تأثير وسائل الإعلام على اللغة

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن العلاقة بين وسائل الإعلام واللغة:

يمتلك التلفاز والراديووالإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام القدرة على تشكيل ثقافتنا وعكس ثقافتنا على واقع حياتنا. كما تنمو هذه القوى فقط؛ لأن الأجهزة مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية تسمح لنا بالوصول إلى أشكال مختلفة من الوسائط من أي مكان تقريبًا.

تأثر الإعلام الأمريكي باللغة الإسبانية:

تعد اللغة هي جانب من جوانب ثقافتنا وليست استثناء لتأثير وسائل الإعلام، فيمكن أن تحدث العديد من التأثيرات على اللغة نتيجة لاستخدامنا وسائل الإعلام، وتعكس هذه الوسائل استخدام المجتمعات للغة. على سبيل المثال، تعد هذه الظاهرة موجودة في كل مكان في عالم الإعلام، (Univision)، وهي أكبر شبكة تلفزيونية باللغة الإسبانية في الولايات المتحدة الأمريكية، تغلبت مؤخرًا على شبكات التلفزيون الإنجليزية الرئيسية مثل (ABC وNBC وCBS وFox) في تقييمات (Nielson TV Bauder) في عام 2010.

وتتزايد أعداد المحطات الإذاعية باللغة الإسبانية في جميع أنحاء البلاد وتحقق أيضًا تقييمات قوية، وذلك حسب دراسة أجريت من قبل العديد من الباحثين في عام 2005، فكان هذا مثال على تأثير اللغة الإسبانية على المجتمعات غير الناطقة بها.

كما مكّن مواقع الشبكات الاجتماعية الشهيرة مثل (Facebook) الأشخاص من التفاعل مع أصدقائهم بلغات مختلفة، وأنشأ تطبيق (Facebook) نسخة باللغة الإسبانية من موقع الويب الخاص بهم ويستمر في تحديث الموقع ليكون متاحًا لمزيد من اللغات.

كما أن هذه ليست سوى بعض الأمثلة الحديثة المتعلقة بتأثير اللغة الإسبانية على الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن لعبت المسرحيات الإعلامية أدوارًا صغيرة وكبيرة في السماح للناس بالحفاظ على منازلهم أو ثقافتهم لفترات طويلة من الزمن. على سبيل المثال، قدم البرنامج الإذاعي (Grecian Echoes) احتياجات السوق للمجتمع اليوناني في منطقة بوسطن لأكثر من 60 عامًا.

تأثر لغة الأطفال بالإعلام:

حقق البرنامج التلفزيوني ثنائي اللغة الذي يستهدف الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة (Dora The Explorer)، والذي كان يعرف في العالم العربي بمغامرات دورا، إيرادات تزيد عن 11 مليار دولار مع مجموعة واسعة من المنتجات عبر أشكال مختلفة من الوسائط، فكان للغة المستخدمة في هذا البرنامج تأثير كبير على لغة الأطفال، وخاصة الأطفال غير الناطقين باللغة الإنجليزية كلغة أم.

تأثير وسائل الإعلام على اكتساب اللغة:

على الرغم من وسائل الإعلام المتخصصة الكبيرة والصغيرة بلغات مختلفة، فإن معظم البلدان لديها لغة وسائط مهيمنة، فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة بلا شك تعد اللغة الإنجليزية هي اللغة المهيمنة. ولكن كيف تؤثر وسائل الإعلام الإنجليزية في الغالب على اكتساب اللغة؟ وكيف تؤثر الفرص المتزايدة التي يحصل عليها الناس للوصول والعمل في الإعلام بلغتهم الأولى L1 وعلى اكتساب لغة ثانية L2 والحفاظ على لغتهم الأولى L1؟

غالبًا ما يسخر الكثير من مشاهدة التلفاز على أنه نشاط طائش يمنع تعليم الطفل وتعلمه، على سبيل المثال، غالبًا ما حث الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما في خطاباته الآباء على إيقاف تشغيل التلفاز؛ لما فيه من تأثير على الأطفال من شتى النواحي سواء لغوية أو غيرها.

تم إجراء دراسات تتعلق بتنمية لغة الأطفال أحاديو اللغة وعادات مشاهدة التلفاز لديهم والتي يبدو أنها تدعم تأكيدات أوباما وآخرين بأن مشاهدة التلفزيون هي إما حقيبة مختلطة أو عائقًا لاكتساب لغة الأطفال أحادي اللغة. وحتى أن إحدى الدراسات ذهبت إلى أبعد من ذلك للنظر في تأثير العروض المختلفة التي تستهدف الأطفال الصغار فيما يتعلق باكتسابهم للغة ووجدت آثارًا سلبية على تطوير لغة الأطفال أحاديي اللغة عند مشاهدة البرنامج التلفزيوني للأطفال (Teletubbies).

ولكن وجدوا الكثير من التأثيرات الإيجابية على تطور اللغة عند مشاهدة (Dora The Explorer)، فتعد هذه الدراسة محيرة وبشكل كبير لعلماء اللغة، ومازال العديد منهم يحاولون بذل المزيد من الجهد لمعرفة السبب في وجود مثل هذه النتيجة. كما تم إجراء هذه الدراسة باستخدام الأطفال الصغار الذين يتحدثون لغة واحدة، لذلك لا يمكننا تعميم تأثيرات مشاهدة التلفزيون على متعلمي اللغة الإنجليزية (ELLs). ويبقى السؤال هنا، هل سيحدث متعلمي اللغة الإنجليزية الذين يشاهدون التلفاز تأثيرات مختلفة من حيث اكتساب لغة ثانية عن تأثيرات اكتساب الأطفال أحادي اللغة للمفردات؟

تعلم اللغة الإنجليزية من التلفاز:

يوفر التلفاز فرصة فريدة لمتعلمي اللغة الإنجليزية لتجربة سماع لغة ثانية، فغالبًا ما يعيش المهاجرون إلى بلد جديد في أماكن متعددة الأعراق ويعيشون ويعملون مع أشخاص يتحدثون لغتهم الأم إلى جانب لغات عديدة. حيث يمكن أن يحد هذا من مقدار الوقت الذي يمكنهم فيه بالفعل سماع اللغة السائدة للبلد الذي يتم التحدث به.

وغالبًا ما توفر وسائل الإعلام أحد النماذج الرئيسية للتحدث بشكل صحيح في اللغة الثانية L2 للعديد من غير الناطقين بها. وقد يكون هذا هو الحال بشكل خاص للأطفال الصغار الذين يعيشون في المنزل قبل دخولهم التعليم الرسمي؛ لأنهم قد يتفاعلون فقط مع أعضاء أسرهم الذين يتحدثون لغة L1 لهم في المنزل.

ركزت إحدى هذه الدراسات التي أجرتها اللغوية (Yuuko Uchikoshi) على اكتساب طلاب رياض الأطفال (ELL) الناطقين باللغة الإسبانية لمهارات الوعي الصوتي من خلال مشاهدة التلفزيون. كما أظهرت دراسات الأرقام أن مهارات الوعي الصوتي تنبئ بنجاح القراءة على المدى الطويل.

في هذه الدراسة، تم تقسيم 150 من طلاب رياض الأطفال الناطقين بالإسبانية في مدينة كبيرة بالساحل الشرقي إلى 3 مجموعات، مجموعة واحدة ستشاهد برنامج (PBS) للأطفال اسمه بين الأسود ثلاث مرات في الأسبوع خلال ساعات الدراسة، ومجموعة أخرى شاهدت برنامج (PBS) للأطفال وهو آرثر ثلاث مرات في الأسبوع خلال ساعات الدوام المدرسي، ولم تشاهد المجموعة الأخيرة أي برامج تلفزيونية إضافية خلال ساعات الدراسة.

ثم تم إعطاء الأطفال مجموعة من الاختبارات القياسية لقياس مهارات الوعي الصوتي ومهارات المفردات، وقد وجد أن الأطفال الذين شاهدوا برنامج بين الأسود سجلوا درجات أعلى من الناحية الإحصائية في عدد من المقاييس مقارنة بالطلاب الذين شاهدوا آرثر أو الطلاب الذين لم يشاهدوا أي برامج تلفزيونية تعليمية إضافية خلال ساعات الدراسة، وأُجريت هذه الدراسة في عام 2006. كما يبدو أن هذا يشير إلى أن مشاهدة بعض البرامج التلفزيونية يمكن أن تكون مفيدة لتنمية اللغة الإنجليزية ومحو الأمية.

وقد يكون من المغري النظر إلى تأثيرات البرنامج بين الأسود كدليل على التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه التلفزيون على تطوير لغة طلاب رياض الأطفال. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن برنامج بين الأسود، ليس برنامجًا تلفزيونيًا نموذجيًا، فهو برنامج يعمل على دعم السلوك الإيجابي تم تصميمه خصيصًا لاستهداف مهارات القراءة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وسبع سنوات مثل الوعي الصوتي والوعي الصوتي، وهذا وفقًا لما قاله مقدم البرنامج في عام 2011.

الدراسات اللغوية في تأثير الإعلام على اللغة:

تم العثور على العديد من مقاطع فيديو مصممة لتسهيل تطوير اللغة في مجموعة متنوعة من البلدان بلغات مختلفة، ووجدوا الباحثون اللغويون أن هذا النوع من الفيديوهات له الكثير من التأثيرات الإيجابية. كما وجدت دراسة أجريت في هولندا والتي تدور حول رياض الأطفال المهاجرين ذوي الدخل المنخفض الذين يتحدثون التركية أو الأيروبيك، أن الأطفال الذين كانوا جزءًا من مجموعة التدخل التي تعرضوا لمقاطع فيديو بناءً على قصص مألوفة خلال ساعات الدراسة كان لديهم تحسينات إحصائية كبيرة في تطوير المفردات وزيادة في الاختبارات اللاحقة حول بناء الجملة من الطلاب الذين كانوا في المجموعة الضابطة والمتحكمة ولم يشاهدوا مقاطع الفيديو.

وعلى الرغم من تلك النتائج المشجعة مع البرامج التلفزيونية ومقاطع الفيديو المصممة خصيصًا لتعليم الأطفال المهارات اللغوية التي لها تأثيرات إيجابية، فإن غالبية البرامج التلفزيونية والفيديو التي سيواجهها طلاب رياض الأطفال، لن يتم تصميمها على الأرجح بهذه الطريقة. وبالتالي، سيكون من الخطأ استخدام تأثيرات برامج التلفاز أو مقاطع الفيديو المصممة لتعليم المهارات اللغوية كطريقة للتعميم حول تأثيرات البرامج التلفزيونية للأطفال التعليمية الأخرى أو فيما يتعلق بتأثيرات مشاهدة التلفزيون بشكل عام.

وهناك عدد قليل من الدراسات التي تقيس بشكل مباشر كيف أن مشاهدة البرامج التلفزيونية بشكل عام دون تركيز محدد تؤثر على اكتساب اللغة. حيث يرجع هذا على الأرجح إلى الصعوبات اللوجستية التي قد يواجهها المرء أثناء محاولته إنشاء دراسة تحكم عشوائية لفحص تأثيرات مشاهدة التلفزيون في المستوى الثاني على تنمية مهارات اللغة الإنجليزية لدى متعلمي اللغة الإنجليزية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير العديد من النظريات العامة لاكتساب اللغة إلى استنتاج مفاده أن مشاهدة التلفاز بمفرده دون المزيد من تعليم اللغة الصريح أو التفاعل مع الآخرين في اللغة الثانية محكوم عليه ألا يكون كافياً لشخص ما لاكتساب لغة ثانية. على سبيل المثال، يفترض عالم اللغة ستيفان كراشين في نظريته (Imput Hypothesis)، أنه من أجل اكتساب لغة ثانية يجب أن تكون المدخلات التي يتلقاها المرء أعلى بخطوة، حيث يوجد المتعلم حاليًا.

فجهاز التلفاز غير منظم بهذه الطريقة، وقد يختلف مستوى اللغة في برنامج تلفزيوني بشكل كبير، ممّا يعني أن هناك أمل ضئيل في مستوى إدخال اللغة في المستوى الأمثل لفرد  يريد تعلم اللغة الإنجليزية من خلال التلفاز. فهناك العديد من الطلبة الذين يودون تعلم اللغة الإنجليزية يذهبون إلى معاهد تدريبية ويشاهدون البرامج والأخبار باللغة الإنجليزية، ومع ذلك لم يصلوا إلى المرحلة المطلوبة لإجادة اللغة.


شارك المقالة: