الرغبة هي المحاولة الأخيرة في سلسلة من ثلاث محاولات لتوفير أساس للأخلاق من خلال تعريف (الخير) من حيث الرغبة.
حيث أنّ جملة: “(X) جيد”.
• في تفسير الأول يعني أنّ (X) سوف يلبي رغباتي.
• أمّا في التفسير الثاني يعني أريد (X) لذاته.
• وفي التفسير الثالث يعني (X) هو ما أرغب في طلبه.
الشرط الرغبة للقيام بالفعل في فلسفة راسل:
كانت (البديهيات الأخلاقية) عام 1894 آخر قطعة كتبها برتراند راسل لدورة سيدجويك حول الأخلاق والتي يأخذها راسل على أنّها مسند مفاده: “أننا نصدر أحكامًا أخلاقية، وأننا نعتبرها مثل الأحكام على ما هو موجود عرضة للحقيقة والباطل“، ونحن محرومون من الشك وهو الرأي القائل بأنّ الأحكام الأخلاقية كلها خاطئة من خلال حقيقة أننا سنفعل ونتصرف.
لا بد أنّ هذه ليست حجة مقنعة للغاية لأنّ المرء يستطيع أن يرغب في شيء ومن ثم يعمل للحصول عليه دون التفكير فيه جيدًا، وذلك كما تفعل الحيوانات غير البشرية على الأرجح، والشرط المسبق للفعل هو الرغبة وليس الرغبة التي يتم خداعها في مفردات الخير والشر.
الأحكام الأخلاقية في فلسفة راسل:
بعد توفر الرغبة للقيام بالفعل المحدد من قبل المرء يأتي بعد ذلك أنّه يجب إيجاد أساس ما للأحكام الأخلاقية، ولكن من الواضح بما فيه الكفاية أنّه لا يمكن البحث عن مثل هذا الأساس في أي اقتراح حول ما كان أو كان، وهكذا وضع راسل لنفسه مشكلة صعبة إلى حد ما لأنّه ليس من الواضح على الإطلاق أنّه يمكن أن يكون هناك أي افتراضات حقيقية ليست بمعنى ما افتراضات حول ما هو موجود أو كان أو سيكون.
ربما ما يفكر فيه هو مجموعة من المسلمات البديهية حول ما يجب أن يكون أو ما يجب أن نفعله والتي لا تعترف بأي تحليل إضافي، ولكنه يرفض هذا الخيار لأنّ المبدأ الكانطي (أيًا كان) هو شكلي بحت، ولأنّه لا يوجد مبدأ مادي حصل على الموافقة العامة للأخلاقيين.
يبدو أنّ القاعدة المبدأ لا يمكن اعتبارها بديهية ومسلمة ما لم تكن واضحة لكل ذات مؤهلة، ويرفض راسل أيضًا وجهة النظر القائلة بأنّ الأحكام الأخلاقية هي مجرد بيانات عن حالة نفسية، فعلى سبيل المثال أنّ المتحدث يرغب في هذا أو ذاك، على أساس أنّه في هذه الحالة لا يمكن أن يخطئوا إلّا إذا ارتكب المتحدث خطأ مشاعره.
يبدو أنّه يعتقد أنّ من الحقائق المفاهيمية من الممكن أن تكون الأحكام الأخلاقية عرضة للخطأ، وأخيرًا يكتسب الرأي القائل بأنّه يمكننا تعريف الخير على أنّه ما يرضي الرغبة، أي أنّ ما هو جيد لكل شخص هو ما يرضي رغبات ذلك الشخص، بحيث يسمح هذا باحتمال حدوث خطأ لأنّه على الرغم من أننا نعرف عادة ما نريد إلّا أننا قد نكون مخطئين بشأن ما إذا كنا سنحبه عندما نحصل عليه.
وهنا يسارع راسل إلى شرح أنّ هذا التعريف ليس دنيئًا أو ليس بالمستوى المطلوب كما يبدو بحيث: “سيكون واجبنا من تحقيق الذات، ولكن يمكن بالطبع إحراز تحقيق الذات بشكل أفضل من خلال ما يسمى عادة بالتضحية بالنفس”.
من الجميل أن نعرف أنّه لا توجد عواقب وخيمة أو أنانية تنبع من تعريف الخير من حيث إشباع الرغبة، ولكن ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان راسل قد حل المشكلة التي وضعها لنفسه، حيث إنّ الافتراضات حول ما يرضي الرغبة هي افتراضات حول ما سوف يرضي الرغبة أي افتراضات حول ما سيكون.
تستند حجة راسل إلى رغبته الواضحة في تكوين علاقة مفاهيمية بين الإيمان الأخلاقي والفعل، حيث يجب أن تساعد النظرية في تفسير حقيقة أننا غالبًا ما نقوم بما نعتقد أنّه واجبنا، وعادة ما نلاحق ونعزز ما نعتقد أنّه جيد، وهذه ليست الأطروحة والحجة التي تدفعنا بالضرورة من معتقداتنا الأخلاقية، هي فرضية هيوم التي تدعى الحجة التحفيزية الشهيرة في رسالته:
“وهذا ما تؤكده التجربة المشتركة التي تخبرنا أنّ الرجال غالبًا ما تحكمهم واجباتهم، ويردعون عن بعض الأفعال برأي الظلم ويضطر الآخرون لرأي الالتزام”.
يبدو أنّ راسل اعتقد أنّ النظرية التي تركت (الخير) و (يجب) بدون تعريف لن تلبي هذا القيد، ولكن إذا كانت كلمة خير تعني ما يبعث على الرضا فلدينا بدايات مثل هذا التفسير، ولأننا عادة نرغب في إشباع رغباتنا وبالتالي يكون لدينا سبب للسعي وراء الخير وتعزيزه.