مصطلحات الألوان وعلم اللغة الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن مصطلحات الألوان:

تعد مصطلحات الألوان مستخدمة لاستكشاف العلاقات بين عدد كبير من اللغات والثقافات المختلفة التي تجمع بينها. فطيف الألوان عبارة عن سلسلة فيزيائية متصلة لا تظهر فيها أي فواصل على الإطلاق. ومع ذلك نحن البشر نقوم بتقسيمها إلى أجزاء وقطع متعددة، كما نقوم أيضًا بتعيين أسماء لهذه الأجراء المختلفة، على سبيل المثال الأخضر والأزرق والأصفر والأحمر وما إلى ذلك.

كما نجد أيضًا أنه في بعض الأحيان لا يمكننا ترجمة مصطلحات الألوان بشكل مباشر من لغة إلى أخرى دون إدخال تغييرات طفيفة في المعنى، على سبيل المثال اللون البني في اللغة الإنجليزية (Brown) وفي اللغة الفرنسية (Brun). ولكن هناك مشكلة تعد مثيرة للاهتمام نوعاً ما وهي كيفية الإشارة إلى الألوان بلغات العالم مختلفة.

فهل مصطلحات اللون عشوائية أم أن هناك نمطًا عامًا يحددها وينظمها؟ فإذا كان هناك نمط محدد فما هي خصائصه ولماذا قد يكون موجودًا؟ تم المحاولة للإجابة على مثل هذه الأسئلة في نظرية (Berlin and Kay) في عام 1969، وذلك بالاعتماد على بيانات متعددة من مجموعة متنوعة من اللغات.

قواعد يجب مراعاتها فيما يتعلق بمصطلحات الألوان:

كل اللغات تستخدم مصطلحات الألوان الأساسية، فيجب أن يكون مصطلح اللون الأساسي كلمة واحدة لا أكثر، على سبيل المثال اللون الأزرق أو الأصفر وليس مزيجًا من الكلمات، كالأزرق الفاتح أو الأصفر الباهت. وبالإضافة إلى ذلك يجب ألّا يكون هناك مسميات عديدة لنفس اللون، كما هو مستخدم في المصطلحان (Crimson وScarlet) مستخدمان للدلالة على اللون الأحمر (Red).

كما يجب أن يكون لهذه المصطلحات استخدام عام تمامًا، أي يجب ألا يتم تطبيق واستخدام هذه المصطلحات على نطاق ضيق من الكائنات أو الأشياء المحيطة بنا، فعلى سبيل المثال يتم استخدام اللون الأشقر (Blond) باللغة الإنجليزية بشكل حصري تقريبًا على لون الشعر أو لون البشرة ولون الخشب الذي يميل إلى الأصفر.

ويجب ألا تكون مصطلحات الألوان ذات استخدامات مقيدة بشدة، بمعنى أنه يستخدم فقط من قبل مجموعة فرعية محددة من المتحدثين، فعلى سبيل المثال مصممي الديكور الداخلي أو كتاب الموضة يستخدمون ألوان خاصة بهم وهي تنتج بعد قيامهم بمزج الألوان، وبعدها يبدأون بإطلاق مسميات محددة على هذه الألوان.

دراسات في علم اللغة الاجتماعي عن مصطلحات الألوان:

وفقًا لنظرية برلين وكاي، يكشف تحليل مصطلحات الألوان الأساسية الموجودة في مجموعة متنوعة من اللغات عن أنماط معينة مثيرة للاهتمام بشكل كبير. فإذا كانت اللغة تحتوي على مصطلحين فقط (مجرد فرضية)، فهذا يعني أنهما سيكونا معادلين للونين الأبيض والأسود (أو الظلام والضوء).

والثالث سيكون الأحمر والرابع والخامس الأصفر والأخضر. والسادس والسابع سيكونا الأزرق والبني، ولكن الألوان الأخيرة ستكون الرمادي والوردي والبرتقالي والأرجواني.

ففي هذا المثال لا يوجد سوى أحد عشر مصطلحًا أساسيًا للإشارة إلى الألوان (وعلى الرغم من أن اللغة الروسية تحتوي على اثني عشر مصطلحًا؛ نظرًا لأنها تحتوي على مصطلحان للإشارة إلى اللون الأزرق فكلمة (sinij) تستخدم للدلالة على اللون الأزرق الغامق، بينما تستخدم الكلمة (goluboj) للدلالة على اللون الأزرق الفاتح).

تصنيفات الألوان في هذه الدراسة:

1. الألوان المركبة مثل الأخضر الجيشي والأزرق الطفولي والزهري الطفولي و البني المائل الرمادي.

2. الألوان ذات التسميات المختلفة حسب المنطقة الجغرافية، يتم استخدام لكمة (crimson وScarlet) للدلالة على اللون الأحمر.

3. الألوان المتغيرة، مثل اللون الأحمر الناري.

4. الألوان التي يفضلونها مصنعو الطلاء ومستحضرات التجميل، فيقومون باستخدام الألوان الأساسية بطريقة محددة ودمجها لإنتاج ألوان خاصة بهم. فمثلا لا تستطيع أن نرى درجة اللون الأشقر المستخدمة في صبغات الشعر على أماكن أخرى.

العلاقة بين تقدم المجتمعات ومصطلحات الألوان:

كما جرت محاولة لربط مدى ارتباط مصطلحات الألوان في مجموعة من اللغات المعينة بمستوى التعقيد الثقافي والتقني للمجتمعات التي يتم التحدث فيها بهذه اللغات. فهناك سبب للاعتقاد بأن المجتمعات التي تظهر القليل من التطور التكنولوجي تستخدم أقل مصطلحات الألوان، على سبيل المثال تحتوي (Jalé of New Guinea) على كلمات تتوافق مع الظلام والنور فقط أي الأبيض والأسود.

ومن ناحية أخرى فإن المجتمعات المتقدمة تقنيًا تستخدم مصطلحات الألوان والتي تتوافق مع جميع الإحدى عشر لون المذكورة أعلاه. ولكن المجتمعات في المراحل المتوسطة لها أرقام معتدلة فيما يتعلق باستخدام الألوان، فعلى سبيل المثال (Tiv of Nigeria) تستخدم ثلاثة مصطلحات ألوان، و(Garo of Assam و Hanunóo) في الفلبين يستخدمون أربعة مصطلحات ألوان و (Burmese) يستخدمون سبعة مصطلحات ألوان.

التغيرات الثقافية والتقنية وعلاقتها بمصطلحات الألوان:

مع حدوث تغيرات ثقافية وتقنية متعددة يصبح من الضروري أكثر فأكثر أن يميز الناس مكونات ألوان الطيف. فبدلاً من انتقاء أجزاء معينة من الطيف بشكل عشوائي وبعد ذلك تسميتها، يقوم الناس بغض النظر عن اللغات التي يتحدثون بها بتقسيم الطيف بأكمله بشكل تدريجي بطريقة منهجية.

فيبدو أن ممارسات تسمية الألوان تأتي من الاحتياجات المعرفية للبشر التي هي نفسها في كل مكان، فطبيعتنا كبشر تحتم علينا معرفة كل التفاصيل التي تدور حولنا، والألوان تشغل جزء كبير من حياتنا فلا بد لنا من دراستها.


شارك المقالة: