تبادل الأدوار في الحديث

اقرأ في هذا المقال


ما المقصود بتبادل الأدوار في الكلام؟

مع تقدم الأطفال بالعمر خلال مرحلة الطفولة المبكرة، يُعد اكتساب التواصل أحد أكثر مراحل التطور المحورية التي لا بد للأطفال تعلمها. حيث يبدأ الاتصال بالعناصر الأساسية، مثل الثرثرة والكلمات ذات المقطع الواحد، ويتعلم الأطفال ببطء جوانب أكثر تعقيدًا من التطور، مثل المحادثات والتبادلات الكاملة. فعندما يطور الأطفال مهارات المحادثة، فإنهم يتعلمون أيضًا مهارة تبادل الأدوار.

يحدث تبادل الأدوار في المحادثة، فعندما يستمع شخص ما للحديث والشخص الآخر يتحدث، مع تقدم المحادثة يتم تبادل أدوار المستمع والمتحدث ذهابًا وإيابًا، وهكذا. كما يتم تسمية تبادل الأدوار عادة بدائرة المناقشة؛ وذلك لأنها حلقة مستمرة بين المتحدث والمستمع يتم فيها تبادل الأدوار بشكل متكرر حتى انتهاء المحادثة.

أهمية تبادل الأدوار:

يعتبر تبادل الأدوار مهارة مهمة للأطفال التي لا بد من تطويرها؛ وذلك من أجل المشاركة الفعالة في الاتصالات الاجتماعية. كما إنه إذا لم يكن الطفل قادرًا على التناوب أثناء التفاعلات، فقد يقاطع الشخص الآخر الذي يتحدث أو قد لا يستمع بشكل فعال. حيث من الممكن أن يواجه الأطفال الذين يعانون من تبادل الأدوار في المواقف الاجتماعية أيضًا مشكلة في بناء صداقات في الفصل.

كيف يمكن لبرنامج علاجي لمرحلة ما قبل المدرسة أن يساعد في تبادل الأدوار؟

إذا كان الطفل يعاني من تأخر في الكلام أو استخدام اللغة بشكل خاطئ، فقد يواجه صعوبة في تبادل الأدوار، وقد يواجه الأطفال الذين يعانون من تأخر في النمو أو اضطراب طيف التوحد (ASD) تحديات في هذه المهارة؛ وذلك لأن الأطفال في اللذين يعانون من هذه الاضطرابات غالبًا ما يعانون من تأخر في مهارات الاتصال والمهارات الاجتماعية.

إذا تم تسجيل طفل في برنامج علاجي لمرحلة ما قبل المدرسة فأن هذا من الممكن أن يقدم له دعمًا إضافيًا للكلام واللغة، فقد يؤكد المعلم على تبادل الأدوار في الفصل. وإذا كان الطفل يعاني من هذه المهارة أو الكلام بشكل عام، فقد يعمل أخصائي أمراض النطق واللغة أيضًا مع الطفل لتطوير مهارات الاتصال لديه.

الطرق المتبعة في هذا البرنامج:

هناك العديد من التقنيات المختلفة التي قد تكون فعالة للأطفال، اعتمادًا على أساليب التعلم الفريدة الخاصة بهم، وفيما يلي بعض الأساليب المعتمدة لتعليم الأطفال احترام الدور في الحديث:

  • الانخراط في اللعب: يمكن للمدرسين وأولياء الأمور استخدام نموذج تبادل الأدوار للأطفال عندما ينخرطون في وقت اللعب. كما يجب على الشخص البالغ أن يوضح للطفل دوره في الحديث. على سبيل المثال، قد يقول الشخص البالغ، “أولاً، يمكنك أن تأخذ دورًا بهذه اللعبة ولكن أنا سأبدأ وبعدها أنت” أو “حان دوري الآن للعب باللعبة.” حيث يعد استخدام اللغة المباشرة والتوضيح صراحةً، للدلالة على وقت التناوب يساعد الطفل على تعلم التناوب بشكل مناسب.
  • الألعاب: يمكن أيضًا توضيح هذه المهارة عند ممارسة الألعاب. فعندما يلعب المعلم أو أحد الوالدين لعبة مع طفلهما، يجب عليهما تحديد دور اللاعب الجديد في كل مرة. على سبيل المثال ، “الآن حان دورك، وبعد ذلك يأتي دور كيفن.”
  • القصص الاجتماعية: يمكن للمدرسين في برنامج علاجي لمرحلة ما قبل المدرسة إنشاء قصص اجتماعية حول تبادل الأدوار؛ وذلك لمساعدة أطفالهم على فهم هذه المهارة بشكل أفضل.
  • العصا السحرية: لتعليم تبادل الأدوار في المحادثة، قد يستخدم مدرس ما قبل المدرسة العلاجي عصا سحرية يحملها الأطفال أثناء حديثهم. فمن خلال هذه الطريقة، يتعلم الأطفال التناوب والاستماع إلى المتحدث وفقًا للدور باستخدام العصا السحرية، أي الإشارة لدور المتحدث باستخدام العصا.

تنظيم تبادل الأدوار في الحديث:

في تحليل المحادثة، تصف منظمة تبادل الأدوار مجموعات الممارسات التي يستخدمها المتحدثون لبناء وتخصيص المنعطفات اللغوية أثناء الحديث. حيث تم استكشاف تنظيم تبادل الأدوار لأول مرة كجزء من تحليل المحادثة بواسطة عدد من اللغويون والباحثون مثل، (Harvey Sacks) و(Emanuel Schegloff) و(Gail Jefferson) في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.

توقيت تبادل الأدوار:

يوجد إشارة أخرى مرتبطة بتبادل الأدوار هي التوقيت، فخلال أخذ الدور، قد يشير التوقيت إلى المستمع ليعرف أن له دورًا في التحدث أو الإدلاء بكلمة. ونظرًا لطبيعة تبادل الأدوار ولأنها تعتمد على السياق، فإن التوقيت يختلف في كل دور وقد يكون غير موضوعي في المحادثة. حيث تنبه الأنماط الصوتية، مثل درجة الصوت الخاصة بالفرد، السامع أيضًا إلى معرفة كيف سينتهي التوقيت في تبادل الأدوار.

فأضهرت اللغوية ديبورا تانين أيضًا اختلافات التوقيت فيما يتعلق بأخذ الأدوار. وفي دراسة معينة أجرتها ديبورا تانين، استخدمت تسجيلًا لمحادثة بين مجموعة من أصدقائها على العشاء، فضمت المجموعة رجالا ونساء من جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية من أعراق مختلطة. وبينت أنه في حين أن مقدار المساحة المتبقية بين المتحدثين من القليل أن تختلف بين الأفراد، إلا أنه قد تختلف هذه المساحة بشكل كبير بين الأشخاص من مناطق مختلفة. فعلى سبيل المثال، يميل سكان نيويورك إلى التداخل في المحادثة، بينما يميل سكان كاليفورنيا إلى ترك مسافة أكبر بين المنعطفات والجمل اللغوية.

التداخل اللغوي:

عندما ينخرط أكثر من شخص في محادثة، فمن المحتمل حدوث تداخل أو مقاطعة أثناء تحدث كلا الطرفين أو العديد من الأطراف في نفس الوقت. وقد يكون التداخل في تبادل الأدوار مشكلة للأشخاص المعنيين. فهناك أربعة أنواع من التداخل اللغوي مثل، التداخلات الطرفية والاستمرار أو التواصل والوصول المشروط والدوران الوتري اللغوي.

حيث تحدث التداخلات الطرفية عندما يفترض المتحدث أن المتحدث الآخر قد انتهى أو على وشك إنهاء دوره ويبدأ في التحدث، مما يؤدي إلى حدوث تداخل والاستمرار والتواصل في الحديث، فهي طريقة يقر بها المستمع أو يفهم ما يقوله المتحدث.

كما لاحظ (Schegloff)، مثل هذه الأمثلة على العبارات المستمرة هي “mm hm” أو “uh huh”، والتي تعني الوصول المشروط إلى الدوران الوتري أن المتحدث الحالي يعطي دوره أو يدعو متحدثًا آخر للتدخل في المحادثة، وهذا يعد عادةً كجهد تعاوني. ومثال آخر يوضحه العالم (Schegloff) هو أن أحد المتحدثين دعا شخصًا آخر للتحدث بعيدًا عند العثور على كلمة في البحث عن كلمة.

التواصل البصري:

أثناء المحادثة قد ينطوي تبادل الأدوار على نظرة خاطفة تدفع المستمع إلى أن دوره قد حان أو أن المتحدث قد انتهى من الحديث. وهناك نوعان من النظرات التي تم تحديدها وربطها بأخذ الأدوار. فالنمطان المرتبطان بتبادل الأدوار هما الفاصل المتبادل والتعليق المتبادل، والفاصل المتبادل يحدث عندما يكون هناك توقف مؤقت في المحادثة ويستخدم كلا المشاركين استراحة مؤقتة بنظرة متبادلة تجاه بعضهما البعض، أي ما يعرف بكسر البصر، ثم مواصلة المحادثة مرة أخرى.

يجادل العالم ديفيد لانجفورد أيضًا بأن تبادل الأدوار هو نظام تنظيمي. كما يفحص لانغفورد ملامح الوجه والتواصل البصري والإيماءات الأخرى من أجل إثبات أن تبادل الأدوار يُشار إليه بالعديد من الإيماءات، وليس فقط انقطاع الكلام. حيث تنبع ادعاءاته من تحليل المحادثات من خلال الكلام ولغة الإشارة والتكنولوجيا. وتُظهر مقارناته للغة الإنجليزية ولغة الإشارة الأمريكية أن تبادل الأدوار أمر منهجي وعالمي عبر اللغات والثقافات.


شارك المقالة: