قصة شجرة التنوب

اقرأ في هذا المقال


يجب علينا أن نعلّم أطفالنا أنّه مهما كان حالهم أو شكلهم فعليهم أن يكونوا شاكرين وحامدين؛ فالإنسان يجهل ما هو مستقبله الذي يتمناه، سنحكي في قصة اليوم عن شجرة كانت دائمة التذمّر من قصر طولها وتتمنّى أن يتم اقتلاعها كباقي الأشجار، ولكن عندما حان الوقت لاقتلاعها افتقدت الأجواء الرائعة في الغابة وأدركت أنّها كانت مخطئة، وأنّه كان يجب عليها أن تكون مقتنعة بما لديها من نعم.

قصة شجرة التنوب:

كان هنالك شجرة اسمها شجرة التنوب، كانت هذه الشجرة صغيرة الحجم وقصيرة، وكانت تشعر  بأنّ كل الأشجار التي حولها أطول منها كثيراً؛ لذلك كانت هذه الشجرة تشعر دائماً بالحزن الشديد لذلك وتقول: كل الأشجار من حولي تنظر لي بعين الازدراء ليتني أكبر قليلاً فأنا قصيرة جدّا ولا أستطيع حتّى أن أرى الطيور أو أي شيء يقترب منّي، نظرت لها أحد الأشجار في مرة وقالت لها: لا عليكِ يا شجرة التنوب فغداً ستكبرين؛ فليس هنالك شيء يبقى على حاله ولكن عليكِ الآن أن تستمعين بما أنتِ عليه الآن.

وفي يوم من الأيام جاء ولد وبنت لجمع الأزهار، بدأوا بالتجوال في أنحاء الغابة وعندما وصلوا لشجرة التنوب فرح كلاهما وقالت البنت: يا لها من شجرة قصيرة وجميلة تبدو وكأنّها طفلة الغابة، شعرت شجرة التنوب بالحزن وقالت للشجرة الكبيرة: هل رأيتِ إنهم يقولون عني طفلة، فقالت لها الشجرة الكبيرة: هذا شيء جميل فالأولاد يحبّون الأطفال وهذا يعني أنّهم قد أحبّوكِ.

بعد ذلك مر بجانبها أرنب صغير وقام بالقفز من حولها؛ فنظرت للشجرة الكبيرة وقالت: هل رأيتِ حتّى هذا الأرنب الصغير لم يراني؟ نظرت لها الشجرة الكبيرة في تعجّب وقالت: وكيف قفز هذا الأرنب إن لم يكن يراكِ؟ شعرت شجرة التنوب بالغضب وقالت لأشجار الغابة: أنت جميعكم تسخرون مني.

نظرت لها إحدى الأشجار وقالت: ولكن تبدين حقاً لطيفة لماذا كل هذا الغضب؟ فقالت لها: أنا أريد أن أطول، قالت لها شجرة أخرى: ولكن عليكِ أن تكوني شاكرة لربك فنحن الأشجار الطويلة يأتي في كل عام من يقوم باقتلاعنا من الجذور، ويقومون ببناء المباني في مكاننا أمّا أنتِ فلا يراكِ أحد، قالت لهم: حسناً أريد أن أطول ليراني الناس مثلكم، فقالت لها الشجرة: ولكن عليكِ أن تنظرين للجانب الآخر، فأنتِ بأمان ولكنك فقط تريدين أن تكبرين بسرعة.

مع مرور السنين نمت بعض الجذوع لشجرة التنوب، وجاء بعض الأشخاص كما في كل سنة من أجل اقتلاع الأشجار من لتقع على الأرض، فقالت الشجرة الكبيرة لشجرة التنوب: هل رأيتِ لقد قاموا باقتلاعنا وعليكِ أن تكوني حامدة لربكِ لعدم اقتلاعهم لكِ، شعرت شجرة التنوب بالحزن لفقدانها أصدقائها الأشجار؛ فهي لن تجد أي أحد تحادثه بعد الآن، وبدأت تشعر بالوحدة.

في يوم من الأيام كانت شجرة التنوب تفكر حزينة بأصدقائها الذين تركوها وغادروا المكان، فجاء طائر اللقلق وعندما رآها هكذا قال لها: لقد علمت أنكِ حزينة على فراق صديقاتك الأشجار هل تعلمين أين هم الآن؟ قالت له: أرجوك أخبرني أين هم، قال لها: إنهم الآن على إحدى السفن العملاقة في البحار، فقالت له: ولكن أنا أرغب أن أرافقهم في سفرهم، فقال لها: وهل تريدين السفر وأنتِ الآن في الغابة؟ ثمّ تركها وطار.

نادت شجرة التنوب على الطائر وقالت له: ولكن ماذا عن بقية الأشجار؟ قال لها: لقد علمت أنّهم يزينون أحد المنازل الكبيرة ويلمعون بها، فقالت: لا بد أنّهم الآن في مكان رائع، وكانت شجرة التنوب تجهل ما هو مستقبلها وتتمنّى أن تكون مع صديقاتها الأشجار.

بعد مرور عدة سنين حان الوقت وتم اقتلاع شجرة التنوب؛ ففرحت لذلك وقاموا بوضعها بين الرمال ووضعوا فوقها نجمة بجانب أحد الأحواض، وبدأت شجرة التنوب تقول في نفسها: غداً ستشرق الشمس وأصبح شجرة لامعة ويأتي الجميع ليراني.

وفي اليوم التالي لم يأتِ أي أحد وجاء أصحاب المنزل وقاموا باقتلاع الزينة عنها، شعرت بالحزن لذلك وقالت في نفسها: من المؤكّد أنهم لن ينسوني، ولكن في اليوم التالي أخذ الخدم هذه الشجرة ووضعوها في القبو وكان ذلك في فصل الشتاء، فشعرت الشجرة بالحنين لأشعة الشمس والرياح والأشجار والأزهار، ونزل الثلج فوقها وذاب وتجمّعت حولها الفئران.

وكانت شجرة التنوب تحكي حكاياتها للفئران في كل يوم، وكانوا يقولون لها: لا بد أنكِ كنتِ سعيدة بمن حولك والآن أنتِ حزينة، قالت لهم: لقد كنت فعلاً سعيدة ولكنّني لم أكن أشعر بهذه النعمة وكنت دائمة التذمّر وأجهل ماذا سيحدث لي، كانت الشجرة الكبيرة محقّة في كلامها.


شارك المقالة: