قصة قصيدة أخارج أما أهلكن فلا تزل
أمّا عن مناسبة قصيدة “أخارج أما أهلكن فلا تزل” فيروا بأن جماعة من قبيلة جذام خرجوا في يوم من الأيام من مكة المكرمة، وكانوا قد فقدوا رجلًا منهم، وبينما هم في طريقهم لقوا رجلًا يقال له حذافة بن غانم، فأمسكوا به، وربطوه، وساقوه معهم، وأكملوا مسيرهم، وبينما هم سائرون، لقيهم عبد المطلب، وكان معه ابنه أبي لهب، وكان أبو لهب يقوده، حيث فقد عبد المطلب بصره، وعندما رآه حذافة أخذ يستنجد به، وهو يصيح، فقال عبد المطلب لابنه أبي لهب: ويحك، ما هذا؟، فقال له أبو لهب: إنه حذافة بن غانم، وهو مع جماعة قد قيدوه، فقال عبد المطلب لابنه: الحق بهم، واسألهم ما شأنهم، فترك أبو لهب أبيه، ولحق بالقوم، وأوقفهم، وسألهم عن شأنهم، فأخبروه بخبرهم، فعاد إلى أبيه، وعندما وصله، قال له: ما معك؟، فقال له: والله ما معي شيء، فقال له عبد المطلب: عد إلى القوم، وأعطهم ما يريدون، وأطلق سراح الرجل منهم.
فلحق أبو لهب بالجماعة، وأدركهم، وأوقفهم، وقال لهم: إنكم تعرفون تجارتي، وتعرفون ما أملك من نقود، وإني أقسم لكم بأني سوف أعطيكم عشرين قطعة من الذهب، وعشرًا من الإبل، وحصانًا، وهذه حلتي رهنًا عندكم حتى أجيئكم بما وعدتكم، ولكن عليكم أن تطلقوا سراح هذا الرجل، فوافق القوم على ذلك، وقاموا بإطلاق سراح حذافة، فأخذه أبو لهب، وتوجه عائدًا إلى أبيه، وعندما وصل إلى أبيه، وسمع أبوه صوته، قال له: والله إنك عاص، فارجع فإنه لا أم لك، فقال له أبو لهب: ولكن يا أبي هذا الرجل قد أحضرته معي، فنادى عبد المطلب على حذافة، وقال له: أسمعني صوتك، فقال حذافة: ها أنا ذا، بأبي أنت يا ساقي الحجيج، خذني معك إلى مكة، فأخذه عبد المطلب معه، فأنشد حذافة قصيدة يمدح فيها عبد المطلب، وفيها قال:
أخارج أما أهلكن فلا تزل
لهم شاكرا حتى تغيب في القبر
بني شيبة الحمد الذي كان وجهه
يضيء ظلام الليل كالقمر البدر
كهولهم خير الكهول ونسلهم
كنسل الملوك كلهم طيب النشر
لساقي الحجيج ثم للشيخ هاشم
وعبد مناف ذلك السيد الفهر
ابوكم قصي كان يدعى مجمعا
به جمع الله القبائل من فهر
وأنتم بنو زيد ابوكم به
زيدت البطحاء فخرا على فخر
نبذة عن حذافة بن غانم
حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي، شاعر من شعراء العصر الجاهلي.