كان وليام إدوارد بورغاردت دو بوا (William Edward Burghardt Du Bois) مفكرًا أمريكيًا مهمًا حيث كان شاعرًا وفيلسوفًا ومؤرخًا اقتصاديًا وعالم اجتماع وناقدًا اجتماعيًا، وكان عمله يقاوم التصنيف السهل وهو أكثر من مجرد فيلسوف كما إنّه بالنسبة للكثيرين قائد اجتماعي عظيم، وتنحني جميع جهوده المكثفة نحو هدف مشترك وهو المساواة بين الملونين.
المنظور العام لفلسفة دو بوا:
من الناحية الفلسفية يصعب وصف عمل دو بوا لأنّه عاش وكتب لفترة طويلة وصقل مكانته على مدار سنوات عديدة، ووصف يوجين هولمز (Eugene C. Holmes) دو بوا بأنّه مادي وفيلسوف اجتماعي، ووفقًا لهولمز فإنّه يقول: “مع دكتور دو بوا كانت دائمًا مشكلة الحصول على الحقيقة حول العرق من خلال نهج علمي”.
اعتمدت المنح الدراسية الحديثة منظورًا أكثر دقة، حيث يضع كورنيل ويست يضع دو بوا بشكل قاطع في معسكر البراغماتيين، أي في معسكر شخص يعمل في التقليد الإيمرسوني المتمثل في التهرب من المشكلات الفلسفية التقليدية تمامًا والتحول بدلاً من ذلك إلى تمكين الأفراد والمجتمعات، وما يضيفه دوبوي إلى البراغماتيين وفقًا لما قاله ويست هو اهتمامه العاطفي والمركّز ببؤساء الأرض والتفكير في الكيفية التي يمكن بها للمرء أن يخفف من محنتهم.
تميل المناهج الأخرى الأكثر حداثة إلى رؤية دو بوا كمنظّر نقدي شديد الأهمية، أو شخصًا يتسم عمله بطبيعته بطبيعته ومتعدد التخصصات بشكل هادف، ويستند إلى تخصصات متعددة حسب الحاجة لنقد السلطة وخاصة سلطة البيض، ويبدو أنّ كاتب سيرة دو بوا قد أكد هذا الرأي الذي اختتم وصفه الدقيق والمضني لحياة دوبوي وعمله بالإشارة إلى أنّ دوبويز في جوهره حاول عمليًا كل حل ممكن لمشكلة العنصرية في القرن العشرين والدراسة والدعاية والشيوعية الدولية.
ومن ثم فإنّ النظرة التقليدية لدو بوا كما هو الحال دائمًا مع الاهتمام بالحصول على الحقيقة حول العرق من خلال العلم تبدو متناقضة مع الدراسات الحديثة، والتي تنص على أنّ دو بوا جرب مناهج متعددة لا يمكن التوفيق بينها (حتى الدعاية) لتحقيق غاياته، ومع ذلك لا تزال هناك منحة دراسية حديثة مهمة ترى أن دوبوا فيلسوفًا تقليديًا يهتم بمُثُل الحقيقة والخير والجمال، ووفقًا لكيث بايرمان على سبيل المثال يمتلك دو بوا ثقة في فهمه للحقيقة وسيرته الذاتية، على سبيل المثال هي قصص يكتسب فيها دائمًا نظرة أكمل للحقيقة.
الحقيقة التي يدركها دو بوا وفقًا لبيرمان هي أنّ هناك قانون الأب الذي يتحدى الأب الفاسد من خلال استبدال الأب، ويمكن للابن إقامة إمبراطورية من العقل والأخلاق والجمال لتحل محل السلطة التعسفية والمصلحة الذاتية، وفي هذه القراءة وهي أفلاطونية من نواحٍ عديدة فإنّ الحقيقة والخير والجمال هي صفات مثالية من خلال الاستئناف الذي يحكم عليه دو بوا ويدين العالم الفاسد لعدم المساواة العرقية.
بشكل عام إذن يمكننا أن نرى أنّ التفسير العام لفلسفة دو بوا هو أساس متنازع عليه، وأنّه لا يوجد تعريف واضح ومتفق عليه لها ينبثق من المنحة الدراسية، حتى أنّ بعض الفلاسفة القاريين قد حددوا دوبوا على أنّه هيجلي من ناحية جوهرية (أو على الأقل باعتباره أحد أهداف هيجل الرئيسية)، ولقد أُشير إلى أنّه مثل هيجل فإنّ نفس دو بوا أيضًا ممزقة ومنقسمة داخل نفسها، فقط لتضطر إلى النضال من أجل الوصول إلى تركيب أعلى للهوية في تشكيل جديد، ومادي وبراغماتي ونظري نقدي وأفلاطوني وهيجلي بحيث لم يتم تحديد التوجه الفلسفي العام لدو بوا.
أهمية دو بوا اليوم:
على الرغم من صعوبة وصفها بعبارات عامة ولكن ترقى فلسفة دو بوا إلى تحول برنامجي بعيدًا عن التجريد ونحو النقد الاجتماعي الملتزم، وفي التأثير على هذا التغيير في الفلسفة لا سيما نيابة عن الأمريكيين الأفارقة والمتعلق بقضية العرق يضيف دو بوا أهمية ملموسة وتطبيقًا عاجلاً للبراغماتية الأمريكية، كما يؤكد كورنيل ويست بأنّ فلسفته تتعلق بالنقد الاجتماعي وليس حول استيعاب الحقيقة الخالدة المطلقة.
كان عمل دو بوا ضروريًا أيضًا لنظرية أفريكانا النقدية وقد أثر على مجموعة من المفكرين في هذا التقليد كما أوضحت ربكة، وكثيرًا ما قارن المؤلفون عمل دو بوا بعمل فرانتز فانون في دعوته للتغلب على التحيز العنصري العالمي وتحرير إفريقيا، بالإضافة إلى ذلك كانت فلسفة دو بوا نقطة تركيز لبعض أعمال الدكتور مارتن لوثر كينج الابن من بين العديد من المفكرين الآخرين، الذين أشادوا بها بشدة لالتزامها بالحقيقة حول تجربة وتاريخ الأمريكيين الأفارقة.
ساهمت فلسفة دو بوا أيضًا بشكل كبير في نظرية العرق النقدية وخاصة مقالته (الحفاظ على الأجناس)، حيث يجادل دو بوا مرددًا النفوس (Souls) بأنّ هناك بعض المعنى الحقيقي للعرق حتى لو كان من الصعب تحديده بدقة، كما يوضح روبرت برناسكوني (Robert Bernasconi) فإنّ دو بوا هو شخصية محورية في الجدل حول طبيعة العرق لأنّه أثار نقاشًا مكثفًا حول مدى وجود أساس بيولوجي للعرق ومدى تأثيره الاجتماعي والميزات الثقافية تحدد العرق أيضًا.
من خلال مفهومه للنظرة الثانية والمنظور المتميز للأقليات يتوقع دو بوا أيضًا إن لم يكن يخلق بمفرده نظرية وجهة النظر في نظرية المعرفة، والتي ترى أنّ الأقليات مجهزة بشكل أفضل لاكتساب المعرفة حول العالم من أعضاء الثقافة المهيمنة، وتضيف فلسفة دو بوا الاجتماعية أيضًا عنصرًا مهمًا إلى الماركسية من خلال التركيز على العناصر العرقية للقمع ووظيفتها فيما يتعلق بالحرب الطبقية، وعلاوة على ذلك تتوقع فلسفته أيضًا بعض النسويات الفرنسيات مثل لوس اريجاراي (Luce Irigaray)، الذين يوضحون كيف تعكس الثقافة لنا صورة أنفسنا على حساب الأقليات.
قبل كل شيء تعتبر فلسفة دوبويز مهمة اليوم لأنّها تتناول ما قد يجادل الكثيرون بأنّه مشكلة العالم الحقيقي المتمثلة في هيمنة البيض، وطالما يوجد امتياز عنصري للبيض ويقمع أحلام البشر وحرياتهم فطالما سيظل دو بوا ذا صلة كمفكر، لأنّه أكثر من أي شخص آخر تقريبًا ووظف الفكر في خدمة الكشف عن هذا الامتياز و عملت على القضاء عليه في خدمة إنسانية أكبر.
فلسفته مهمة اليوم لأنّها تتناول ما قد يجادل الكثيرون بأنّه مشكلة العالم الحقيقي للهيمنة البيضاء، فلطالما يوجد امتياز عنصري للبيض ويقمع أحلام البشر وحرياتهم، ولطالما سيظل دو بوا ذا صلة كمفكر لأنّه أكثر من أي شخص آخر تقريبًا وظف الفكر في خدمة الكشف عن هذا الامتياز و عمل على القضاء عليه في خدمة إنسانية أكبر.
كما إنّ فلسفة دو بوا البراغماتية بالإضافة إلى أعماله الأخرى تكمن وراء هذا الهدف الاجتماعي الأكبر وتدعمه، وفي وقت لاحق من حياته تحول دوبوا إلى الشيوعية كوسيلة لتحقيق المساواة، ولقد تصور الشيوعية كمجتمع يعزز رفاهية جميع أعضائه وليس مجرد قلة منهم، وتوصل دو بوا إلى الاعتقاد بأنّ الحالة الاقتصادية للأفارقة والأمريكيين الأفارقة كانت واحدة من الأنماط الأساسية لاضطهادهم، وأنّ التوزيع الأكثر إنصافًا للثروة كما قدم ماركس كان علاجًا لهذا الوضع.