هذه القصة هي من إحدى القصص الغريبة المليئة بالتشويق، وتحكي عن رجل كان يحاول الانتحار ولكن ما منعه طفلة صغيرة، قدمت له سبباً ساحراً جعله يتراجع عن هذا القرار، وهي من إحدى القصص التي تحكي عن بعض التحليلات النفسية لدى بعض الأشخاص والعبرة من هذه القصة: انتصار الخير والبراءة على الأفكار الشريرة.
قصة الرجل والطفلة الصغيرة:
كان هنالك رجل مسكين ويمتلك بعض الصفات التي يراها البعض مضحكة للغاية، فكان دائماً ما يتعرّض للسخرية من أصدقائه ومن حوله، وكانوا ينعتونه بالرجل المضحك، كان هذا الرجل يحزن ويتألّم كثيراً لهذا النوع من السخرية حتّى أصابه الاكتئاب، ومن شدّة تعرّضه للسخرية لم يعد يكترث لما يسمع وقرّر أن يضحك مع أولئك الذين يسخرون منه، ولكن هذا الشيء لم يجعل أولئك الأشخاص يتوقفّون عن ما تسبّبوا به لهذا الرجل.
قرّر هذا الرجل أن ينتحر لكي يتخلّص من شعور الاكتئاب لديه، فقام بشراء مسدس ولكنّه لم يمتلك الجرأة الكافية التي تجعله ينفّذ ما خطّط له مباشرةً؛ فوضع المسدس في درج وبقي به لمدة شهرين كاملين، وفي يوم من الأيام كان هذ الرجل برفقة أحد أصدقائه ومعه اثنين من رفقائه، كان هذا الرجل جالساً معهم طوال الوقت صامتاً حتى شعروا بالملل منه ممّا زاد هذا الرجل إصراراً على الانتحار.
خرج الرجل في هذه الليلة عازماً على الانتحار، وعندما نظر للسماء وجدها معتمة ومظلمة شديدة السواد، ولكنّه فجأة وأثناء تحديقه بالسماء وجد نجماً لامعاً يتلألأ دفعه هذا النجم على القدوم على الانتحار، وأيقظ الفكرة برأسه بشكل كبير.
أثناء إمساك هذا الرجل بالمسدس شعر أن هنالك من يمسك بكم يده، عندما التفت وجد فتاة صغيرة تغطي شعرها بمنديل صغير، وكانت ثيابها مبلّلة وترتدي حذاء ممزق، كان يبدو على هذه الفتاة مظاهر الفزع ويبدو أنّها تبحث عن شيء ما، وفجأة عندما نظرت لهذا الرجل صرخت قائلة: أمي الحبيبة أمي الحبيبة.
غضب الرجل من هذه الفتاة وفكر في توبيخها، ولكنّه ذهب مسرعاً فلحقته وطلبت منه المساعدة وقالت له: أرجوك أخبر الشرطي أن يبحث عن أمّي، تخيّل هذا الرجل أن والدة هذه الفتاة تحتضر في مكان ما ولكن على الرغم من ذلك رفض مساعدتها، فاقتربت منه وقامت بضمّه بيديها الصغيرتين فغضب أكثر وضرب بقدمه على الأرض وطلب منها المغادرة فذهبت لطلب المساعدة من شخص غيره.
عاد هذا الرجل إلى الغرفة التي كادت أن تكون خالية ومليئة بمظاهر البؤس، وأخرج مسدسة وقرّر الانتحار والإقدام على الخطوة التي منعته منها هذه الفتاة الصغيرة، ولكنّه عندما قام بتوجيه المسدس نحو رأسه لم يستطيع فعل ذلك؛ والسبب في ذلك أنّه كان يفكّر في تلك الفتاة وحزن لأنّه رفض تقديم المساعدة لها وهي في تلك الحالة، ولكنّه سرعان ما قال في نفسه: ما دمت سأنتحر فلماذا أكترث لهذه الدنيا وما فيها.
في تلك الليلة نام الرجل وحلم حلماً غريباً، فقد حلم بأنّه انتحر ومات وشعر بألم بجسده وهو ألم الرصاصة التي دخلت بجسده، وأن الناس قدموا له وأرادوا حمله على النعش، وكان يسمع كل ما يدور حوله من كلام ولكنه غير قادر على التكلّم أو الحركة.
بدى هذا الحلم غريباً فبعد مضي الوقت شعر وكأن قطرات من الماء تسقط على عينيه، فتوقظه إحدى هذه القطرات وتجعله ينظر للسماء فيشاهد النجم الذي كان يتلألأ ودفعه للانتحار، وجاء كائن مجهول الهوية وفتح قبره وحمله وطار به إلى الأعلى نحو السماء.
طار هذا الرجل مع الكائن الغريب حتى رأى شمس تشبه الشمس التي تسطع على الأرض، وسافر نحو كوكب يشبه الأرض ويسكنه أناس يشبهون الناس الذين يسكنون الأرض، ولكن كانت أعينهم تلمع ويخرج منها ضوءاً نقيّاً ليس به أي نوع من الحقد أو الكذب ولا يعرفون الخطيئة، يعيشون في طبيعة نقية، حتى الأشجار والثمار كانت خضراء نقية لديهم، والحيوانات تعيش معهم بسلام لا تهاجمهم ولا يهاجمونها، أحب هذا الرجل هذا الكوكب والأناس الذين يسكنونها وأحبوه هم وبدأ يخبرهم بما كان يحدث معه على كوكب الأرض.
وفجأة أفسدهم هذا الرجل فأصبحوا حاقدين وكاذبين وأحبّوا القتل، وصنعوا الأحزاب والتحالفات، ونشبت الحروب والقتل وقاموا بالمطالبة بالعدالة، وجاء هذا الرجل لينصحهم ولكنهم رفضوه ونعتوه بالمجنون وهدّدوه إن لم يسكت فسوف يذهبوا به لمشفى المجانين، شعر الرجل بانقباض في قلبه واستفاق من نومه وقتها.
عندما استيقظ هذا الرجل وجد أن الوقت كان فجراً وأن المسدس ما زال بجانبه، جلس هذا الرجل وبدأ يفكر بهدوء وتيقّن أنّه يجب أن يبتعد عن فكرة الانتحار وعليه أن يحب الناس كما يحب هو نفسه حتى وإن كانوا يضحكون عليه، وأنه لو كان كل الناس كذلك لتحققت السعادة على الأرض فالجنة ليست على الأرض، أصبح هذا الرجل مبشّراً وظل يبحث عن الطفلة التي ساعدته على ذلك وأن لا يتوقّف حتى يجدها ويساعدها كما ساعدته.