اقرأ في هذا المقال
توماس هيل جرين (1836-1882) فيلسوف سياسي وراديكالي ومصلح للاعتدال والعضو البارز في الحركة المثاليةالبريطانية.
أهم كتابات وأعمال الفيلسوف جرين:
كتابات توماس هيل جرين الرئيسية هي:
- مقال عن العقيدة المسيحية (Essay on Christian Dogma).
- تحول بول (The Conversion of Paul – CP).
- حواس مختلفة من الحرية كما هي مطبقة على الإرادة والتقدم الأخلاقيللإنسان (Different Senses of Freedom as Applied to Will and the Moral Progress of Man – DSF).
- الإيمان (Faith – F).
- محاضرة عن التشريع الليبرالي وحرية العقد (Lecture on Liberal Legislation and Freedom of Contract – LF).
- التجسد (Incarnation – I)
- الخلود (Immortality – IM).
- التبرير بالإيمان (Justification by Faith – JF).
- محاضرات حول مبادئ الالتزام السياسي (LPPO – Lectures on the Principles of Political Obligation).
- ميتافيزيقيا الأخلاق (Metaphysic of Ethics) وعلم النفس الأخلاقي (Moral Psychology) وعلم الاجتماع أو علم الأخلاق (Sociology or the Science of Sittlichkeit – ME).
- مقدمة إلى الأخلاق (Prolegomena to Ethics – PE).
- شاهد الله (Witness of God – WG).
- الكلمة قريبة منك (Word is Nigh Thee – WNT).
حياة ووفاة الفيلسوف جرين:
وُلد توماس هيل جرين في 7 أبريل 1836 في بيركين (Birkin)، وهي قرية صغيرة في ويست ريدنج (West Riding) من يوركشاير (Yorkshire) حيث كان والده رئيسًا للجامعة، وجنبا إلى جنب مع شقيقاته وإخوته الثلاثة نشأ توماس على يد مربية بعد وفاة والدته عندما كان عمره عامًا واحدًا فقط، في عام 1871 تزوج شارلوت بايرون سيموندس أخت صديقه المقرب جون أدينغتون سيموندس.
مات جرين من تسمم الدم في 15 مارس 1882، ونُشرت معظم أعماله الرئيسية بعد وفاته بما في ذلك خطبة العلمانية حول الإيمان وشهادة الله، ومقال (في معاني مختلفة من الحرية) من حيث تطبيقها على الإرادة والتقدم الأخلاقي للإنسان، ومقدمة للأخلاق ومحاضرات حول مبادئ الالتزام السياسي ومحاضرة عن التشريع الليبرالي وحرية التعاقد، بالإضافة إلى أصدقاء جرين من حياته الأكاديمية حضر ما يقرب من ألفي شخص محلي جنازته.
تعليم الفيلسوف جرين:
التحق بمدرسة الرجبي (Rugby School) بين عامي 1850 و 1855 وبعد أن تلقى تعليمه المبكر من والده، كان جرين طالبًا كسولًا واكتسب القليل من الامتيازات الأكاديمية أو الرياضية، واعتقد زملائه الطلاب بمن فيهم هنري سيدجويك أنّه جاد وهي سمة شخصية أظهرت نفسها في تقواه وتأييده الجاد للمثالية الفلسفية، وفي وقت لاحق من الحياة كان سيدجويك (Sidgwick) وجرين (Green) صريحين في انتقادات منشورة لعمل بعضهما البعض، حيث سعى سيدجويك لتوضيح رد فعله في تذكر أنّه أرسل إلى شارلوت جرين بعد وفاة جرين:
“لا ينبغي أن أغفل القول إنّه في تلك السنوات اللاحقة أتيحت لي أكثر من مرة فرصة الدخول في جدل عام معه في المراجعات والمقالات، وكما علمت بعد ذلك أنني أساءت طريقي المثيرة للجدل لبعض تلاميذه المتحمسين، ولكنه هو نفسه لم يُظهر أبدًا أدنى إحساس بالإهانة بأي كلمة مكتوبة أو منطوقة، أو غيّر أبدًا في أقل درجة للحظة الود الصريح في الجماع، ولقد كنت مخطئًا حقًا حيث كان هذا شهيًا على أي حال وأشعر أنّه يستحقه ويميزه.
من جانبه ورد أنّ جرين قد أخبر صديقه المقرب وزوج أخته لاحقًا بأنّه :”لا يمكنني أبدًا التفكير فيه إلّا باعتباره صبي الرجبي الصغير السمين”.
ذهب جرين إلى كلية باليول (Balliol College) بأكسفورد عام 1855 حيث أصبح تحت تأثير بنجامين جويت (Benjamin Jowett)، كان جويت من أوائل من جلب مجموعة من كتابات هيجل إلى إنجلترا ومن خلاله ربما في نهاية سنوات دراسته الجامعية أصبح جرين مفتونًا بالمثالية.
وسوف يتضح أنّ النظام الفلسفي الناضج لجرين له صلات عديدة بفكر فيشته (Fichte)، ومع ذلك لا نعرف أي من المثاليين كان له التأثير الأكبر على فيلسوفنا جرين في ذلك الوقت، ويسجل نيتلشب (Nettleship) أنّ جرين قرأ فيتشه (Fichte) عندما كان شابًا: “الكتاب الذين يبدو أنّه استوعبهم أكثر من غيرهم في هذا الوقت هم وردزورث (Wordsworth) وكارلايل (Carlyle) وموريس (Maurice) وربما فيشته في محاضراته حول طبيعة ودعوة والعالم والرجل.
وساعدت هذه التأثيرات جرين على الهروب من التأثير المؤلم للتقليد التجريبي البريطاني لجورج بيركلي وجون لوك وديفيد هيوم وجون ستيوارت ميل، كما وجد بشكل خاص في الهيغلية تبريرًا لمساواته الغريزية وأصبحوا أصدقاء قويين مع طلاب آخرين متعاطفين مع راديكاليته السياسية، مثل ألبرت فين ديسي (A.V Dicey) وجون نيكول (John Nichol) وإدوارد كيرد (Edward Caird).
تطور فلسفة جرين السياسية:
سرعان ما كان جرين عضوًا قياديًا في نادي الوفيات القديم (Old Mortality Club)، وهو مجتمع جامعي راديكالي أسسه نيكول، حيث أدى فشل جرين في تطبيق نفسه إلى حصوله على درجة ثانية في الاعتدالات الكلاسيكية في عام 1857، وبعد ذلك الوقت تماسك وحصل على المرتبة الأولى في (Literae Humaniores) وهي دورة الشرف في الكلاسيكيات والفلسفة والتاريخ القديم في جامعة أكسفورد في عام 1859، وتلاه ثالثًا محترمًا في القانون والتاريخ الحديث بعد ستة أشهر.
وأصبح زميلًا جامعيًا في نهاية عام 1860 بعد أن حاضر في التاريخ القديم والحديث في وقت سابق من ذلك العام، وقاده بحثه عن اتجاه وظيفي إلى العمل كمساعد مفوض مع لجنة التحقيق في المدارس في عامي 1865 و 1866، وبعد ذلك عاد إلى الحياة الأكاديمية في باليول (Balliol)، وظهرت أول مقالة مهمة له في عام 1866 وكانت تحمل عنوان فلسفة أرسطو (The Philosophy of Aristotle)، كما أنّها كانت بمثابة بداية لعدد من المساهمات الهيغلية في العديد من القضايا الفلسفية، وفي أعمال مثل مقال عن العقيدة المسيحية (Essay on Christian Dogma) والفلسفة الشعبية في علاقتها بالحياة (Popular Philosophy in Its Relation to Life) (وكلاهما نُشر لاحقًا في المجلد الثالث من أعماله).
تولى جرين مسؤولية قاعة باليول حيث تم توفير أماكن إقامة بأسعار معقولة للطلاب الفقراء والناضجين، وانتشر تأثيره الشخصي في جميع أنحاء الكلية في ذلك الوقت وقام بتدريس العديد من الطلاب الجامعيين الذين حققوا شهرة فيما بعد بما في ذلك برنارد بوسانكيه (Bernard Bosanquet) وفرانسيس هربرت برادلي (F. H. Bradley) وريتشارد لويس نكتلشيب (R. L. Nettleship) وهنري سكوت هولاند (Henry Scott Holland).
ظهرت مقدماته الشهيرة لأطروحة هيوم عن الطبيعة البشرية في عام 1874، بينما في عام 1866 تم تعيينه في منصب تعليم باليول وفي عام 1878 تم تعيينه أستاذًا للفلسفة الأخلاقية في وايت (Whyte).
شارك جرين في السياسة المحلية لسنوات عديدة من خلال الجامعة (ليس أقلها في الحملة لإتاحة وصول النساء إلى برامج منح الشهادات) وجمعيات الاعتدال وجمعية أكسفورد الليبرالية المحلية، وأثناء تمرير قانون الإصلاح الثاني قام بحملة من أجل توسيع الامتياز ليشمل جميع الرجال الذين يعيشون في الأحياء (جميع الذكور البالغين العاقلين في المناطق الحضرية لا يقضون حاليًا عقوبة السجن).
بهذا المعنى كان موقف جرين أكثر راديكالية من موقف معظم الليبراليين المتقدمين الآخرين بما في ذلك وليام ايوارت جلادستون (William Ewart Gladstone) وحتى جون برايت (مع ذلك أحد أبطال جرين)، كما كان أكثر راديكالية في هذه القضية من جون ستيوارت ميل عضو البرلمان آنذاك عن وستمنستر(Westminster) في أنّ جرين لم يدافع عن حق الملكية للتصويت تخلفت جرين عن ميل فيما يتعلق بمسألة التصويت للنساء.
في سياق أنشطة حزبه الليبرالي قدم جرين في عام 1881 ما أصبح أحد أشهر تصريحاته في فلسفته الليبرالية وهو (محاضرة حول التشريع الليبرالي وحرية التعاقد) وفي هذا الوقت كان يحاضر أيضًا عن الدين نظرية المعرفة والأخلاق والفلسفة السياسية، وثم في أوج قوته الفكرية ومسيرته الأكاديمية.