تأثير القيم الاجتماعية السائدة على الجماعة الرياضية:
القيم الاجتماعية: يقصد بها أنها مجموعة من الضوابط السلوكية والأسس الاجتماعية المحددة مسبقاً لتصرفات وعلاقات الأفراد الرياضيين، سواء كانوا لاعبين أو مدربين أو عضو إداري في الجماعة الرياضية؛ بحيث تصبّ هذه العلاقات في قوالب وأطر معينة وثابتة، حيث أن لها أهميتها في كيفية جمع الأفراد الرياضيين وتحقيق الوحدة الذهنية والفكرية والسلوكية الرياضية.
كما أن للوحدة الفكرية والسلوكية الرياضية أهميتها في تحقيق أهداف الجماعة مهما كانت صعبة ومعقدة، حيث تعتمد القيم السائدة في المجتمع الرياضي على ظروفه وعوامله الاقتصادية والاجتماعية وطبيعة المرحلة الحضارية التاريخية التي يمر بها، ونوعية المشكلات والصعوبات والتحديات التي يشهدها، وخصوصية المؤسسات التي يتكون منه بناؤه الاجتماعي؛ حيث أنه لهذا السبب تختلف القيم من مجتمع رياضي إلى مجتمع رياضي ثاني، كما تختلف الجماعة في المجتمع الرياضي الواحد عبر المراحل التاريخية التي يمر بها.
أما بالنسبة إلى القيم الاجتماعية التي تتبناها الجماعة الاجتماعية الرياضية مثل الفريق الرياضي مثلاً؛ حيث تعتمد من حيث طبيعتها وقوتها وشدتها على عدة متغيرات في مقدمتها قيم المجتمع الرياضي الكبير ومقاييسه وأفكاره وعاداته وتقاليده، كما تعتمد على الخلفية الاجتماعية والطبقية لأعضاء الجماعة الرياضية وتنشئتهم الاجتماعية الرياضية، وعلى ظروفهم وعواملهم البيئية والحضارية ومهام عملهم وتدريباتهم والتحديات والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
كما أن قيم الجماعة الرياضية لا تكون ثابتة ومستقرة؛ بل تتغير باستمرار على مر الزمان، حيث يعتمد تحوّلها على سعتها والأهداف والسبل والظروف المادية وغير المادية المحيطة بها، كما تعتمد على طبيعة الأفراد الذين يكوّنونها، كما أنه يمكن تقسيم القيم التي تتبناها الجماعة الاجتماعية الرياضية مثل الفريق الرياضي أو النادي الرياضي إلى نوعين هما:
- القيم الإيجابية: مثل التعاون، الصبر، النقد، النقد الذاتي، احترام الزمن، الثقة العالية بالنفس، الطاعة، الاحترام، الإيثار، التضحية من أجل الأفراد الآخرين، تحمل المسؤولية، الصدق، الكرامة، عزة النفس، الموازنة بين الحقوق والواجبات، الوفاء بالعهد، احترام القادة والمسؤولين، والنظافة الشخصية.
- القيم السلبية: مثل الأنانية، الكذب، حب الذات، الكراهية، التكبر، الغرور، التعالي، الغش، الميوعة، الطائفية، التحيز، العصبية، العنصرية، عدم احترام القادة والمسؤولين والخيانة.
حيث أن الجماعة الرياضية التي تؤمن بالقيم الإيجابية، وتقوم بترجمتها ترجمة دقيقة في عواملها وعلاقتها الاجتماعية هي الجماعة الفاعلة والقوية والجماعة المتعاونة والموحَّدة، التي تستطيع بلوغ غاياتها وأهدافها سواء كانت على المستوى القريب أو المستوى البعيد بكل كفاية واقتدار، أما بالنسبة إلى الجماعة الرياضية التي لم تلتزم بالقيم الإيجابية وتميل إلى القيم السلبية هي الجماعة الضعيفة والمبعثرة التي تفشل في بلوغ أبسط طموحاتها وأهدافها.
حيث أن قيمة التعاون التي تمر بها الجماعة الرياضية كفريق كرة القدم مثلاً، تجعل تلك الجماعة متحابة ومتضامنة ومتكاتفة في أداء أعمالها، حيث أن كل فرد من أفراد الجماعة الرياضية يسعى إلى خدمة الفرد الآخر، ويساعده على تحقيق طموحاته ومصالحه التي هي عباراة عن طموحات ومصالح الجماعة الرياضية، كما أن كل فرد يعمل ويمارس وفق الأهداف المرسومة والمحددة، ولا يعمل وفق أهدافه الذاتية والمصلحية.
كما أنه يبتعد عن المنافسة الهدامة ويتوخى المصلحة المشتركة، التي من خلالها تتعزز أركان الجماعة الرياضية وتتعمق وحدتها المصيرية، حيث أن مثل هذه الظروف القيمية تمكن الجماعة الرياضية من تحقيق التوسع والاستقرار، كما تساعدها على اكتساب اللياقة البدنية الرياضية وكفاية الأداء والممارسة وكسب المباريات والسباقات التي تلعبها مع الفرق الثانية، كما أنها تعمل على نيل الرضا وتأييد ودعم الجمهور المشاهد للعبة الرياضية.
أما بالنسبة إلى قيمة الثقة العالية بالنفس التي تعتقد بها الجماعة الرياضية، فتساعدها على رفع معنوياتها والاعتداد بقدراتها وكفاياتها والافتخار بمنجزاتها وأعمالها، كما أنها هو الأمر الذي يمكن الجماعة الرياضية من المضي قدماً في مشاريعها وخططها المستقبلية، كما إن وجود الثقة العالية بالنفس عند الجماعة الرياضية تزيد من قوة درجة اندفاعها وتصميمها على ممارسة العمل المطلوب منها بكل هدوء ودقة وتركيز، وفي الوقت نفسه تجعلها بعيدة عن حدوث التشنج والانفعال والتسرّع في اتخاذ القرار.
كما أن قيمة الموازنة بين الحقوق والواجبات التي تتبناها الجماعة الرياضية في حياتها اليومية، تجعل أفرادها الرياضيين يعتقدون بأنهم يعملون ويعيشون وسط جماعة عادلة، توازن بين ما يقدمونه للجماعة الرياضية وما يأخذونه منها؛ فالرياضي الذي يعطي ويبذل الجهود في خدمة جماعته ويعمل من أجل تحقيق أغراضها ورفع سمعتها وقيمتها في المجتمع، كما ينبغي أن يحصل على حقوق وامتيازات مادية ومعنوية.