من أهم ما يساعد الطفل على الهدوء والاستقرار النفسي واكتساب المهارات المختلفة هو الشعور بالأمان، وهذا الشعور يساعد الطفل أيضاً بالإحساس بذاته؛ فهو من أهم المبادئ الأساسية التي بجب على الطفل أن يدرك أهميّتها.
تتحدث القصة عن فأرين صديقين يعيش واحد منهم في المدينة وواحد في القرية، يقوم كل منهما بزيارة الآخر ولكن بعد هذه الزيارة شعر فأر القرية أنّه على الرغم من بساطة حياته إلّا أنّه يشعر بالأمان، وأدرك فأر المدينة الذي يعيش حياة مترفة وخالية من الأمان أن الخوف يسلب الشخص من السعادة، والعبرة من هذه القصة هي: إمّا الحرية وإمّا الأمان.
فأر القرية والمدينة:
كان هناك فأرين وكانا من الأصدقاء الحميمين جدّاً، كان واحد من هذين الفأرين يسكن القرية بجوار الحقول ، وكان يتجوّل دائماً بالريف بين المزروعات والأماكن البسيطة والمغلقة، أمّا الفأر الآخر فكان يسكن بالمدينة بجوار المساكن والمصانع والأماكن الكبيرة الواسعة، وكان يتجوّل بالمخازن أيضاً، في يوم من الأيام التقى هذين الفأرين وجلس كل واحد منهما يتحدّث عن الحياة التي يعيشها.
قرّر الفأر الذي يسكن القرية أن يدعو صديقه الذي يسكن المدينة أن يأتي لزيارته كي يرى ويكتشف هذه الحياة بنفسه، وأن يتجوّل معه الأماكن التي يعتاد هو التجوال بها، وأن يتعرّف ما هو الطعام الذي يأكله ويتذوّق منه، أعجب فأر المدينة بهذه الفكرة واعتبرها فكرة رائعة لأنه كان يرغب في التعرّف على حياة صديقه؛ لذلك اتفق الفأران على اللقاء في اليوم التالي.
وعندما ذهب فأر المدينة مع فأر القرية سارا معاً، وأخذ فأر القرية صديقه حيث المكان الذي يأكل منه وكان بجوار أحد الحقول، كان طعامه بعض من الذرة الملقاة على الأرض، فدعا فأر القرية صديقه ليأكل منه، وعندما بدأ فأر المدينة بالأكل لم يعجبه طعم الذرة؛ لأنه كان مخلوطاً ببعض التراب والطين على الأرض؛ لذلك لم يعجبه الطعام أبداً ولم يرضى أن يأكل منه وبقي جائعاً.
نظر فأر المدينة لصديقه فأر القرية نظرة اندهاش وقال له: يا لك من فأر مسكين ما هذه الحياة البائسة التي تعيشها وهذا الطعام سيء المذاق الذي تأكله، ما رأيك أن تأتي معي للمدينة كي أجعلك تتذوّق من الطعام الذي آكل منه سوف يعجبك كثيراً فهو شهي ولذيذ؟ وافق فأر القرية على طلبه وفرح كثيراً وكان متحمّساً لزيارة المدينة.
في اليوم التالي ذهب فأر القرية مع صديقه إلى المدينة، ذهب الفأران إلى واحد من الأماكن الكبيرة وكان خلف هذا المكان واحد من المخازن الموجودة بالمدينة، كان هذا المخزن ممتلئ بالبضائع وأكياس الطعام الكبيرة الحجم والمتنوّعة، تفاجأ فأر المدينة ممّا رآه؛ فهنالك الكثير من الأكياس الممتلئة بأنواع كثيرة من الطعام مثل: الشوفان، العسل، أنواع من الحبوب، أكياس من الفواكه المجفّفة وغيرها من أكياس الدقيق أيضاً.
فرح فأر القرية بهذا المنظر الفاتح للشهية، وشعر أنّه جائع بشدّة فدعاه صديقه للطعام وبدأ بالتوجّه إلى الأكياس لالتهام الطعام اللذيذ الذي سيأكله لأول مرّة في حياته، ولكن فجأة وأثناء سيرهما نحو الطعام إذ بشخص مجهول يفتح باب المخزن؛ شعر الفأرين بالخوف فأسرعا بالهروب داخل أحد الفتحات الصغيرة الموجودة بالحائط، وكانت هذه الفتحة معتمة وضيقة جدّاً.
ظل هذين الفأرين داخل هذه الفتحة الضيقة المظلمة بانتظار هذا الشخص حتّى يخرج، وعندما خرج ركضا بسرعة نحو الطعام ولكن سرعان ما دخل شخص آخر وعادا إلى الفتحة الضيقة، ظل الحال هكذا فكان كل ما خرج شخص يعود ويدخل شخص آخر للمخزن، وظل الفأرين داخل الفتحة بالانتظار حتّى يفرغ المخزن من الأشخاص، وعندما فرغ المكان ولم يعد يدخل أحد للمخزن وأصبح بإمكانهما الأكل اتجّها إلى الطعام وبدأوا بالتهام الأكل الشهي الموجود داخل الأكياس.
بعد الانتهاء من الطعام سأل فأر المدينة صديقه: ما رأيك يا صديقي بهذا الطعام هل تذوّقت مثله؟ رد عليه صديقه: نعم يا صديقي إنّه طعام شهي ولكنّني لم أكن مستمتعاً بأكله لأنّني كنت أشعر بالخوف أثناء أكلي، ولكن في الحقول أنا آكل طعاماً بسيطاً ولكنّني أشعر بالأمان والسعادة وأنا آكله، شعر فأر المدينة بأن صديقه محق فالأمان هو أولوية كبرى في حياة الشخص وشعور الخوف يسلب الشخص سعادته من أي شيء.