قصة قصيدة بزينب المم قبل ان يرحل الركب
أمّا عن مناسبة قصيدة “بزينب المم قبل ان يرحل الركب” فيروى بأن عثمان الضحاك خرج في يوم من الأيام من دياره، وتوجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وعندما وصل إلى منطقة يقال لها الأبواء، نزل على خيمة فيها، ولقي على باب تلك الخيمة جارية، فأعجب بشدة جمالها وحسنها، وأخذ ينشد متمثلًا بقول نصيب بن رباح حينما قال:
بزينَب المم قَبل ان يَرحَل الرَكب
وَقُل ان تَمَلّينا فَما مَلَك القَلب
وَقُل اِن قُرب الدار يَطلُبُه العدى
قَديماً وَنَأى الدار يَطلُبُه القرب
وَقُل ان نَنَل بِالود مِنكَ مَحَبَّة
فَلا مِثل ما لاقيتُ من حُبِّكُم حُب
وَقُل في تَجنيها لَكَ الذَنبُ اِنَّما
عتابُك من عاتَبت فيما لَهُ عَتب
فَمن شاءَ رامَ الوَصل أَو قالَ ظالِماً
لذي وُدِّهِ ذَنب وَلَيسَ لهُ ذَنب
خَليلي من كَعب أَلما هَديتما
بِزينَب لا تَفقِدكُما اِبدا كَعب
من اليَوم زوراها فان ركابنا
غداة غدٍ عَنها دَعا أهلها نُكب
وَقولا لَها يا امَّ عُثمان خُلتي
اسلم لَنا في حُبِّنا انت ام حرب
وَقولا لها ما في البعاد لِذي الهَوى
بعاد وَما فيهِ لصدع النَوى شَعب
وَقال رِجال حسبه من طلابِها
فَقُلتُ كَذَبتُم لَيسَ لي دونِها حَسب
وعندما سمعت الجارية ما قال فيها عثمان الضحاك، قالت له: وهل تعرف من الذي قال هذه الأبيات؟، فقال لها: نعم، هو نصيب بن رباح، فقالت له: وهل تعرف من هي زينب التي قال فيها هذه الأبيات؟، فقال لها: لا والله، لا أعرفها، فقالت له: أنا هي، فقال لها: حياك الله يا أختي، فقالت له: والله إن موعده اليوم، فقد وعدني قبل عام أن يلقاني اليوم، فلا تذهب قبل أن تلقاه، فجلس يتحدث إليها، وبينما هما جالسان أقبل رجل من بعيد يمتطي حصانه، فقالت له: هل ترى هذا المقبل علينا؟، فقال لها: نعم، فقالت له: والله إني لأحسبه نصيب، وعندما وصل إلى الخيمة فإذا هو نصيب، فنزل، وأقبل عليهما، وسلم، وجلس بالقرب منها، وأخذا يتحدثان، فقال عثمان في نفسه: محبان مشتاقان، قد التقيا بعد طول فراق، وقام إلى حصانه لكي يتركهما وحدهما، فقال له نصيب: مهلك، إني آت معك، فخرج الاثنان، فقال نصيب لعثمان: أولم تقل: محبان مشتاقان، قد التقيا بعد طول فراق؟، فقال له: نعم، فقال نصيب: والله منذ أحببتها لم أقترب منها أقرب من مجلسي في هذا اليوم، فتعجب عثمان، وقال: والله هذه هي العفة في الحب.
نبذة عن نصيب بن رباح
هو أبو محجن نصيب بن رباح، شاعر فصيح من شعراء العصر الأموي، وهو مولى عمر بن عبد العزيز.