوم بالأردن.
وكان أهلُ سدوم قوماً بُخلاء، وقد أطلق عليهم لقبُ “أهل المؤتفكة” ؛لأنهم كانوا أهل فساد ولغوٍ يأتونه بحضور النساء والبنات، وبالرغم من تكرار النصيحة من لوط لقومه؛ إلا أنهم لم يتعظوا لا بل أنهم واصلوا وغالوا في فعل الفواحش، فأرسل الله تعالى ملائكتهُ من أجل عقاب أهل سدوم فقد زاروا في البدايةِ إبراهيم عليه السلام ورفضوا أن يأكلوا الطعام الذى أعده لهم، ففي تلك اللحظة عِرف أنهم ملائكةٌ، ثم ذهبوا إلى لوط الذى أربكَ لوط خوفاً مما ينوي فعلهُ أهل بلده، فحاول أن يتحايل عليهم وعدم استقبالهم وبعدها أن يصرفهم، لأنهم طلبوا منه أن يستضيفهم، فقام بالطلب من زوجتهِ وبناتهِ بأن لا يُخبرى أحداً من أهلِ بلدهِ، وقال لزوجته: إن لم تخبري قومك فسوف أسامحك على ما بدر منك من أذى قدمتيه لي فيما مضى.
لقد وعدت زوجة لوط عليه السلام بأنها لن تُخبر القوم ولكنه تفاجأ بما فعلت هذه السيدة التى عاقبها الله عقابا شديدا فيما بعد. كانت على دين آبائها وكانت متفقةً معهم على إشارةً تخبرهم بها لو جاء أيّ ضيفٍ يزور زوجها، فما كان منها إلّا أن أوقدت نارا فوق سطح منزلها، وهى الإشارة التي كانت تُعطيها لقومها عند مجيء أي ضيف، فتوافدوا. ولم ينجح فى إقناعهم بالذهاب واحترام ضيوفه، وما إنّ دخلَ القوم عليهم وما كان منه إلّا أنّ يدفعهم عنهم حتى تعب، وهددهم بعذاب أليم من الله، فسخروا منه بل طالبوه بإنزال العذاب عليهم وأوى حزينا إلى ركنٍ فى بيته فطمأنته الملائكةُ وعرفوا عن أنفسهم بأنهم رسلُ الله تعالى، وأمروه بأن يسرى بأهلهِ ليلاً إلا أنهم طلبوا منهم عدم النظر إلى الخلف ومن نظر فسيكون من الغابرين.
من الذي خرج مع لوط حين حلّ العذاب:
لقد خرجَ لوط وابنتاه وأخبروه أنّ لا يلتفوا وبأن زوجتهُ ستكون من الغابرين، وخرجت امرأته معهم وبينما هم في الطريق إلا أن جاءت الصيحةُ ونزل العذاب بأهل سدوم فَصرخت امرأة لوط بأعلى صوتها “واقوماه” فسقط عليها حجرٌ ألحقها بقومها، ويُقال بأن سدوم وعمورة ومدناً أخرى كان يسكنها قوم لوط كُلها أصبحت تحت الأرض بحوالي 400 متر وأصبح يُطلق عليها اليوم بحيرة لوط أو البحر الميت؛ لأنه لايعيش فيه أيّ نوعٍ الأسماك أو الأنواع البحرية بل يُطلق عليه فى الكتب القديمة اسم البحيرة النتنة. والاكتشافات الأثرية توصلت إلى كهفٍ طبيعى فيه نبع يعود إلى العصر الحجري.
من المُعتقد أن النبي لوطا عليه السلام كان يعيش في العصر البرونزي أيّ من حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وقد بني المسيحيون على باب الكهف أو المغارة كنيسة وديراً ويُعتقد أن نبي الله لوطا كان يعيش فيه وأولاده بعد دمار هذه المدن، إذ ولد ابناه “عمون” و”مؤاب”. وفى منطقة البحر الأحمر تمثال لامرأة تنظر إلى الخلف يقال إنه لزوجة لوط عليه السلام وإن كان الأمر ليس بمؤكد، ويتساءل البعض كيف لزوجة نبيٍ أن تكون خائنة؟ وهنا للعلماء تفسير فقد كانت خائنة بمعنى أنها تبطن غير ما تظهر إلا أنها لم تكن زانية، هي كانت منافقة كافرة إلا أنها لم تكن أبداً زوجة نبي زانية.
لماذا لك يطلق لوط عليه السلام زوجته:
لقد صبّر النبي لوط على زوجته؛ لأنه يتأملُ دوماً بأن يصطلح حالها أو لأنها لم تُفصح دوماً عما في داخلها، فلوطٌ عليه السلام مذكورٌ في الكتب السماوية فكان كثير المهام وشديد الإيمان فالدعوةُ هي حكاية العذاب التي لحقت بسدوم وعمورة والعذاب الذي كان من أمطارٍ الحجارة بالنار والكبريت وهلاك زوجته فكله مذكور، لكن إن الشيء الوحيد بالنسبة للديانتين أن لوطاً هو رجلاً باراً ببيته وقومه وزوجه، أما بالنسبة لنا فهو نبيٌ وزوجته عليه السلام تختلف عن نساء الرسل الأخريات، فلم تُقدر قيمة النبي ولا صبر النبي على أفعالها السيئة، فمن أجل ذلك ألحق الله تعالى بها العذاب مع قوم لوط.