امتدت حركة التنوير الاسكتلندي تقريبًا من عام 1740 إلى عام 1790، وعلى عكس فرنسا كان العديد من أبطالها أكاديميين، حيث كان فرانسيس هاتشسون وآدم سميث وتوماس ريد وجون ميلار أساتذة في جامعة جلاسكو، بينما كان آدم فيرجسون ودوجالد ستيوارت وويليام روبرتسون في جامعة إدنبرة، وسيطر طلابها على جامعات أبردين وسانت أندروز، ولكن كان هناك أيضًا بعض الشخصيات المهمة خارج الأكاديمية التي أثرت على مسار الحوار، بما في ذلك اللورد كاميس والسير جيمس ستيوارت والدكتور جيمس أندرسون، وفوق أي شخص آخر الشخصية البارزة ديفيد هيوم.
أندرو سيث:
يلاحظ أندرو سيث في دراسته المضيئة في الفلسفة الاسكتلندية (Scottish Philosophy)، والمترجمة بشكل مهم وذلك بمقارنة الإجابات الاسكتلندية والألمانية على ديفيد هيوم، والمجموعة الأولى من مجموعتين من محاضرات بلفور، وذلك بأنّ خيط التقاليد الوطنية المعروف جيدًا قد تمسك به مؤخرًا بشكل فضفاض من قبل العديد من أفضل طلاب الفلسفة الاسكتلنديين لديه، كما أنّه من الصعب عليه إنكار أنّ الإنتاج الفلسفي للجيل الأصغر من رجال جامعته قد أعجب بقوة باللغة الألمانية أكثر من الطابع الأصلي.
لا يقول سيث من هو الذي يدور في ذهنه، لكن معرفة الفترة الزمنية تجعل من السهل نسبيًا التكهن، وفي الواقع تم تحديد سيث نفسه حيث غيّر اسمه إلى (Seth Pringle-Pattison) في عام 1898 لفترة من الوقت باعتباره محررًا مشتركًا مع ريتشارد بوردون هالدين من مقالات في النقد الفلسفي في عام 1883، وأصبح هذا المجلد يُعتبر البيان الفلسفي للمثاليين الاسكتلنديين، على الرغم من أنّ سيث في مجموعته الثانية من محاضرات بلفور الهيغلية والشخصية سجل خلافات جوهرية مع المثاليين.
ومع ذلك قد تكون الإشارة إلى طابع ألماني مضللة إلى حد ما، ويمكن العثور على اهتمام ومعرفة بكانط للعودة إلى هاميلتون، وبعيدًا عن اعتباره تهديدًا للتقليد الاسكتلندي تم الاعتراف به من قبل فيتش (Veitch) على سبيل المثال، كجزء مهم من إثرائه، والفلسفة الألمانية التي أشار إليها سيث إذن هي تلك التي انبثقت عن هيجل.
جيمس هتشيسون ستيرلنغ:
سر هيجل هو عنوان كتاب كبير جدًا لجيمس هتشيسون ستيرلنغ (ناقد هاملتون المثالي)، ونُشر لأول مرة في عام 1864، ويعود الفضل إلى ستيرلنغ في لفت انتباه هيجل إلى الفلسفة البريطانية (وليس فقط الاسكتلندية) لأول مرة، على الرغم من ذكائه في ذلك الوقت لاحظ أنّه إذا كان ستيرلنغ يعرف سر هيجل فقد احتفظ به لنفسه، وكذلك على الرغم من أنّ ستيرلنغ كان بالمعنى الحديث رجلًا عاديًا -أي لم يكن يشغل منصبًا جامعيًا- إلّا أنّ الكتاب لاقى قبولًا جيدًا.
بالاقتران مع مجلده النقدي عن هاملتون، الذي نُشر بعد عام واحد فقط كان عمل ستيرلنغ مفتاحًا لتناقص الاهتمام بتقليد الحس السليم في الفلسفة الاسكتلندية والتأثير المتزايد للمثالية الألمانية وهيجل على وجه الخصوص، وهو تطور قد يقال إنّه بلغ ذروته في أول ترجمة إنجليزية كاملة لظواهر الروح لهيجل في عام 1910 من قبل جيمس بلاك بيلي أستاذ ريجيوس (Regius) للفلسفة الأخلاقية في جامعة أبردين، وأستاذ ريجيوس هو أستاذ جامعي لديه أو كان له في الأصل رعاية ملكية أو تعيين.
إدوارد كيرد:
من بين المثاليين الاسكتلنديين كان إدوارد كيرد الذي ولد عام 1835 وتوفي عام 1908 الأبرز والأكثر تأثيراً، وقد تخرج من جامعة جلاسكو بعد فترة في أكسفورد عاد في عام 1866 ليصبح أستاذ الفلسفة الأخلاقية في غلاسكو، وهو المنصب الذي شغله لما يقرب من 30 عامًا قبل أن يعود إلى أكسفورد ليصبح ماجستير في كلية باليول.
كان كيرد معجبًا بإيمانويل كانط لكنه اعتقد أنّ كانط قد فشل في الاستفادة بشكل كامل من أفكاره الخاصة، وأنّه يمكن الكشف عن الأهمية الحقيقية لفلسفته بمساعدة هيجل، وكان هدف الفلسفة بناءً على هذا التفسير هو التوفيق النهائي بين العناصر التي تبدو غير متوافقة في التجربة الإنسانية من مثل الدين والعلم، والحرية والسببية، والعقل والرغبة، على سبيل المثال ولكن قبل كل شيء وفي أكثرها تجريدًا العقل والجسد.
يعد استخدام هذه الفروق أمرًا ضروريًا لجعل التجربة الإنسانية مفهومة، ولكن بمجرد اعتبارها خطأ مطلقًا وينشأ الارتباك، وتجعل المادية التمييز بين العقل والجسد مطلقًا وتسعى إلى تفسير الأول من حيث الأخير، حيث الديكارتية تعمل في الاتجاه المعاكس، وكلاهما يؤدي إلى جعل العلاقة غامضة.
يكمن الحل في الإدراك الهيغلي بأنّ معرفتنا تكتمل عندما يتم تصور كائناتها كأجزاء من كل وفي النهاية المطلق، ومع ذلك فإنّ طريقة الفهم هذه ليست شيئًا يمكن إنجازه ببساطة، ويتطور الفهم البشري مع زيادة الخبرة البشرية وتوسع معرفتنا، ووفقًا لذلك رحّب كيرد والمثاليون الاسكتلنديون الآخرون وخاصة ديفيد ريتشي في سانت أندروز بنمو العلوم الطبيعية وخاصة علم الأحياء، على أنّه يوفر مادة جديدة مهمة لمزيد من التطور التطوري للفهم البشري ككل.
يمكن القول إنّ ثلاث مشاكل مترتبة على ذلك احتلتهم بشكل رئيسي، الأول هو تجنب تهمة العقلية أو عموم النفس حيث إنّ ادعاء المثاليين بأنّ المادية خاطئة يؤدي بسهولة إلى الاتهام المضاد بأنّ العالم مكون من أشياء عقلية، وغالبًا ما يتم توجيه هذه التهمة إلى بيركلي الذي زاد الاهتمام بها بشكل كبير بين الفلاسفة الاسكتلنديين في هذا الوقت.
ألكسندر كامبل فريزر أستاذ المنطق والميتافيزيقيا بجامعة إدنبرة على الرغم من أنّه لم يكن هو نفسه مثاليًا في الفلسفة، أصبح محررًا لطبعة جديدة مجمعة من أعمال بيركلي، ونفى كل من فيريير وفريزر وسيث أنّ اللا مادية لبيركلي ترقى إلى العقلية، ولكن أصبح من الشائع التمييز بين (المثالية الذاتية) و (المثالية المطلقة)، والأخيرة هي العقيدة التي يتبناها المثاليون الاسكتلنديون.
ومع ذلك فإنّ مناشدة (المطلق) تجلب خطرًا آخر وهو تهديدًا لواقع العقول الفردية المحدودة، وهناك خطر أن يتم اختزال الذات الفردية إلى تعديل للعقل الكوني المطلق، وبالتالي يتم التخلص منها كمركز مستقل للوعي، وكان هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع سيث إلى الاستنتاج ضد الهيغلية في مجموعته الثانية من محاضرات بلفور، وحددها على أنّها مشكلة فشل المثاليون الآخرون (لا سيما كايرد) في تجنبها.
القضية الثالثة هي الدين، وما علاقة (المطلق) بـ (الله)؟ فلم يكن هذا مجرد سؤال داخلي في الفلسفة المثالية، بل كان يتعلق باهتمام ثقافي وفكري أوسع نطاقاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى التهديد الذي يبدو أنّ البيولوجيا الداروينية والنقد (الأعلى) يطرحه على الإيمان المسيحي، وجزئياً بسبب صعود البحث الأنثروبولوجي وعلم الأديان الجديد.
قام جون شقيق إدوارد كيرد وهو رجل الكنيسة البارز وأستاذ اللاهوت في غلاسكو وبعد ذلك مدير الجامعة والمثالي أيضًا في الفلسفة بتكريس محاضرات كروال (Croall) هذه لهذا الموضوع، ونشأت فرصة أكثر استدامة للإجابة على هذه الأسئلة مع إنشاء محاضرات جيفورد في عام 1882 في الجامعات الاسكتلندية الأربع.
تم إلقاء العديد من هذه المحاضرات الهامة من قبل المثاليين الاسكتلنديين الرئيسيين، ونشرها لاحقًا تطور الدين للأعوام 1891-1892، بواسطة إدوارد كيرد الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنّه تحفة فلسفية له، والمذهب الطبيعي واللاأدرية للأعوام 1896-188 بقلم جون سيباستيان مارلو، والأفكار الأساسية للمسيحية للأعوام 1912-1913 لجون كيرد.
وكلهم ينشرون موارد الفلسفة المثالية للدفاع عن نسخة من الإيمان تتوافق مع علم الأحياء التطوري، ويفعلون ذلك جزئيًا عن طريق تفسير مفهوم التطور فلسفيًا بحيث يُفهم أنّ الفكر والدين يتطوران على الأقل من الكائن البيولوجي.