تمّ توحيد مساهمات راسل في الميتافيزيقيا ونظرية المعرفة من خلال آرائه المتعلقة بمركزية المعرفة العلمية وأهمية وجود منهجية أساسية مشتركة بين الفلسفة والعلوم، وفي حالة الفلسفة تعبر هذه المنهجية عن نفسها من خلال استخدام راسل للتحليل المنطقي، وفي الواقع غالبًا ما يدعي راسل أنّه يثق بمنهجيته أكثر من أي استنتاج فلسفي معين.
فلسفة راسل والعلاقات غير المتكافئة:
نشأ المفهوم الواسع للفلسفة جزئيًا من أصول راسل المثالية، وهذا صحيح على الرغم من أنّ راسل يخبرنا أنّ ثورته الحقيقية في الفلسفة جاءت نتيجة لانفصاله عن المثالية، ورأى راسل أنّ العقيدة المثالية للعلاقات الداخلية أدت إلى سلسلة من التناقضات فيما يتعلق بالعلاقات غير المتكافئة الضرورية للرياضيات.
وكما يقول راسل:
“في نهاية عام 1898 تمردت أنا ومور على كل من كانط وهيجل، وقاد مور الطريق لكنني اتبعت عن كثب خطاه، حيث تركز تمردنا على العقيدة القائلة بأنّ الحقيقة بشكل عام مستقلة عن التجربة، وعلى الرغم من أننا كنا متفقين، ولكن أعتقد أننا اختلفنا بشأن أكثر ما يهمنا في فلسفتنا الجديدة، وأعتقد أنّ مور كان أكثر اهتمامًا برفض المثالية، بينما كنت مهتمًا أكثر برفض الوحدوية”.
الوحدوية وهي نظرية أو عقيدة تستنكر تواجد أي تمييز أو ازدواجية في بعض المجالات، كالتي تتواجد بين المادة والعقل أو بين الله والعالم.
ارتبطت الفكرتان ارتباطًا وثيقًا من خلال ما يسمى بمذهب العلاقات الداخلية، وعلى عكس هذه العقيدة اقترح راسل مذهبه الجديد الخاص بالعلاقات الخارجية:
“اعتبرت عقيدة العلاقات الداخلية أنّ كل علاقة بين المصطلحين تعبر في المقام الأول عن الخصائص الجوهرية للمصطلحين، وفي التحليل النهائي عن خاصية الكل التي يؤلفها كلا المصطلحين، ومع بعض العلاقات هذا الرأي معقول.
خذ على سبيل المثال الحب أو الكراهية، إذا كان (A) يحب (B)، فإنّ هذه العلاقة تمثل نفسها ويمكن أن يقال إنّها تتكون في حالات ذهنية معينة لـ (A)، وحتى الملحد يجب أن يعترف بأنّ الإنسان يمكن أن يحب الله، ويترتب على ذلك أنّ محبة الله هي حالة الإنسان الذي يشعر بها وليست حقيقة علائقية بشكل صحيح.
ولكن العلاقات التي أثارت اهتمامي كانت من نوع مجرد، ولنفترض أنّ (A) و (B) حدثان، وأنّ (A) أقدم من (B)، فلا أعتقد أنّ هذا يشير إلى أي شيء في (A) والذي بحكمه وبصرف النظر عن (B) يجب أن يكون له طابع نعبر عنه بشكل غير دقيق بذكر (B).
ويعطي ليبينز مثال متطرف ويقول: إنّه إذا كان للرجل الذي يعيش في أوروبا زوجة في الهند وتوفيت الزوجة دون علمه، فإنّ الرجل يخضع لتغيير جوهري في لحظة وفاتها”.
هذا هو نوع العقيدة التي عارضها راسل خاصة فيما يتعلق بالعلاقات غير المتكافئة اللازمة للرياضيات، فعلى سبيل المثال إذا وضع المرء في اعتباره رقمين أحدهما موجود قبل الآخر في سلسلة معينة:
فإذا كان (A) أقدم من (B) فإنّ (B) ليس قبل (A)، وإذا حاول المرء التعبير عن العلاقة من (A) إلى (B) عن طريق صفات (A) و (B)، فسيتعين على المرء القيام بالمحاولة عن طريق التواريخ، وقد يقول إنّ تاريخ (A) هو خاصية لـ (A) وتاريخ (B) هو خاصية لـ (B)، وكن هذا لن يساعده لأنه سيضطر إلى القول إنّ تاريخ (A) أقدم من تاريخ (B)، وحتى لا يجد مهربًا من العلاقة.
وإذا تبنى خطة اعتبار العلاقة خاصية للكل يتألف من (A) و (B)، فهو في مأزق أسوأ لأنّه في هذا كله لا يوجد ترتيب لـ (A) و (B) وبالتالي لا يمكنك التمييز بين (A) أقدم من (B) و (B) أقدم من (A) نظرًا لأنّ العلاقات غير المتكافئة ضرورية في معظم أجزاء الرياضيات وفقد كان هذا المذهب مهمًا.
وهكذا بحلول نهاية عام 1898 تخلى راسل عن المثالية التي تم تشجيعه على تبنيها كطالب في كامبريدج، وجنبًا إلى جنب مع منهجيته الكانطية الأصلية، وفي مكانه تبنى واقعية جديدة تعددية، ونتيجة لذلك سرعان ما اشتهر كمدافع عن الواقعية الجديدة وفلسفته الجديدة للمنطق، مؤكداً كما فعل على أهمية المنطق الحديث للتحليل الفلسفي.
أهم أعمال راسل في فلسفته وأفكاره:
تضمنت الموضوعات الأساسية لثورة راسل ضد المثالية إلى إيمانه بالتعددية، وتأكيده على مناهضة علم النفس وإيمانه بأهمية العلم، وظل كل من هذه الموضوعات محوريًا في فلسفته لما تبقى من حياته.
من أهم كتابات راسل المتعلقة بهذه الموضوعات هي:
1- المعرفة عن طريق المعرفة والمعرفة عن طريق الوصف عام 1911.
2- مشكلات الفلسفة (1912 a).
3- معرفتنا بالعالم الخارجي (1914 a).
4- طبيعة المعرفة.
5- فلسفة الذرات المنطقية في العامين 1918 و 1919.
6- الذرات المنطقية عام 1924.
7- تحليل العقل في عام 1921.
8- تحليل المادة (1927 a).
9- المعرفة البشرية: نطاقها وحدودها عام 1948.
10- نظرية المعرفة.