قصص البطولات من أجمل القصص وأكثرها إمتاعاً، وسنحكي في قصة اليوم عن شخصية أسطورية اسمها نص نصيص، وهي شخصية هذه القصة تحكي عن ولد شديد الذكاء والبراعة ساعد أهل قريته في التخلّص من الغولة الشريرة.
نص نصيص:
كان هنالك في إحدى القرى تعيش ثلاثة من النساء المتزوجات، لم يكن لأي من هذه الزوجات ابن؛ فلم يكن مقدّر لهن أن ينجبن الأطفال، وفي يوم من الأيام سمعت هؤلاء النساء رجل يبيع التفاح وينادي تفاح للحمل تفاح للحمل، من شدّة فرح هؤلاء الزوجات أسرعن للبائع لشراء التفاح منه وكان معه تفاحتين ونصف، فأعطى الأولى تفاحة وأعطى الثانية تفاحة وأمّا الثالثة فأعطاها نصف تفاحة.
وبالفعل حملت هؤلاء الزوجات وأنجبن الذكور، الأولى سمّت ابنها عمر والثانية سمّته نافع، أمّا الثالثة فأنجبت ولد خلقته ليست كاملة؛ فكان له يد سليمة وأمّا اليد الأخرى فكانت مشلولة وحتّى قدميه كانتا كذلك فسمّته نص نصيص، ولكن نص نصيص هذا كان يمتلك قدراً كبيراً من الذكاء.
كبر الأولاد الثلاثة وأصبحوا في المدرسة؛ حيث كانوا يذهبون إلى المدرسة سوية، كان هؤلاء الأولاد الثلاثة متفوقين في دراستهم وخصوصاً نص نصيص؛ حي كان بارعاً في الحساب والرياضيات والقراءة، وعندما كبروا وأصبحوا فتيان أصبحوا يتنزهوا خارج القرية، كان مع عمر حصان ومع نافع حصان أمّا نص نصيص فكان معه جدي سريع جدّاً ولونه أسود.
وفي يوم من الأيام قرّر هؤلاء الأولاد الثلاثة التنزّه خارج القرية؛ فركب عمر حصانه وركب نافع حصانه أمّا نص نصيص فركب الجدي، وذهبوا إلى خارج القرية وبين التلال حتى غابت الشمس وكانوا لا يشعرون بمرور الوقت، حل الظلام ولم يكن مناسباً أن يعودوا للقرية في مثل هذا الوقت؛ لذلك فكّر الأولاد الثلاثة ماذا يفعلون فقال أحدهم: هنالك منزل في التلّة المقابلة فلنذهب إليه ونستأذن صاحبه بالمكوث به هذه الليلة ثم نعود لقريتنا في الصباح.
ذهب أحدهم وطرق الباب ففتحت له عجوز مسنة وعندما رأت الأولاد الثلاثة رحبّت بهم وطلبت منهم الدخول وقالت: تفضّلوا يا أولادي، قدمت لهم طعام العشاء ثم ناموا من شدّة التعب، ما عدا نص نصيص لم يستطيع النوم ولكنّه تظاهر به، وفجأة وجد هذه العجوز تراقب الأولاد وهم نائمين وتحدّق بهم وتقول: هذا سآكله على وجبة الغداء أما هذا فسآكله بعد الغداء والثالث سوف أهتم به حتى يسمن وآكله بعد عدة أيام، سمعها نص نصيص وعرف أنّها غولة متنكرة بزي امرأة عجوز.
فكّر نص نصيص في حيلة حتّى يتخلّص هو وأصدقائه من هذه الغولة، فذهب باتجاه النافذة حيث تضع الغولة المتنكّرة بزي العجوز جرة الماء؛ فأوقعها على الأرض ثم استيقظ وتظاهر بالعطش وقال للعجوز: أنا أشعر بالعطش الشديد، فقالت له العجوز: إذاً اذهب إلى النافذة واشرب الماء، فقال لها نص نصيص: لقد ذهبت لأشرب الماء ولكنّني وجدت الجرّة فارغة وأنا شديد العطش.
نظرت له العجوز وقالت: حسناً سأذهب لملء الجرة بالماء؛ فذهبت العجوز لملء الجرة من ماء البحيرة ووضعت المفتاح أسفل حجر قريب من المنزل، وكان نص نصيص يراقبها وعرف بمكان المفتاح، وعندما ذهبت أيقظ عمر ونافع وأخبرهما بما حدث فركبا الأحصنة وركب هو جديه الأسود ولاذوا بالفرار، عندما عادت العجوز علمت بأن نص نصيص خدعها وهرب فأرادت اللحاق به وبأصدقائه، ولكنّها وجدت الطريق إلى القرية مليء بالناس وكان جميعهم يبحثون عن هؤلاء الأولاد فشعرت أنّها لن تستطيع الإمساك بهم فعادت لمنزلها.
بعد عدّة أيام قال نص نصيص لصديقيه: هل تظنان أنّني أستطيع أن آتي بفراش الغولة وأضعه أمامكم؟ قالوا له: لن تستطيع ذلك ولا داعي لأن تخاطر بحياتك، ولكن نص نصيص أراد أن يبرهن على ذلك فذهب لمنزل الغولة ولك تكن هي بالمنزل، فأخذ المفتاح من تحت الحجر وفتحه وذهب إلى فراش الغولة ووضع عدة دبابيس في بعض الأماكن على فراشها، عادت هي إلى المنزل وكانت مرهقة من شدّة بحثها عن أولاد تأكلهم ولكنّها لم تجد أي شيء لتأكله.
عندما أرادت الغولة الاستلقاء على فراشها نخزتها الدبابيس التي وضعها نص نصيص؛ فغضبت وأمسكت الفراش وألقت به خارجاً؛ فأخذه نص نصيص وأسرع عندما ركب الجدي الأسود عائداً إلى القرية، عندما رآه أصدقائه تعجّبوا من شدة ذكائه وبراعته، بعد ذلك راهن صديقيه على أن يأتي من منزلها بعدّة أشياء مثل الأواني والقطع الذهبية والطعام وغيره، وكان في كل مرة ينجح؛ حيث كانت هذه الغولة تنصب له الكمائن ولكن بذكائه كان يستطيع النجاة منها.
وفي مرة قال نص نصيص لصديقيه: ما رأيكما أن آتي لكم بالغولة نفسها؟ وذهب باليوم التالي ووقف أمام منزلها يصيح: حلوى للبيع حلوى للبيع، عندما سمعته الغولة خرجت وهي تحمل قطعة ذهبية واقتربت منه وأمسكت به بشدّة وقالت له: أنت من سرقت مني كل ما أملك، فنظر لها بحزن وقال: لا يا سيدتي لست أنا ربّما كان أخي فأنا شخص فقير لا أمتلك إلّا بيع الحلوى وأنا أرى هذا الوجه الجميل للمرة الأولى.
فرحت الغولة بما سمعت؛ فهي كانت لا تسمع أي شخص يمتدح وجهها؛ لذلك أعطته القطعة الذهبية وطلبت منه الحلوى ولكنّه قال لها: كلا يا سيدتي هذا مبلغ كبير وقطعة الحلوى هذه لن تكفي يجب عليكِ الدخول إلى العربة كي تأكلين ما تشائين، دخلت الغولة إلى العربة وبدأت بالتهام الحلوى، وكان هو قد أغلقها وعاد بها مسرعاً إلى القرية، كان أهل القرية بانتظاره وعندما رأوه قاموا بتجهيز الحطب ووضعوها بداخل الحطب وأحرقوها حتى تحوّلت رماداً، فرح الجميع ببراعة نص نصيص وذكائه لأنّه ساعدهم بالتخلص من هذه الغولة الشريرة.