من أكثر ما يحفّز ذكاء الطفل هو سماعه للقصص التي تصف الحيلة والذكاء، وسنحكي في قصة اليوم عن ابنة مزارع ذكية، استطاعت بحيلتها وذكائها أن تنقذ أبيها من سجن الحاكم، وأصبحت زوجة ومستشارة له.
قصة الحاكم وابنة المزارع:
كان هنالك مزارع يسكن مع ابنته الوحيدة في منزل صغير، كان هذا المزارع فقيراً ولا يملك إلّا قطعة أرض صغيرة كان قد منحها له الحاكم كي يعمل بها ليحصل منها على قوت يومه، كان هذا المزارع نشيط ويحب العمل؛ حيث يذهب كل يوم مبكّراً إلى المزرعة للعمل وتبقى ابنته في المنزل تنتظر عودته في المساء.
وفي مرة من المرّات ذهب المزارع ليعمل بنشاط كأي يوم، وحينما كان يحمل فأسه ويضربه بالأرض ويحفر إذ شعر بأن الفأس قد ارتطم بشيء صلب، تعجّب هذا المزارع ما هو الشيء الصلب الذي ارتطم به فأسه، فحاول أن يحفر أكثر وعندما وصل لهذا الشيء وجده صندوق من الذهب، شعر هذا المزارع بالدهشة ومن شدة دهشته أخذ هذا الصندوق وعاد به مسرعاً إلى المنزل.
وعندما شاهدت ابنة هذا المزارع الصندوق تفاجأت وطلبت من والدها أن يفتحه، وعندما فتحه وجده فارغاً، ولكن منظره كان مدهشاً فقال لابنته: سأعطي هذا الصندوق الذهبي للحاكم، فلا بد أن هذا هو الصواب، ولكن ابنة المزارع كانت تتمتّع بذكاء كبير؛ فعندما فكرّت بالأمر قالت لوالدها: ولكن يا والدي هذا الصندوق فارغ وإن أعطيته للحاكم فسوف يتهمك بأنّك قد سرت ما بداخله ولن يصدّق أنّك وجدته فارغاً هكذا.
لم يستمع المزارع لكلام ابنته وصمّم على إعطاء الصندوق للحاكم كهدية له، سار المزارع إلى قصر الحاكم وعندما وصل طلب من الحرّاس مقابلة الحاكم، دخل المزارع وأخبر الحاكم أنّ قد أحضر له هدية، ولمّا رأى الحاكم الصندوق فتحه فوجده فارغاً، تفاجأ الحاكم وسأل المزارع: أخبرني ماذا كان يوجد بداخل هذا الصندوق؟ رد عليه المزارع: يا سيدي أنا وجدت الصندوق وأنا أحفر الأرض بالفأس وعندما أخرجته وجدته هكذا.
نظر له الحاكم ولم يقتنع بقول وأمر بحبسه، حزن المزارع وندم أنّه لم يسمع لكلام ابنته، ومكث في السجن لبعض أيام، وفي مرّة من المرّات أخبر هذا المزارع قصّته للحارس وأخبره عن ابنته الذكية التي نصحته بعدم فعل ذلك، أخبر هذا الحارس الحاكم عن ابنة المزارع؛ فشعر أن لديها ذكاء غير عادي.
أثار حديث الحارس الفضول لدى الحاكم؛ فقرّر أن يستدعي ابنة المزارع ليختبر ذكائها؛ ليرى إن كان هذا المزارع صادقاً أم كاذباً، وعندما حضرت ابنة المزارع بدأت تتوسّل للحاكم أن يطلق سراح أبيها، فقال لها: سأطلق سراح والدك إن قمتِ بحل اللغز الذي سأعطيه لكِ.
وافقت ابنة المزارع وطلبت منه أن يخبرها ما هو اللغز فقال: يجب عليكِ أن تغادري الآن ومن ثم تأتي وأنتِ عارية ولكن بملابس، ويجب أن تأتي من دون أي عربات أو ركوب أحصنة ولكن من دون أن تسيري في الشارع، ذهبت ابنة المزارع وفي اليوم التالي قامت بربط جسمها بالحبال، وأحضرت حصاناً وأمسكت بلجامه وجرّها الحصان في المسافة الفاصلة بين الأرض والحقل، وعندما وصلت انبهر الحاكم بذكائها وقرّر أن يطلق سراح أبيها وتزوجها.
وفي يوم من الأيام كان الحاكم يتفقد أحوال مدينته؛ فوجد طفل صغير يبكي فسأله عن سبب بكائه فقال: هذا الرجل أخذ مهري، وأشار لرجل لديه بقرة، وعندما نظر الحاكم له سأله وقال الرجل: هذا المهر الصغير يقف تحت بقرتي إذاً هو ملك لي، أمر الحاكم بأن المهر ملك للرجل وسار.
سمع هذا الولد الصغير بذكاء زوجة الحاكم فقرّر أن يلجأ لها، فأخبرته أن يحضر شبكة ويتظاهر بأنّه يصطاد السمك بالطريق، وعندما مر به الحاكم سأله ماذا يفعل فقال: إذا كانت البقرة تلد مهراً، فربّما يمكنني اصطياد السمك من الطريق، تعجّب الحاكم من حيلة هذا الطفل، ولكنّه شعر أن هنالك شخص ما وراء هذه الحيلة فقال له: سأعيد لك المهر بشرط أن تخبرني من هو صاحب هذه الحيلة، فأخبره أنّها زوجته، غضب الحاكم من تدخّل زوجته بشؤونه وذهب لها وطلب منها أن تأخذ أغلى ما تملك وتغادر القصر.
وفي المساء وضعت له حب المنوّم في كوب العصير، وعندما نام وضعته في صندوق وأخذته معها إلى منزل والدها، وعندما استيقظ وجد نفسه في منزل أبيها فقال لها: لماذا فعلتِ ذلك؟ قالت له: أنت طلبت مني أن آخذ أغلى ما أملك فلم أجد أثمن منك، أعجب الحاكم بشدة دهائها وعادت معه إلى القصر وأصبحت زوجة ومستشارة له.