قصة قصيدة أشهد بالله ذي المعالي
أمّا عن مناسبة قصيدة “أشهد بالله ذي المعالي” فيروى بأن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف سافر في يوم من الأيام إلى اليمن، وكان ذلك قبل بعثة رسول الله صل الله عليه وسلم بعام، وعندما وصل إلى اليمن نزل عند رجل يقال له عسكلان بن عواكن الحميري، وكان وقتها رجلًا كبيرًا في العمر، وعندما دخل عليه وجده ينشد متمثلًا بقول عمرو بن ربيعة بن كعب قائلًا:
إِذا ما المرء صَمَّ فَلَم يُناجى
وَأَودى سَـــمـــعُهُ إِلّا نِــدايــا
وَلاعَـبَ بِـالعَـشِـيِّ بَـنـي بَـنـيهِ
كَـفِـعـلِ الهِـرِّ يَحتَرِشُ العَظايا
يُــلاعِــبُهُــم وَوَدّوا لَو سَـقَـوهُ
مِـنَ الذيـفـانِ مُـتـرَعَـةً مِلايا
فَـلا ذاقَ النَـعيمَ وَلا شَراباً
وَلا يُسقى مِنَ المَرَضِ الشَفايا
فَـــذاكَ الهَـــمُّ لَيــسَ لَهُ دَواءٌ
سِوى المَوتِ المُنَطَّقِ بِالمَنايا
فأقام عنده عبد الرحمن ومن ثم عاد إلى مكة المكرمة، وكان كلما سافر إلى اليمن، نزل عليه، فيسأله عن مكة وأحوالها، وهل ظهر فيها من خالف دينهم، حتى نل عليه في العام الذي بعث فيه الرسول صل الله عليه وسلم، فنزل عليه عبد الرحمن، وكان وقتها يضع عصابة على عينيه، فقال له: انتسب، فقال له: أنا عبد الرحمن بن عوف، فقال له عسكلان: ألا أبشرك بشارة أفضل لك من التجارة، فقال له عبد الرحمن: بلى، فقال له عسكلان: إن الله قد بعث في قومك نبيًا، وأنزل عليه كتابًا، وهو ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، وينهى عن الباطل، وهو من بني هاشم، وإن قومك أخواله، وإني أريدك أن تحمل إليه هذه الأبيات:
أشهد بالله ذي المعالي
وفالق الليل والصباح
إنك في السر من قريش
وابن المفدى من الذباح
أرسلت تدعو إلى يقين
ترشد للحق والفلاح
هد كرور السنين ركنى
عن مكر السير والرواح
أشهد بالله رب موسى
أنك أرسلت بالبطاح
فكن شفيعي إلى مليك
يدعو البرايا إلى الصلاح
وعندما عاد عبد الرحمن إلى مكة لقي أبا بكر الصديق، فأخبره بالخبر، وسأله عن النبي، فقال له أبو بكر: إنه محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه رسولًا، فذهب عبد الرحمن إلى الرسول، وكان وقتها في بيت خديجة، وأعلن له دخوله الإسلام.
نبذة عن عسكلان بن عواكن الحميري
عسكلان بن عواكن الحميري، وهو أحد المعمرين في العصر الجاهلي، كان ممن بشر برسالة النبي صل الله عليه وسلم، أدرك البعثة، وأرسل إلى النبي بشعر يمدحه فيه، ويذكر فيه إسلامه.