يستخدم الفيلسوف هنري سيدجويك سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ لغة مذهب المتعة لتسمية طريقتين من الطرق الثلاثة التي سيهتم بها بشكل رئيسي وهي:
1- مذهب المتعة الأنانية (أو الأنانية العقلانية).
2- المذهب العام (أو النفعية).
3- الطريقة الثالثة تسمى بشكل مختلف وهي الأخلاق العقائدية أو الحدسية، والتي يتم تفسيرها بشكل غامض إلى حد ما على أنّها إما المبادئ (السلبية في الغالب) لأخلاق الفطرة السليمة، أو النسخة الأكثر دقة إلى حد ما من هذه المبادئ المنصوص عليها في نظريات، في نظريات المنظرين الأخلاقيين مثل ويويل (Whewell) أو هنري كالديروود (Henry Calderwood).
النقطة الرئيسية لمثل هذه الآراء هي أنّ الامتثال للواجبات الأخلاقية مثل قول الحقيقة والوفاء بالوعد والاعتدال وما إلى ذلك يعتبر النهاية النهائية عمليًا للأفعال الأخلاقية، وهذه الواجبات موصوفة دون قيد أو شرط ويمكن تمييزها بحدس واضح وصحيح حقًا، على الرغم من أنّ مهمة المنظّر الأخلاقي هي تحديدها بدقة مناسبة وترتيب النتائج بشكل منهجي قدر الإمكان ومن خلال التعاريف والتفسيرات المناسبة لإزالة الغموض ومنع الصراع.
في الواقع من المحتمل أن يكون الشخص العادي مرتبكًا إلى حد ما بشأن الاختلافات بين أساليب الأخلاق، حيث ينشر تعسفيًا واحدة أو أخرى دون إدراك أي تناقض.
الأخلاق الحدسية:
في الواقع يظهر الحدس في كل من الطريقة الثانية للأخلاق، وفي شكل أكثر فلسفية في معالجة جميع أساليب الأخلاق، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمناقشة المبادئ الأساسية.
وكما يشرح سيدجويك على الرغم من أنّ البعض قد يعتقد أنّ الضمير يصدر أحكامًا فورية على أفعال معينة، وهي وجهة نظر يسميها بشكل مختلف الجمالية أو الإدراكية أو الحدس الفائق، فإنّ الأشخاص المنعكسين بما يتناسب مع انعكاسهم، يعتمدون بدلاً من ذلك على الحدس العام المجرد المتعلق بالطبقات من الحالات التي تم تصورها بموجب المفاهيم العامة.
ومن ثم فإن الأخلاق البديهية العقائدية والتي في الطرق مأخوذة بشكل محرج لتغطية كل من الآراء الأخلاقية والآراء الغائية غير اللطيفة، على أساس أنّ الأخيرة تميل إلى تفسير الفضيلة بنفس الطريقة مثل الشيء الذي تم فعله ببساطة مهما كان الآثار.
لكن عملية التفكير لا يجب أن تتوقف عند هذا الحد، أي أنّ هناك مرحلة أخرى أكثر تعقيدًا من الحدس، ومن دون الميل إلى إنكار أنّ السلوك الذي يُحكم عمومًا على أنّه صحيح هو كذلك، فقد نحتاج إلى تفسير أعمق لسبب ذلك.
وهكذا فإنّ الحدس الفلسفي ومع قبول أخلاق الحس السليم كما في الصوت الرئيسي لا يزال يحاول أن يجد لها أساسًا فلسفيًا لا تقدمه هي نفسها، وذلك للحصول على مبدأ أو أكثر بشكل مطلق وصحيح وواضح بشكل لا يمكن إنكاره، ومن التي يمكن استنتاجها من القواعد الحالية إما كما يتم تلقيها بشكل شائع أو مع تعديلات وتصحيحات طفيفة.
إنّ الصعود إلى هذا الحدس الفلسفي واضح بشكل خاص في معالجة الفطرة السليمة أو الأخلاق الحدسية، وكما أوضح سيدجويك ردًا على مراجعة كالديروود النقدية للطرق والتي تساءلت عن سبب عدم اقتصاره ببساطة على اعتبار الحدس في أكثر أشكاله فلسفي.
إنّ هذا التكتيك كان سيقود سيدجويك في الحال إلى النفعية، حيث أنّ البديهيات الأخلاقية الوحيدة التي يمكن للفلسفة السليمة أن تقبلها على أنّها صالحة في نهاية المطاف، هي تلك التي توفر في نفس الوقت الأساس الفلسفي الوحيد الممكن للعقيدة النفعية.
وبالتالي فإنّه يعتبر بالضرورة حدسية البروفيسور كالديروود كمرحلة في تطوير الطريقة الحدسية، والتي تأتي بشكل طبيعي بين الفكر الخام لـ الرجل العادي لبتلر (Butler)، وبين النفعية العقلانية التي يحاول سيدجويك في النهاية أن يقود القارئ إليها، وهذا يعني السماح بأن تكون أخلاق الفطرة السليمة له أيضًا، ويجب أن يكون فيلسوفًا مع ذلك
وقد أوضح سيدجويك في تعليق مهم عن الطرق لتأسيس المبادئ الأخلاقية الأولى، وذلك بأنه يقبل تمييز أرسطو بين الأولوية المنطقية والأولوية في معرفة شخص معين، بحيث يتم تمكيننا بالتالي من رؤية أنّ القضية قد تكون بديهية، أي يمكن إدراكه بشكل صحيح دون أن يُنظر إليه على أنّه مرتبط بأي مقترحات أخرى.
وعلى الرغم من أنّه من أجل أن تكون حقيقتها واضحة لعقل معين، لا تزال هناك حاجة إلى بعض العمليات العقلانية التي تربطها بالقضايا التي سبق قبولها من قبل ذلك العقل.
بحيث يمكن القيام بهذا الأخير بطريقتين، من خلال إظهار كيف أنّ بعض العبارات المحدودة والمحددة المفترض أن تكون بديهية هي فقط جزء من اقتراح أبسط وأوسع، والتي يتبين من خلالها أنّ القيود تعسفية.
ومن خلال وضع بعض المعايير العامة للتمييز بين المبادئ الأولى الحقيقية التي تُستخدم بعد ذلك لتكوين استنتاج منطقي صارم يتم بموجبه بتطبيق معاييرهم العامة على الحالة الخاصة للأخلاق، فإنّه يؤسس المبادئ الأولى الحقيقية لهذا الموضوع الأخير، والحقيقة واحدة يجب أن يتقارب كلا التكتيكين في النهاية على نفس الاستنتاجات.
ما إذا كان سيدجويك قد نجح في تجنب مجرد النقد العدائي من الخارج في تحليله لأخلاق الفطرة السليمة أمر مفتوح للنقاش، وبالتأكيد يمكن أن يبدو التفكير النقدي قاسيًا تمامًا مع إظهار النفعي مرارًا وتكرارًا للحدس العقائدي.
إنّ مبادئ الحقيقة والعدالة وما إلى ذلك لها فقط صلاحية تابع ومرؤوس، وذلك بحجة إما أنّ المبدأ يتم تأكيده حقًا فقط من قبل الحس السليم كقاعدة عامة لقبول الاستثناءات والمؤهلات، كما في حالة الحقيقة وأنّه نحن بحاجة إلى بعض المبادئ الأخرى لتنظيم هذه الاستثناءات والمؤهلات، أو أنّ المفهوم الأساسي غامض ويحتاج إلى مزيد من التحديد كما في حالة العدالة.
علاوة على ذلك أنّ القواعد المختلفة عرضة للتعارض مع بعضها البعض، وأنّه قد نحتاج إلى مبدأ أعلى للبحث في القضية المطروحة على هذا النحو، ومرة أخرى أنّ القواعد يتم صياغتها بشكل مختلف من قبل أشخاص مختلفين، وأنّ هذه الاختلافات لا تقبل أي حل حدسي، بينما تظهر غموض والتباس المفاهيم الأخلاقية المشتركة التي يناشدها الحدس.
مرارًا وتكرارًا ينهار الفطرة السليمة في التفكير النفعي أو يتضح أنّها تفترض مسبقًا، أو على الأقل يتم الكشف عنها على أنّها تتطلب شيئًا مثله تمامًا، وذهب هذا الجهد لانتقاد واستيعاب القواعد الأخلاقية للفطرة السليمة إلى ما هو أبعد من جهود جون ستيوارت ميل، وخدم كنموذج للعمل النفعي أو العواقبي لسمارت (1973) وبراندت (1979) وهير (1981) وبارفيت وهاردين (1988) وسينجر (2001) وجيبارد (1982 و 1990)، ولازاري راديك وسينجر (2014).
ومثل الكثيرين في التقليد النفعي انتهى الأمر سيدجويك بالاعتراف بالمكانة الأخلاقية للحيوانات غير البشرية، والحيرة بشأن أسئلة الانتحار والدفاع عن فكرة النية التي تغطي جميع النتائج المتوقعة، ورفض الحسابات الجزائية البحتة للعقاب، واحتضان عالمي (بدلاً من القومية) والتفكير، على الرغم من عدم الإصرار العام على أنّ الدين الأرثوذكسي وأخلاقه غالبًا ما يكونان عقائديين وخرافات.
وقد بادر بالمناقشة الفلسفية (الحديثة) لمشكلة الأجيال القادمة والنمو السكاني الأمثل، بحجة أنّ النقطة التي يجب أن يتم تشجيع السكان على زيادتها وفقًا للمبادئ النفعية ليست تلك التي عندها متوسط السعادة هو أكبر قدر ممكن.
ولكن ذلك الذي يتكون عنده الناتج عن مضاعفة عدد الأشخاص الذين يعيشون في مقدار متوسط السعادة يصل إلى الحد الأقصى، لكنه لم يكن دائمًا ثابتًا في معالجته لهذه المشكلة.
على الرغم من أنّه قد يبدو متوترًا وعفا عليه الزمن عند تطبيق تصنيف المنفعة (الفعل) أو (القاعدة) على سيدجويك، إلّا أنّ الإجماع العلمي يصنفه في الغالب على أنّه فعل نفعي. على أية حال من الواضح تمامًا أنّه دافع عن شكل غير مباشر من النفعية، وفي الواقع يذهب بعيدًا في الدفاع عن إمكانية النفعية التي تنطوي على أخلاقيات ذاتية، بل وأخلاقية مقصورة على فئة معينة.
نقد فلسفة سيدجويك الأخلاقية:
مثل هذه الأمر الاستفزازي الذي يتناقض بشكل صارخ مع إصرار كانط على الدعاية الضرورية للمبادئ الأخلاقية الأساسية، وقد تعكس تفسيرًا ثابتًا لمستويات مختلفة من التفكير الأخلاقي النقدي مقابل اليومي، ولكنهم أثاروا انتقادات كثيرة حيث اتهم ويليامز بأنّ سيدجويك كان مبنى الحكومة النفعي الذي تتوافق آراءه جيدًا مع الاستعمار.
ومع ذلك حتى فيما يتعلق بالأخلاق الباطنية اجتذبت آراء سيدجويك بعض المدافعين الأقوياء مؤخرًا الذي يضرب في قلب مطلب الدعاية الكانطية والكانطية الجدد، وتدين حجتهم بالكثير لإثبات بارفيت أنّ النظرية الأخلاقية يمكن أن تكون غير متماسكة أو غير صحيحة.
مرة أخرى غالبًا ما تم اتهام سيدجويك بتحويل نقاشه ضد مجموعة واسعة من البدائل، وفي بعض الأحيان يكون من غير الواضح من ينتقد آراءه، وهكذا فإنّ روايته لـ (الحدس الجمالي) تبدو وكأنها على شكل معين من الأرسطية التي يؤكد فيها على الطبيعة السياقية والخصوصية للحكمة العملية.
ولكن في عمل مهمل بشكل غريب عن التاريخ من الأخلاق التي كانت في بعض النواحي خليفة لمخططات سيدجويك (واحتوت على معالجة موسعة لآراء سيدجويك)، حدد روجرز (Reginald A.P. Rogers) الحدس الجمالي مع نظرية الحس الأخلاقي لشافتسبري (Shaftesbury).