من أجمل الأشياء التي من الممكن أن يجدها القارئ في قصص الأطفال هي أبطال القصة؛ فغالباً ما تكون الحيوانات الأليفة هي شخصيات القصة الأساسية، وهذه الشخصيات تنقل لنا الحكمة والغاية التي كتبت القصة من أجلها، وسنحكي في هذه القصة عن فيل صغير كان يطلب الأشياء المستحيلة ولكن جاء عمّه ولقنّه درساً في عدم طلب المستحيل.
الفيل الصغير:
كان هنالك فيل صغير يعيش مع أمّه، وكان هذا الفيل مدلّلاً عند أمّه فهي تحبّه كثيراً، في يوم من الأيام لاحظت الأم أن ابنها الفيل يمتنع عن أكل الطعام، لذلك جاءت له وقالت: لماذا لا تأكل يا بني العزيز؟، أجابها: أنا أريد أن آكل الموز ولا أريد هذا الطعام، فذهبت الأم وأحضرت له الموز، ولكنّه امتنع أيضاً وقال لها: أنا أريد موزاً قالت له أمّه: هذا موز يا بني أنت طلبته وأنا أحضرته لك، قال لها: هذا ليس موزاً لأن لونه أصفر أنا أريد الموز الأحمر.
اندهشت الأم من ابنها وقالت له: إن كل الموز أصفر يا بني، قال لها: لا لا أريد الأصفر أنا أريد أكل الموز الأحمر، قالت له: لا يوجد موز أحمر فقال لها: بل يوجد موز أحمر وأنا لا أريد أكل الموز الأصفر بل الأحمر فقط، بقيت الأم في حيرة ماذا ستفعل مع ابنها؛ فذهبت لزوجها الفيل الكبير وقالت له: ماذا سنفعل مع ابننا فهو يريد الموز الأحمر وأنا لن أجده بأي مكان، قال لها: إن الأمر بسيط سنحضر الموز الأصفر ثم نطليه باللون الأحمر، فرحت بهذه الفكرة وقالت له: يا لها من فكر إنك حقّاً فيل ذكي.
أحضرت الأم موز عادي وقامت بطلائه باللون الأحمر وقدمّته لابنها وطلبت منه أن يأتي للأكل، ولكن الابن رفض الأكل وقال لها: أين الموز الأحمر أنا لا أراه، قالت له: هذا ما طلبت يا بني فانظر إن لونه أحمر، قال لها: لا هذا موز أصفر وأنتِ قمتِ بطلائه باللون الأحمر وأنا لن آكل، شعرت الأم بالغضب الشديد ولكنّها قالت له في حلم: كل يا بني أرجوك فهذا موز أحمر صدقني.
ظل ابنها الفيل الصغير ممتنعاً عن الأكل وظلت الأم في حيرة كبيرة؛ فذهبت لزوجها الفيل وقالت له: أنت والده فقل لي ماذا سأفعل؟ قال لها: هذا أمر غريب فكيف استطاع أن يكتشف الحيلة ولكنّه قال لزوجته: لا تخافي يا زوجتي فأنا سأجد لكي حلاً، قرّر الفيل الكبير أن يذهب لأخيه وأخبره بمشكلة ابنه، فضحك العم وقال لأخيه: هذا ابنك يريد فقط أكل الموز الأحمر لا تخف أنا سأجد لك الحل.
في اليوم التالي سمع الفيل الصغير صوت طرق الباب فسأل: من الطارق فأجاب: أنا عمك يا ابن أخي افتح لي الباب، رحبت به الفيلة الأم وعندما دخل وجلس أراد أن يقترب من الفيل الصغير ولكنّه رفض وقال: أنا أريد أكل الموز الأحمر فقط، قال له العم: أنا أعلم ذلك وأنا جئت ومعي لك موز أحمر.
فرح الفيل الصغير قال لعمّه: حقّاً أين هو إذاً؟ فأجابه العم: من يريد الشيء يجب أن يسعى لحصوله، ولكن الفيل الصغير لم يفهم إجابته وقال له: ماذا تقصد يا عمي بهذا الكلام؟ قال له العم: أقصد أن من يريد أي شيء فيجب عليه أن يسعى كي يحصل عليه، فقال له الفيل: وكيف يكون ذلك؟.
قال له العم: إن أنت أردت أن تشتري الحلوى فماذا ستفعل ستذهب إلى محل الحلويات بالتأكيد، وإن أردت شراء لوح من الشوكولاتة فستذهب إلى البقّالة وتقوم بشرائه ودفع ثمنه أليس كذلك؟ قال له الفيل: نعم هذا صحيح، قال له العم: إذاً أنت الآن تريد الموز الأحمر فيجب عليك الذهاب لإحضاره، قال له الفيل: حسناً سأفعل، فقال له العم: ولكن مكانه بعيداً جدّاً.
قرّر الفيل العم أن يذهب مع ابن أخيه لهذا المكان البعيد لإحضار الموز وقال له: علينا أن نسير راجلين لفترة طويلة فالرحلة طويلة، ومشى الفيل مع عمّه مسافات طويلة وفجأةً شعر الفيل الصغير بالتعب فقال لعمّه: هل ما زال أمامنا طريق طويل فأنا أشعر بالجوع والتعب الشديدين؟ قال له: أنظر لهذه الأشجار في أعلى الجبل لقد كدنا نصل هيا لنسرع كي نصل قبل غروب الشمس.
قال له الفيل الصغير: أنا لم أعد أقوى على المشي فأشعر بأنّني جائع جدّاً، قال له عمّه: ولكن هذا نوع نادر من الموز عليك أن تحتمل كثيراً ونحن كدنا الوصول، وعند وصولهما فرح الفيل وقال لعمّه: هيا بنا نقطف الموز أين هو الموز الأحمر، قال له: يا بني دعنا نبحث فالموز هنا لونه أخضر لأنه لم ينضج بعد ما رأيك أن تأكل الأصفر فهو ناضج جدّاً، قال له: لا أيد أن آكل الموز الأحمر فقط.
تابع البحث هو وعمّه عن الموز الأحمر فوجد العم حبّةً ناضجة جدّاً فأعطاها لابن أخيه وقال له: خذ يا بني لقد وجدت لك ما تريد، وعندما أكلها قال لعمّه: إن طعمها سيء ويبدو أنها عفنة، قال له عمّه: هل فهمت الآن لماذا كانت أمّك لا تريد إطعامك الموز الأحمر؟، فسأله الفيل: وهل الموز الأحمر غير جيّد، قال له: نعم، فسأله: إذاً لما لم تخبرني بذلك قبل أن نسير كل هذه المسافات فأنا الآن جائع وعطش جدّاً، قال له عمّه: أريدك أن ترى بنفسك الامر والآن لديك موز أصفر يمكنك أن تأكل منه وإياك طلب المستحيل، فأكل الفيل الموز الأصفر وفرح بمذاقه اللذيذ.