العلاقة بين الرياضة وعمليات التعاون في علم الاجتماع الرياضي:
يُعدّ التعاون في علم الاجتماع الرياضي من أحد أهم المظاهر الإيجابية للتفاعل الاجتماعي الرياضي، حيث أن التعاون يطلق على أشكال العمل الرياضي والتضافر بين الأفراد الرياضيين في سبيل تحقيق هدفهم الرياضي المشترك، حيث أنّ من سمات المجمتع الرياضي المتعاون أنه مستقر ومتوازن، كما تتح له فرص النمو والتغيير والتقدم، حيث يُعدّ التعاون في علم الاجتماع الرياضي ظاهرة اجتماعية تجد صداها القيمي لدى الأفراد الاجتماعيين.
كما تقدم الأنشطة الرياضية ظروفاً ثرية للغاية تحقيق التعاون واكسابه الأفراد الممارسين، باعتبار أن الإنجازات الرياضية في مجملها هي ثمرة التعاون والتآزر بين اللاعبين فيما بينهم، كما أنها أيضاً نتاج تعاون فريق من القادة الرياضيين سواء كان (المدرب، المعاون، الإداري، الطبيب)، كما أن التعبر الإداري الشهير للفريق بأكمله دليل على نجاح الرياضة في تأكيد معنى التعاون، كما يعتبر التعبير الإداري أحد مقومات الرياضة الذي يمارسها الفريق بأكمله.
كما تتفاوت الأنشطة الرياضية من حيث قدرتها على تحقيق قيمة التعاون وإكسابها للممارسين، فعلى سبيل المثال رياضة كرة الطائرة تتطلب قدراً أكثر من ذلك الذي يحدث في التنس الزوجي، بينما لا تتطلب لعبة ريشة الطائرة الفردية لا تتطلب التعاون، حيث يلعب عدد أفراد الفريق دوراً مهماً في تنمية التعاون وتحقيقه.
كما تقدم الأنماط الاستراتيجية للنشاط في الألعاب الجماعية فرصاً طيبة لاكتساب التعاون، كما أن قواعد اللعب الرياضي تساهم في ذلك عن طريق نظام الجزاءات كالطرد الذي يحرم الفريق الرياضي بأكمله من مجهود أحد أفراده، أو نظام الدوران في كرة الطائرة ونظام تحديد عدد لمسات الكرة فيها.
كما أنه في الرياضة تمتزج سلوكيات التعاون بسلوكيات التنافس الرياضي، حيث أن مواقف الحياة الرياضية تشتمل على أنشطة سلوكيات التعاون الرياضي، كما أن أغلب التفاعلات الاجتماعية تتضمن بعض السلوك المتمركز حول هدف معين ومحدد، غير أن نفس هذا الهدف يشتمل على مجموعة مركبة من الأهداف المتوسطة والفرعية، حيث أنّ ذلك يشجع الفرد الرياضي أن يتداخل كل ما لديه من تنافس وتعاون في وقت واحد.
كما أن أعضاء الفريق الواحد يسعون جميعاً إلى تحقيق ترابطه وتضامنه وتعاونه في سبيل إحراز النصر على الفريق الآخر، حيث أن أعضاء نفس الفريق ربما يتنافسون فيما بينهم على جذب الانتباه ولفت الأنظار وعلى أن يصبح نجم المباراة بلا منازع.
كما يجب التمييز بين نوعين من التداخل في علم الاجتماع الرياضي، وهمها: (التداخل على ضوء أهداف الواجب، التداخل على ضوء الوسائل المحققة للواجب)، كما أن الألعاب الرياضية التي تتسم بالتفاعل الاجتماعي وجهاً لوجه مثل كرة القدم أو كرة السلة أو كرة اليد أو كرة الطائرة أو الهوكي، سرعان ما تتغير وتتشكل المعايير، حيث من الضروري أن يرتكز اللاعبون الرياضيون حول صفات مثل الحماس، التعاون، الولاء، الشرف والنظافة الشخصية.
كما أن اتجاهات الأفراد الرياضيين نحو قيمة التعاون تفوق اتجاهات الأفراد غير الرياضيين، كما أن رياضيين الأنشطة الجماعية مثل كرة القدم، كرة السلة، لديهم اتجاهات إيجابية نحو قيمة التعاون أكثر من رياضيين الأنشطة الفردية، حيث تعزى المكافآة التنافسية إلى الموقف الذي يعطي فيه الأفراد المشاركين مكافأة، من أجل تحقيق أهداف على أساس كيفية أداء بعض الواجبات بالمقارنة للأفراد الآخرين.
حيث أنه من منظور الرياضة فإن هذا يعني أن اللاعبين في موقف قد يكون فيه نجاح لاعب وبروزه مصحوباً بفشل لاعب آخر كما في تحطيم أرقام الوثب، كما أن بنية المكافأة التعاونية تختلف عن البنية التنافسية؛ وذلك لأنها تتميز بالعمل والأداء المتبادل بين أكثر من شخص رياضي.
حيث أن المكافأة تقسم بالتساوي بين كل فرد في الجماعة الرياضية أو الفريق الرياضي، كما تتوقف على التحصيل أو الإنجاز الجمعي لكل الأفراد المشاركين، كما يتجسد مفهوم التعاون في علم الاجتماع الرياضي عندما يكون اللاعب في الفريق في وضع يتوقف النجاح والمكافأة فيه على مقدار الأداء التعاوني، والأداء التبادلي المتكامل بين أعضاء الفريق ككل في مسابقات الفريق أو الألعاب الجماعية مثل كرة القدم أو كرة اليد أو فريق التتابع في الجري.
أما بالنسبة إلى المكافأة الفردية لا يوجد فيها أي اعتماد على الأفراد الآخرين، حيث أنّ كل فرد رياضي ممارس يُقيَّم على أساس أدائه الفردي مقارنة بمستويات مطلقة من القياس كالزمن والمسافة، فلا التقييم ولا المكافأة يعتمدان على أداء الأفراد الآخرين، كما أن الجماعة الرياضية على مختلف أنواعها تنحو بشكل مبدئياً إلى تقديم فرص عديدة من العمليات الاجتماعية التي يطلق عليها عمليات وجهاً لوجه، مثل الصراع والتنافس.