ما هو دور العوامل الاجتماعية في عزوف المرأة عن المشاركة في الأنشطة الرياضية؟

اقرأ في هذا المقال


دور العوامل الاجتماعية في عزوف المرأة عن المشاركة في الأنشطة الرياضية:

تؤدي العوامل الاجتماعية والحضارية الدور الكبير الهام والمؤثر في عزوف النساء عن المشاركة في ممارسة الأنشطة الترويحية، خاصة الأنشطة الرياضية بمختلف أنواعها سواء كانت أنشطة فردية، مثل (التنس الأرضي، السكواش، ركوب الخيل، قذف الجلة، رمي الرمح، السباحة)، أو أنشطة جماعية مثل (كرة سلة أو كرة قدم أو كرة طائرة أو كرة يد)، حيث تتظافر العوامل الاجتماعية مع العوامل النفسية والتربوية والعوامل المادية والاقتصادية في طريقة متميزة تقود إلى تردد وامتناع معظم الأفراد الرياضيين وخاصة النساء عن المشاركة في الأنشطة الرياضية.
كما أن العوامل الاجتماعية التي لا تُشجّع النساء على المشاركة في الأنشطة الرياضية تأخذ عدة أشكال، وتُعبّر عن نفسها في عدة مناسبات وأوقات تلازم النساء الرياضات داخل بيوتهن وخارجهن، حيث يمكن تقسيم العوامل الاجتماعية التي تساعد على عزوف المرأة عن المشاركة في الفعاليات الرياضية، سواء كانت تدريبات رياضية أو مباريات إلى أربع أقسام أساسية وهي:

  1. التنشئة الاجتماعية للمرأة: هي عملية تعلّم وتدريب وصقل مهارات وخبرات يتلقاها المتعلم الرياضي من المدرب، حيث يستطيع من خلالها بناء شخصيته وبلورة أدواره الوظيفية الأساسية والتكميلية، كما أن عملية التنشئة الاجتماعية التي مرت بها المرأة خلال السنوات الماضية جعلتها تكتسب معلومات وقيم وأفكار سلبية عن طبيعة المشاركة في الأنشطة الرياضية.
    حيث أن هذه المشاركة تتناقض مع طبيعة المرأة وخصالها الأخلاقية والسلوكية، كما تؤثر سلباً في دراسة تحصيلها العلمي أو ممارسة أعمالها الإنتاجية والخدمية، إضافة إلى دور التنشة الاجتماعية المحافظة التي تتلاقها المرأة من محيطها ومجتمعها المحلي، حيث جعلتها تعتقد بأن مشاركة المرأة في النشاط الرياضي تعني خروجها من البيت وذهابها إلى النوادي والجمعيات والفرق الرياضية واختلاطها مع الرجال، حيث أن هذا الأمر لا يريده المجتمع من المرأة؛ وذلك لأنه يتعارض مع عفتها وأخلاقها وسلوكها في المجتمع.
    حيث أن مشاركة النساء في الألعاب الرياضية تجعلهن يرتدين ملابساً لا تليق ولا تناسب المرأة وحشمتها وموقعها في المجتمع، حيث أن لهذه الأفكار والمعتقدات السلبية التي تحملها المرأة ضد الرياضة وأنشطتها والتي تلقتها عبر عملية التنشئة الاجتماعية التي مرت بها منذ الصغر دور كبير في تجنب المرأة المشاركة في الألعاب الرياضية سواء كانت أنشطة فردية مثل ألعاب القوى، أو أنشطة جماعية مثل كرة القدم، أو ألعاب شعبية مثل لعبة نط الحبل أو ألعاب صغيرة مثل لعبة جمع الكرات، حيث تعتقد المرأة أنها لا تشارك في ممارسة الألعاب الرياضية لأنها ليست رجلاً وأن تنشئتها الأسرية والمجتمعية لا تسمح لها في المشاركة.
  2. الوسط الاجتماعي والبيئي الذي تعيش فيه المرأة: إن عوامل الوسط الاجتماعي والبيئي الذي تعيش فيه المرأة له الدور الكبير والهام في عدم أو ضعف مشاركتهن في الأنشطة الترويحية الرياضية، حيث نعني بعوامل الوسط الاجتماعي والبيئي الذي تعيش فيه المرأة عدة أشياء أهمها: (طبيعة وواقع المنزلة الاجتماعية للمرأة الرياضية في المجتمع، درجة تحررها واستقلاليتها من سيطرة وسطوة الرجل، توفر التسهيلات الرياضية والترويحية للمرأة الرياضية في المجتمع، تقسيم أوقاتها اليومية إلى أوقات عمل وتدريب رياضي وأوقات فراغ).
    كما أنه على الرغم من التحسن والتطور الذي تطرأ على المكانة الاجتماعية للمرأة داخل المجتمع وإتاحة المجال والفرص أمامها بمشاركة الرجال في جميع أنشطته المهنية والوظيفية والتعليمية والترويحية والإبداعية، فما زالت تجربة المرأة الرياضية في ممارسة الأنشطة والفعاليات الرياضية المختلفة التي يمارسها الرجل لا تزال محدودة ومحصورة ومقيدة؛ أي بمعنى ما زال الجانب التقليدي المحافظ يطغى عليها.
  3. طبيعة قيم المجتمع: يقصد بها الضوابط والسياقات الفكرية والسلوكية التي تحدد ممارسات الأفراد الرياضيين وتصبها في قالب يتماشى ما يريده المجتمع لأفراده وجماعاته، حيث تؤثر القيم التي يحملها الأفراد الرياضيين والجماعات تؤثر في ممارساتهم اليومية والتفصيلية، كما تكون القيم على نوعين القيم السلبية مثل (الأنانية، حب الذات، التكبر، الغرور، جلب الأذى للآخرين، التحيز، التعصب، ضيق الفكر، الطائفية)، والقيم الإيجابية مثل (الشجاعة، الصبر، الثقة العالية بالنفس، الصراحة، النظافة الشخصية، التعاون، الموازنة والمساوة بين الحقوق والواجبات).
    حيث للقيم الاجتماعية السلبية التي يحملها المجتمع تجاه المرأة في الأنشطة الرياضية لا تشجع المرأة مطلقاً على ممارسة أنشطة الترويح الرياضي، سواء كان داخل البيت أو خارجه، حيث أن المجتمع يريد من المرأة الرياضية أن تقوم بالتركيز على واجباتها البيتية والدراسية والخدمية فقط.
    كما أن المجتمع لا يريد للمرأة ان تمارس الأنشطة الرياضية سواء كانت أنشطة فردية، مثل (السكواش، ركوب الخيل، السباحة، رمي الرمح، دفع الجلة)، أو أنشطة جماعية مثل (كرة القدم، كرة السلة، كرة اليد، كرة الطائرة، التنس)؛ وذلك لأن ممارسة الأنشطة الرياضية يخل في سمعتها وسمعة أسرتها وسمعة المجتمع الكبير التي تنحدر منه.
    كما أن ممارسة المرأة للنشاط الرياضي حسب قيم المجتمع لا بُدّ أن تقتل أنوثتها وتجعلها لا تختلف عن الرجال، حيث يتناقض ذلك مع طبيعة مركزها الاجتماعي الذي حدده لها المجتمع، كما أن لبس المرأة للملابس الرياضية وقيامها بأداء وممارسة الحركات الرياضية الخفيفة أو العنيفة أو دخولها في تنافس مع الرجال في السباقات والألعاب الرياضية لا يليق بمكانتها الاجتماعية، حسب اعتقاد أبناء المجتمع، حيث أن المرأة الرياضية تعرف هذه المواقف والانطباعات السلبية التي يحملها المجتمع تجاها عند ممارستها للنشاط الرياضي؛ ولهذا السبب تمتنع عن ممارستها؛ حفاظاً على سمعتها ومكانتها الاجتماعية.
  4. المؤسسات الاجتماعية الرسمية والغير رسمية التي تنتمي إليها المرأة: حيث تُعدّ أحد أهم العوامل الاجتماعية المهمة التي تمنع المرأة على العزوف عن المشاركة في الأنشطة الرياضية مثل (الأسرة، الجامع، المجتمع المحلي، ووسائل الإعلام، المدرسة، الكليات، الجامعات، جماعة الأصدقاء)، حيث هذه المؤسسات لا تشجع المرأة ولا تقوم بإرشدها على أهمية النشاط الرياضي لجسم المرأة وعقلها، كما أن المؤسسات الاجتماعية قد تكون قوى فاعلة وعامل مهم وضروري في عزوف النساء عن المشاركة في النشاط الرياضي، وذلك من خلال ما يلي:
  • إن جميع المؤسسات التي تنتمي إليها المرأة الرياضية مثل المؤسسات الأسرية والمؤسسات التربوية والمؤسسات السياسية والمؤسسات الاقتصادية، تطلب من المرأة تقديم خدمتها عن طريق المهام الإنتاجية والخدمية والتربوية، حيث لا تريد هذه المؤسسات أن تشارك المرأة في ممارسة الأنشطة الترويحية الرياضية سواء كانت أنشطة فردية مثل (السباحة، دفع الجلة، رمي الرمح)، أو أنشطة جماعية مثل (كرة القدم، كرة السلة، كرة اليد، كرة الطائرة)؛ وذلك لأن المشاركة الرياضية تضر بالمهام الإنتاجية والخدمية والتربوية التي تقوم بها النساء في المؤسسات.
  • إن القيم التي تحملها المؤسسات الاجتماعية تجاه مزاولة المرأة للنشاط الترويحي الرياضي، هي قيم سلبية لا تحثّ ولا تشجّع المرأة على ممارسة النشاط الترويحي الرياضي.
  • كما أن أساليب التنشئة الاجتماعية التي تنتجها المؤسسات توجه الأفراد الرياضيين سواء كانوا رجال أو نساء إلى العزوف والامنتاع عن المشاركة في الفعاليات الرياضية؛ وذلك لأن مثل هذه المشاركة الرياضية لا تبني المرأة ولا ترفع سمعتها الاجتماعية، كما أنها تسيء إلى سمعتها الإخلاقية وتعمل على تحطيم شخصيتها.
  • كما أن لا تعمل المؤسسات الاجتماعية سواء كانت مؤسسات رسمية أو مؤسسات غير رسمية على استعمال وسائل الضبط والعقاب الاجتماعي ضد المراة الرياضية التي تتصرف حسب رغاباتها وميولها في ممارسة النشاط الرياضي، حيث أن المرأة الرياضية التي تشاهدها المؤسسة التي تنتمي إليها تمارس النشاط الرياضي في الخارج وأمام أنظار الناس، تلقى اللوم والعتب والمقاطعة والمحاسبة من المؤسسة، حيث أن وجود هذا العامل يدفع المرأة الرياضية إلى العزوف والامنتاع عن الفعاليات والأنشطة الرياضية.

شارك المقالة: