الجاينية هو اسم أحد التقاليد الدينية التي تعود أصولها إلى شبه القارة الهندية، ووفقًا لتقاليدها فإن تعاليم الجاينية أبدية، وبالتالي ليس لها مؤسس ومع ذلك يمكن إرجاع الجاينية في هذا العصر إلى ماهافيرا، ويعد مدرس القرن السادس قبل الميلاد أحد المعاصرين لبوذا.
فلسة جاين والميتافيزيقا:
وفقًا لفكر جاين فإنّ المكونات الأساسية للواقع هي الأرواح (جيفا)، والمادة (بودجالا)، والحركة (دارما)، والراحة (أدارما)، والفضاء (أكاسا)، والوقت (كالا)، ويُفهم أنّ الفضاء غير محدود في كل الاتجاهات، ولكن ليس كل الفضاء صالحًا للسكنى، حيث المنطقة المحدودة من الفضاء والتي توصف عادة بأنّها تتخذ شكل رجل واقف مع أذرع أكيمبو، هي المنطقة الوحيدة في الفضاء التي يمكن أن تحتوي على أي شيء.
هذا لأنّه المنطقة الوحيدة من الفضاء التي تتخللها دارما، مبدأ الحركة (adharma ليس مجرد غياب دارما بل هو مبدأ يتسبب في توقف الأجسام عن الحركة)، يكمن العالم المادي في الجزء الضيق من وسط المساحة الصالحة للسكن، وقد تحتوي بقية الكون الصالحة للسكن على آلهة أو أرواح أخرى.
في حين أنّ الجاينية ثنائية أي يُعتقد أنّ المادة والأرواح أنواع مختلفة تمامًا من الجوهر، فكثيرًا ما يُقال إنها ملحدة، بحيث أنّه ما ينكر هو إله خالق فوق كل شيء، وأنّ الكون أزلي والمادة والأرواح غير مخلوقة بنفس الدرجة، ويحتوي الكون على آلهة يمكن أن تُعبد لأسباب مختلفة، ولكن لا يوجد كائن خارجها يمارس السيطرة عليه.
وكما إنّ الآلهة والكائنات الخارقة الأخرى جميعهم يخضعون للكارما والولادة من جديد مثل البشر، من خلال أفعالهم وتتراكم الأرواح الكارما والتي يُفهم أنها نوع من المادة وهذا التراكم يعيدهم إلى الجسد بعد الموت، ومن ثم مرت جميع الأرواح بعدد لا حصر له من الأرواح السابقة باستثناء أولئك الذين ينتصرون من عبودية الكرمة، سوف تستمر في التناسخ، حيث كل حياة جديدة تحددها نوع وكمية الكارما المتراكمة ويتحقق التحرير بتطهير روح كل الكارما الطيبة والسيئة.
كل كائن حي له روح لذلك يمكن إيذاء كل كائن حي أو مساعدته، لأغراض تقييم قيمة الإجراءات يتم تصنيف الكائنات الحية في تسلسل هرمي وفقًا لأنواع الحواس لديها فكلما زاد إحساس الكائن زادت الطرق التي يمكن أن يتأذى بها.
النباتات والحيوانات وحيدة الخلية المختلفة والكائنات الأولية أي الكائنات المكونة من أحد العناصر الأربعة – الأرض أو الهواء أو النار أو الماء، لها حاسة واحدة فقط وهي حاسة اللمس، فالديدان والعديد من الحشرات لها حاسة اللمس والذوق، بينما الحشرات الأخرى مثل النمل والقمل لها هاتين الحالتين بالإضافة إلى حاسة الشم، وأيضاً الذباب والنحل إلى جانب الحشرات العليا الأخرى لديهم أيضًا بصر.
يمتلك البشر بالإضافة إلى الطيور والأسماك ومعظم الحيوانات الأرضية الحواس الخمس، وهذه المجموعة الكاملة من الحواسوالتي تجعل جميع أنواع المعرفة متاحة للبشر بما في ذلك معرفة الحالة البشرية والحاجة إلى التحرر من الولادة الجديدة.
فلسة جاين والأخلاق:
تتجذر الأخلاق والأخلاق في جاين في الميتافيزيقيا وفائدتها نحو الهدف الخلاصي للتحرر، فقد تطورت أخلاق جاين من قواعد الزاهدون التي تم تغليفها في المهافراتا أو النذور الخمسة العظيمة.
بالنظر إلى أنّ الهدف المناسب لجاين هو التحرر من الموت والولادة الجديدة، وتكون الولادة الجديدة ناتجة عن تراكم الكارما، فهنا تهدف جميع أخلاقيات جاين إلى تطهير الكارما التي تراكمت والتوقف عن تراكم الكارما الجديدة، مثل البوذيين والهندوس بحيث يعتقد جاين أنّ الكارما الجيدة تؤدي إلى ظروف أفضل في الحياة التالية وأنّ الكارما السيئة تؤدي إلى ظروف في الحياة التالية إلى الأسوأ.
ومع ذلك نظرًا لأنّهم يتصورون أنّ الكارما هي مادة مادية تعيد الروح إلى الجسد فإنّ كل الكارما سواء كانت جيدة أو سيئة تؤدي إلى ولادة جديدة في الجسد، ولا يمكن للكارما أن تساعد أي شخص على تحقيق التحرر من إعادة الميلاد .
وتأتي الكارما بأنواع مختلفة حسب نوع الأفعال والنوايا التي تجذبها وعلى وجه الخصوص يأتي من أربعة مصادر أساسية:
- التعلق بالأشياء الدنيوية.
- العواطف مثل الغضب والجشع والخوف والكبرياء وما إلى ذلك.
- التمتع الحسي.
- الجهل أو الاعتقاد الخاطئ.
فقط الثلاثة الأولى لها نتيجة أخلاقية أو ما يمكن القول بأنّه أخلاقية مباشرة لأنّ الجهل يعالج بالمعرفة وليس بالعمل الأخلاقي.
إذن الحياة الأخلاقية هي جزئيًا الحياة المكرسة لكسر الارتباطات بالعالم بما في ذلك التعلق بالتمتع الحسي، ومن ثم فإنّ المثال الأخلاقي في الجاينية هو مثال الزاهد أو الرهبان الذين كما هو الحال في البوذية يعيشون بقواعد أكثر صرامة من العاديين ومقيدين بخمس قواعد أساسية أو كما يسمونها الوعود الخمسة:
- ahimsa: ويترجم كثيرًا (اللاعنف) أو (غير المؤذي).
- ساتيا: أو الصدق.
- الآستيا: عدم أخذ أي شيء غير معطى.
- براهماتشاريا: عفة.
- باريجراها: انفصال.
تختلف هذه القائمة عن القواعد الملزمة للبوذيين فقط في أنّ البوذية تتطلب الامتناع عن المسكرات وليس لها قاعدة منفصلة ضد الارتباط بأشياء العالم، وأنّ القاعدة الأساسية للتفاعل مع jivas الأخرى هي قاعدة ahimsa، هذا لأنّ إيذاء jivas الأخرى ناتج إما عن عواطف مثل الغضب أو الجهل بطبيعتها ككائنات حية، وبالتالي يجب أن يكون الجاين نباتيين.
هذه الأخلاق محكومة ليس فقط من خلال وسائل الأفعال الجسدية ولكن أيضًا من خلال الفعل والأفكار اللفظية، وبالتالي يجب ملاحظة أهمسا من خلال العقل والكلام والجسد، بينما القواعد الأخرى للزاهدون والعلمانيون مشتقة من هذه النذور الخمسة الرئيسية.
لا تستدعي الجاينية الخوف من الله أو تقديسه أو التوافق مع الشخصية الإلهية كسبب للسلوك الأخلاقي، ولا يلزم مراعاة القانون الأخلاقي لمجرد أنّه إرادة الله، ولا يعد التقيد به ضروريًا لمجرد أنّه إيثار أو إنساني، ويفضي إلى الرفاهية العامة للدولة أو المجتمع.
بل هو واجب أناني يهدف إلى تحرير الذات، في حين أنّه من الصحيح أنّه في الجاينية تم وضع الأوامر الأخلاقية والدينية كقانون من قبل Arihants الذين حققوا الكمال من خلال جهودهم الأخلاقية العليا فإنّ التزامهم ليس فقط لإرضاء الله ولكن لأنّ حياة Arihants أثبتت ذلك التي كانت مثل هذه الوصايا تساعد على رفاهية أريانت، وساعدتهم على الوصول إلى النصر الروحي، مثلما حقق Arihants Moksha أو التحرير من خلال مراقبة القانون الأخلاقي وكذلك يمكن لأي شخص أنّ يتبع هذا المسار.
وفقًا لأقدم وثائق جاين فإنّ النباتات هي كائنات حية وتحتوي على كائنات حية، على الرغم من أنّها كائنات ذات شعور واحد لذلك حتى الحياة النباتية تضر، وهذا هو السبب في أنّ الطريقة المثالية لإنهاء حياة المرء بالنسبة لجاين هي الجلوس بلا حراك والموت جوعاً، ويقال إنّ مهافيرا نفسه وقديسي جاين العظماء ماتوا بهذه الطريقة وهذه هي الطريقة الوحيدة للتأكد من أنك لا تؤذي أي كائن حي.
في حين أنّه قد يبدو أنّ مدونة السلوك هذه ليست أخلاقية حقًا حيث إنّها تهدف إلى مكافأة محددة للفاعل وبالتالي فهي ذات مصلحة ذاتية تمامًا ويجب ملاحظة أنّه يمكن قول الشيء نفسه عن أي أخلاقي قائم على الدين الشفرة، علاوة على ذلك مثل الهندوس والبوذيين يعتقد جاين أنّ السبب الوحيد وراء استحقاق الميزة الشخصية للسلوك الأخلاقي هو أنّ بنية الكون ذاتها في شكل قانون الكرمة التي تجعلها كذلك.