مدينة لشبونة في البرتغال

اقرأ في هذا المقال


نبذة تاريخية عن مدينة لشبونة:

مهما كانت أصول المدينة فمن المعروف أن المنطقة كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية من 205 قبل الميلاد إلى حوالي 409م، حيث بقيت بعض الأحجار المنقوشة كدليل على الوجود الروماني. فقد الرومان المدينة لصالح الشعوب المهاجرة المعروفة باسم آلاني الذين طردهم السويبيون والذين بدورهم غزاهم القوط الغربيون.

على الرغم من أنه من المعروف أن التحصينات الأولى على تل كاستيلو في لشبونة لم تكن أقدم من القرن الثاني قبل الميلاد، فقد أظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة أن سكان العصر الحديدي احتلوا الموقع من القرن الثامن إلى القرن السادس قبل الميلاد، كما حافظت هذه المستوطنة الأصلية على علاقات تجارية مع الفينيقيين، والتي من شأنها أن تفسر الاكتشافات الأخيرة للفخار الفينيقي والأشياء المادية الأخرى.

كما تشير الحفريات الأثرية التي أجريت بالقرب من قلعة ساو خورخي (كاستيلو دي ساو جورج) وكاتدرائية لشبونة إلى وجود فينيقي في هذا الموقع منذ 1200 قبل الميلاد، في عام 711 غزا المور الإسلاميون الذين كانوا في الغالب من البربر والعرب من المغرب العربي شبه الجزيرة الأيبيرية المسيحية وفتحوا لشبونة في عام 714، كما أصبحت ما يعرف الآن بالبرتغال جزءاً من إمارة قرطبة ومن ثم الدولة التي خلفتها خلافة قرطبة.

على الرغم من محاولات الاستيلاء عليها من قبل النورمان عام 844 وألفونسو السادس عام 1093، ظلت لشبونة ملكية إسلامية. أما في عام 1147 بعد حصار دام أربعة أشهر استولى الصليبيون المسيحيون تحت قيادة أفونسو الأول على المدينة وعاد الحكم المسيحي.

المعالم الأثرية الشهيرة في مدينة لشبونة:

برج بيليم:

هو النصب التذكاري الأكثر شهرة في لشبونة البرتغال، كما كان هذا الحصن الصغير المبهج يحرس مصب نهر تيجو منذ القرن السادس عشر، وقد تم تشييده في ذروة أسلوب العمارة في مانويل، وتزين القلعة أبراج مراقبة على الطراز العربي وسوارج مزينة بصليب المسيح وأول منحوتة لحيوان وحيد القرن في أوروبا، ونظراً لكونه رمز لشبونة فإنه يحظى دائماً بشعبية لدى السياح، الجمال الحقيقي للبرج هو المظهر الخارجي المزخرف للغاية، والذي يمكن رؤيته بشكل أفضل من اليابسة أو عبر جولة بالقارب. أما عامل الجذب الحقيقي هو نحت الحجر الخارجي.

قلعة كاستيلو دي ساو خورخي:

تقع القلعة بشكل مهيب فوق وسط لشبونة وكانت متشابكة في تاريخ البرتغال المبكر. هنا هزم الصليبيون المسيحيون المغاربة في عام 1147 ونجا البرتغاليون من حصار قشتالة في عام 1373، وكان مقر السلطة للبرتغال لأكثر من 400 عام. القلعة من التحصينات الهائلة، ويمكن استكشاف أبراج القلعة وأسوارها، وهناك مناظر خلابة مطلة على المدينة إلى جانب متحف إعلامي. كما تقع القلعة في قلب منطقة ألفاما وهي واحدة من أكثر المناطق تميزاً في لشبونة.

تمثال كريستو ري:

أبراج تمثال كريستو ري فوق الضفاف الجنوبية لمصب تيجو، وهي واحدة من أشهر المعالم الأثرية في لشبونة، هذا التمثال له العديد من أوجه التشابه مع تمثال المسيح المخلص في ريو دي جانيرو، وهذا صحيح لأن النصب البرازيلي ألهم التمثال البرتغالي، بصرف النظر عن كونه معلماً مميزاً، كما يوفر التمثال أحد أفضل الوجهات في لشبونة مع إطلالات لا مثيل لها على الجسر المعلق والمدينة.

كنيسة ساو روكي:

عندما تحدق في الجزء الخارجي من كنيسة ساو روكي في بايرو ألتو من الصعب أن تتخيل أن الواجهة البيضاء البسيطة تخفي أجمل كاتدرائية في لشبونة. كما تم بناء النصب الديني في لشبونة على فترات، وتم تصميم كنيسة واحدة كابيلا دي ساو جواو بابتيستا في روما وتم نقلها إلى لشبونة، حيث تم تجميعها، وتتميز كنيسة ساو روكي وهي أول كنيسة يسوعية تم بناؤها في البرتغال بالكثير من الخشب المذهَّب والفسيفساء المفصلة وسقف مذهل مطلي. بالجوار سنجد متحف ساو روكي من بين أكثر المتاحف اكتمالاً للفن الديني البرتغالي.

البانثيون الوطني:

يعد البانثيون الوطني رمزاً للهوية البرتغالية، وهو نصب تذكاري وطني في لشبونة يرحب ويكرم الرجال والنساء العظماء الذين تدين لهم البلاد بالاعتراف بها، وذكرى تخلد وترمز إلى أعلى وسام شرف تم منحه في البرتغال، كما يتميز تاريخ البانثيون الوطني بحقائق مثيرة للفضول حول عملية البناء المضطربة، والتي كانت نتيجة للعديد من حالات الطوارئ التاريخية التي مرت بها البلاد على مدار ما يقرب من 300 عام، وتعتبر الهندسة المعمارية للبانثيون الوطني مثالاً فريداً على الباروك في البرتغال.

من أجل بنائه استوحى المهندس المعماري جواو أنتونيس من الاتجاهات الإيطالية، وبالتالي تبنى تصميماً معمارياً مبتكراً لم يكن له استمرارية في البرتغال، حيث هناك تفاصيل الجدران المتموجة في البانثيون الوطني، بالإضافة إلى الديكور الغني بالرخام الملون والحجر المرصع، وأيضاً القبة الضخمة التي ترتفع حوالي 80 متراً فوق سطح الأرض. البانثيون الوطني ليس فقط بسبب السمات المعمارية والتاريخية ولكن لكل الرمزية التي يمثلها في تاريخ البرتغال.

كاتدرائية لشبونة:

شيد دي أفونسو هنريك كاتدرائية لشبونة بعد ثلاث سنوات من غزو لشبونة، حيث بنيت هذه الكاتدرائية فوق المسجد الإسلامي القديم، كما تحتوي الكاتدرائية في داخلها على ثلاث بلاطات بستة مسافات وتقدم أسلوباً صارماً داكناً، أما أثمن قطعة موجودة في الكاتدرائية هي الفلك الذي يحتوي على بقايا القديس فيسينت، والتي تم نقلها من رأس سانت فيسينت إلى لشبونة، وفي الجزء الداخلي من هذا النصب القديم في لشبونة قد نشاهد أيضاً بقايا الأثار الرومانية القديمة.

دير هيرونيميتس:

يقع دير هيرونيميتس أو موستيرو دوس جيرونيموس في حي بيليم الجميل مقابل نهر تاغوس، هذا الدير المهيب المصنف من قبل اليونسكو كموقع للتراث العالمي في عام 1983، كما يكشف عن مجد عصر الإكتشافات البرتغالية. إنه أعظم رمز لأسلوب مانويل وهو نوع من أواخر العصر القوطي البرتغالي، والذي يصور رموز الملاحة إلى جانب تماثيل النباتات والحيوانات الغريبة من الأراضي الجديدة التي اكتشفها المستكشفون البرتغاليون.

إستريلا باسيليكا:

تم بناؤها فقط خلال القرن الثامن عشر بين عامي 1779 و1790 بشكل أكثر دقة، بموجب أوامر الملكة ماري الأولى ملكة البرتغال التي كانت تفي بوعدها بإقامة دير للطائفة الكرميلية إذا كانت ستلد ابن، كما تقدم الكنيسة التي تجمع بين السمات الباروكية والنيوكلاسيكية مشهداً للميلاد منحوتة من الفلين والطين من قبل ماتشادو دي كاسترو باعتبارها أكبر تسليط الضوء عليها.

أطلال دير كارمو:

يقع دير كارمو في حي كيدو العالمي، وهو أحد المواقع التي يجب زيارتها في لشبونة، حيث أن أطلال كنيستها هي واحدة من الشهادات القليلة التي لا تزال موجودة والتي خلفها زلزال عام 1755، كما بعد خدمة غرضه الديني الأصلي تم استخدام دير كارمو كاعتماد عسكري، وسيبقى في التاريخ البرتغالي باعتباره المكان الذي لجأ إليه الرئيس مارسيلو كايتانو من الجنود المتمردين خلال انقلاب عام 1974 المسمى ثورة القرنفل. أما في الوقت الحاضر يضم المقر الرئيسي لجمعية الأثار البرتغالية ومتحف كارمو الأثري الذي يقدم قطعاً تصور تاريخ المدينة من عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الوسطى.

النصب التذكاري للاكتشافات:

تم تشكيل النصب التذكاري للاكتشافات، حيث تم تشييد مقدمة كارافيل لتكريم الشخصيات الرئيسية في عصر الاكتشاف البرتغالي. وهكذا فإن هنري الملاح راعي الإكتشافات يقف بجانب الملوك والملكات والمستكشفين والملاحين والفنانين والعلماء ورسامي الخرائط والمبشرين الذين منحتهم أفعالهم مكاناً في تاريخ البرتغال خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر.


شارك المقالة: